من مساوئ عشرية تكسيرِ العظام أنها خلّفت لدينا اعتقاداً بأنّ المعارضةَ واليأسَ من كل ماه حكوميٌ، فضيلة، وكلما كان الإنسان أكثر صراخاً في وجه الجالس في القصر كلما كان أكثر نُبلاً ووطنية ..
وتلك جريمة في حقّ الذهنية العامة للشعب، تَنْضاف إلي لائحة جرائم نظام العصابة العزيزية الأجَايَـةِ المشؤومة، شأنُها شأن نهب الثروات وضرب النسيج الإجتماعي العام في مَقتَل ..
ومن مخلفات ذاك القبح التصوريّ الذهنيّ هبّةُ العاجزين التي لا تُخطؤها العين في الفضاء الأزرق، محملةً الرئيس الحاليّ انقطاعَ الكهرباء هنا والماء هناك، وانسداد الطرق ما بين هذه المدينة وتلك، والتّباري في ذاك وكأنه فضيلةٌ ومَحمَدة وحبٌ للوطن، وهو في حقيقته ليس إلا إفرازاً لكمِّ الإحباط والإنكسار الداخليّ الذي خلّفته العشرُ العجاف بداخلنا ..
لا جدالَ في أن الغزوانيّ صِنْوُ عزيز الناهبين، ولا مِراء في كونه ركناً من أركان نظام شموليٍ فاسد، إلا أنه أيضا لا خلاف في أنه لا علاقة للقائد العام للجيوش أو وزيرِ الدفاع في أية دولة، بقطاعات الصحة والتعليم والطرق والسياسة الخارجية لتلك الدولة ..
لذا، نظلم الرجل إنْ صرخنا في وجهه في شهره الأول محمّلين إياهُ تبعات كوارث تشكّلت أمام أعيننا عشراً عجافاً، وقبلناها إنْ تملًقاً وإن كرهاً ..
فإن كُنا صارخين حباً في الوطن حقاً، فلنخرج إلي الشوارع مطالبين باستعادة ثروات الوطن المنهوبة، ومحاكمة العصابة التي دمّرت اقتصاد البلاد بشكل ممنهج ووقحٍ حَدّ العداء الجليّ ..
أسرة محمد ولد عبد العزيز أباً وأماً وبنتاً وابناً وزوجَ بنت، ولد أجاي وبقية الحُمر المُستنفرة اللعينة، نهبوا ثرواتنا وهم الآن يمرحون ويسرحون بلا حصانة دوبلوماسية، ينعمون بأموالنا، بينما نقبعُ نحنُ ما بين لوحات مفاتيح الهواتف نشتُم الغزوانيّ مُستبقينَ للأحداث، ضاربين عرضَ الحائط بكل ما هو عقلانيٌ ومنصف ..
ما يقوم به البعض، استمراءٌ للعبِ دور الضحية واستلذاذٌ للألم !..
الغزوانيّ في وضع حرج جداً، وهو بالشفقة أوْلي منه بالشتم والتخوين، لقد ورث دولة غارقةً في الدين، دولةً منهارة علي جميع الأصعدة، اقتصادياً ومؤسساتياً واجتماعياً، شركاتٌ أفلستْ وشعب قبائليٌ شرائحيٌ ولوبيات ملعونة تغلغلت داخل جسم الدولة علي امتداد عشر سنوات ..
ليس من السهل أبداً العمل في جوٍ كهذا ..
ضع نفسك مكان الرجل، ثم التفت يمينا ويساراً وفتّش في قطاعات الدولة، بأيّها تبدأ، هل تُعبّد الطُرُق ب ENER التي أفلست، أم ب ATTM التي تحتضر أم بشركات المقاولة الخصوصية التي لا تعرف إلا الربح مَعبوداً ..
هل ستُصلح قطاع الصحة، التعليم، الماء، الكهرباء، إنقاذ الثروة الحيوانية، العقلية، مراجعة صفقات المعادن، الصيد البحري، صفقات التراضي الخ..
كل هذا وأنتَ بعدُ لم تجلس في الحكم شهراً !..
بعضَ الإنصاف، نحن خيرُ من يعلم أن الحكم في إفريقيا والكلمة الفصل تظل للرئيس مهما ضعفَ، فما بالك به جسوراً جهولاً، صارَ جَداً وهو بعدُ لا يعرف كيف يُهجّي الحروف، قد عشعش الجشع في ذهنه، عن عزيز الناهبين _ طبعاً _ أتحدث ..
لم تكن للغزواني كلمة، وإن قرُب من المنبع وعَلتْ رتبته، فاصرخوا في إثر من يشتري بثرواتكم الحلوي في ميادين تركيا وطالبوا بمحاكمته، بل بإعدامه، أو اصمتوا يا هداكم الله، دعونا نأْمل ..
لا تكونوا مع العصابة علينا، هي نهبت الثروات وأنتم تَسدّون علينا فُسحة الأمل، تدميرٌ نفسيٌ بعد تدميري ماديٍ ..
أملنا في الله كبير بأن يجعل في هذا الشائب خيراً، فدعوها حتي تقع، وإنْ _ لا قدّر الله _ وقعت، سنكون له أوّل المنتقدين وفي وجهه أوّل الصارخين ..
لا نأخذُ عليه فوقَ علاقته بالعزيز البلاءِ إلا أنه قادم من رحِم الجيش، وتلك تُغتفر إذا ما تذكّرنا بأن مهندس النهضة الرويندية عسكري، وبأن رئيس الوزراء الإثيوبيً الألْمعيّ، عقيد من الجيش خلع البزّة وأحسن في السياسة حين واتَـتهُ الفرصة ..