تحليل / بويايْ سيدأحمد اعلِ

لاجدال فى أن السياسة لعبة ومن يلعب تلك اللعبة إما أن يتألق وإما ان يحترق نسبيا فى عيون البعض ،لاشيء ايضا مستحيل فى ملعب السياسة وعالم الساسة .فى عالمنا العربي قد تختلف الممارسة السياسية عن غيرها من الممارسات السياسية والديمقراطية فى العالم الغربي ،ففى هرم السلطة السياسية فى عالمنا العربي الحاكم يعتبر نفسه هو الآمر والناهي ويرى أن أوامره يجب أن تطاع ولاتُعصى ولو لم توافق الشرع والقانون ويحيط نفسه فى مخيلة القاعدة العريضة بهالة من القدسية والأبهة قد لايستحقها بفعل أقواله المخالفة فى اغلب الأحيان لأفعاله الدكتاتورية التى لاتستند على تشريع قانوني بقدرما ترتكز على قوة استغلال المنصب وخرق الدستور وتجاوز الإجماع. 

إن مَنْ يتابع ويقرأ حركة الزمن سيدرك أن السلطة لاتقبل القسمة بين إثنين ،إذا ما استثنينا تقاسمها بين بعض الضباط الإنقلابيين عبر التاريخ وتعيين قائد للمرحلة ولكنه قائد يرجع فى كل قراراته لشركائه فى الانقلاب لرسم شكل ومَقاس النظام الذى يتصورون ويريدون .وهنا لابد أن نعى ونفهم أن كل حاكم وصل إلى السلطة عبر كسْر إرادة الشعب بقوة الإنقلابات او بإستخدام واستغلال السلطة _حتى وإن وصل إلى سدة الحكم بإنتخابات وإن قيل عنها أنها نزيهة _ فإنه سيجد نفسه فى مستنقع وحْلٍ فإما أن يحاول أن يبنى سياساته وتصوره مستقلا عن شركاء دائرته الضيقة مما قد لايرقى للُّوبِي المتنفذ الأخطبوط وحينها سيصطدم به ويبدأ صراع هرم السلطة واذرع الدولة العميقة ( المصالح الفردية الضيقة) مما قد يسفر عن ازمة توقف قطار التنمية المتهالك أصلا أو إنقلاب يعود بالدولة إلى مربع الصفر ويدفع الشعب الثمن ؛وإما أن يكون الحاكم حاكما فعلا وينوى اجتثاث الفساد والمفسدين ويتصدى بحزم للذين ينفثون السم ويُجَيشون الشارع ويجعل القبلية والجهوية وراء ظهره ولايلتفت إلى تلك القيود فيبدأ بإجتثاثهم ومواجهتم بيقظة وقوة ، ويرسل رسالة طمأنة فى الحين للشارع بالقيام بإصلاحات جذرية يعيشها ويحسها المواطن البسيط فيكسب بذلك مناعة ضد الاجسام الطفيلية من خلال التفافِ غالبية الشعب عليه الذى يعتبر مصدر الشرعية والقوة للحاكم ويقطع الشك باليقين ويفوت الفرصة على المتربصين بمشروعه الإصلاحى وهذا مايأمله الكثيرون ويتطلعون له .وقبل أن اختم أشير إلى أن المواطنين البسطاء تحت ظل أي حكم تشرئب اعناقهم ويتوقون إلى قطيعة فعلية مع مساوئ الأنظمة السابقة ويتطلعون إلى تصرفات وافعالٍ تؤسس للعدالة والتنمية وتُبعِد شبح الرئيس الظل وتبعث على الإطمئنان على تسيير المال العام ومحاسبة المتهمين وترسيخ ثقافة أن المسؤول خادم للمواطنين وأن المسؤولية تكليف قبل أن تكون تشريف.

 

23. أغسطس 2019 - 6:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا