"شارلي إبدو": الوجه الآخر "للبشمركة"! / عبدالله حرمة الله

alt

(لقد هجرت "شارلي إبدو" وبصفة نهائية تقاليدها في مجال الحرية، لصالح خط " شعوبي/ عنصري".. ينبغي تفادي الخلط بين هذه الصورة المشوهة للإسلام، و الصورة الحقيقية! .. فعدد "شارلي إبدو" لهذا الأسبوع، يجسد العكس، ويغذي اللبس).

باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية/ باريس

يكاد يجمع العارفون بسوسيولوجيا الإعلام الفرنسي، على أن أسبوعية "شارلي إبدو" تجسد الوجه الآخر "للبشمركه" في الديمقراطيات العريقة،عبر أساليبها المشبوهة، ومحتواها الساذج!

منذ نسختها الأولى مطلع ستينيات القرن الماضي "هارا كيري"، فقدت الأسبوعية مصداقيتها الاستقصائية، وتميزها في فضح تنظيمات اليمين المتطرف بفرنسا، كذلك بريق الخيارات اليسارية في مجالات الثقافة والسياسة على حد سواء!

بعد سلسلة الإحتجابات بفعل تراجع عدد القراء، عجز "المشروع" عن معايشة الثقة المرجعية التي تحظى بها سخرية "لكانار آنشني".. ليعود من جديد إلى الأكشاك بلبوس الانتهازية، والابتزاز بخط "شعوبي/ شعبوي"، يتبنى استفزاز المسلمين كوسيلة لكسب قراء/ القطيع، ومانحي الأوساط المتطرفة، المتمسكة بالبعد المسحي/ الصهيوني لأوروبا.

مباشرة بعد نشر ها لأول الرسوم المسيئة لخير البرية، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فتحت لها أبواب "نوادي" الأوساط النافذة في الإعلام والمال والسياسة بالعالم "الحر"!

لقد استدرت أموالا طائلة وشهرة فائقة، بمباركة مانحي مختلف عائلات الإسلام السياسي بالعالم العربي بالذات، للنفخ ملء الشدق في هشيم " حرب حضارات" غيبت عنها النخب المسلمة، القادرة على تفكيك "تقاليد" الجهل التي تغذي محتويات الإعلام الغربي، والإبقاء على سكينة الشارع العربي، ليواجه بالصرامة المطلوبة تحديات الجهل والجوع، وسيادة فتاوي/الخردوات!

"شارلي إبدو" لا تمثل الغرب ولا حتى فرنسا التي شهدت مدنها أثناء مغامرة الحقير "بوش" ببغداد الرشيد، تظاهرات رافضة للاحتلال فاقت في أعدادها وحماسها جميع العواصم العربية والإسلامية!

من يجد مصلحته في أن تقتات الشعوب من "لحم" بعضها، غير ذلك "الغول" الذي يتبنى العنف وسيلة "للوصول".. فالمجتمع المدني بالعالم الإسلامي من هيئاته ومثقفيه، بحاجة لتغيير "واجهته" عبر العالم، حتى تصمد صورته الناصعة التي بهرت نخب العالم فأجمعت على تقدمية بعديه الاجتماعي والاقتصادي، ورقي بعده الروحي، وعبقرية نبيه، محمد صلى الله عليه وسلم.

إن الرد اللائق على مثل هذه الحماقات، يتطلب استعادة الحماس الذي فقده فقهائنا ومؤرخونا.. إضافة إلى استغلال هامش القضاء الذي تتيحه الديمقراطية! ويبقى أهم من كل هذا إلزام المجتمع الدولي بتفعيل قوانين حماية المقدسات وأعراف دبلوماسية التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الأديان والحضارات.

من المخجل أن تتنازل "النخب" عن مسؤوليتها في مقارعة مروجي الأباطيل من متطرفي "الريكار" المسموم، وتروي بدماء شباب العالم الإسلامي شوارع مدنه التي تحولت إلى استوديوهات مفتوحة "لتلفزيون الواقع"، الذي امتلأ به المشهد الإعلامي المرتهن هو الآخر من "متطرفين" لايقلون بلادة عن رسامي "شارلي إبدو"!

عار على الديمقراطيات الغربية، أن تستمر في احتضان سهام "المصلوبين" التي انغرست في قلوب وعقول البشرية باسم "حرية التعبير" التي تتنافى فلسفتها وأساليب النيل من مقدسات وعقائد الأمم! أما "شارلي إبدو" فملعونة إلى يوم الدين، وملفوظة من طرف الأغلبية الساحقة لأمم الشمال وشعوب الجنوب.

سيبقى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الرسول الأمي الذي بهر العالم بدعوته، كخاتم للمرسلين وإمام للنبيئين.. سيبقى في حياة ومعارف الأمم أنبل من وطئ الثرى التي ملأها عدلا وإنصافا.. وبركة لاتنقطع.. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

20. سبتمبر 2012 - 12:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا