إلى أين أو صلنا الخوف منما أوقعنا فيه؟ وإلى متى سنظل خائفين من الاعتراف بواقعنا؟وإلى أين ياترى سيوصلنا الخوف والتجاهل والتغاضي عن مشكلنا الحقيقي؟شئنا أم أبينا نحن نعيش مرحلة من اللاسلم واللاحرب، إن لم تكن الهدوء الذي يسبق العاصفة، أو التعافي الذي يسبق الموت.
والخوف من الخوف إعتراف بسيطرته واستسلام لسلطته، وهو السبيل المؤدي إلى الوقوع في المخيوف منه؛ فالخوف لايجدي إذا لم يكن منما يمكن تحاشيه؛ خلافا لما هو الحال بالنسبة لنا، فمشكلتنا مصيرة لاملجأ منها ولافوت، قضيتنا قضية حياة أو موت، ويترتب عليها مصير أمة ومستقبل مجتمع، قضية وطن لايقبل التجزئة وشعب لايحتمل التفرقة..
مشكلتنا ليست مشكلة تعايش بقدر ماهي مشكلة عيش وحكامة وحوكمة، وقضية العبودية قطتنا جميعا ويجب أن نتحمل مسؤولياتنا إتجاهها، يجب أن لا نتركها للمتاجرة والمناورة كما الممارسة، يجب أن نشخصها بعمق، وندرس واقع ضحاياها بعناية وتمعن، ونضع إستراتيجية ناجعة للقضاء على مخلفاتها واستئصال بقاياها من جذورها.
فقد طفح الكيل ولم يعد لنا بد من كسر هواجس القلق المرضى، وبناء الثقة فى القدرته على التوصل للحلول، ووضع اليد على الجرح والعمل على وقف النزيف، وذلك يقتضي التحرر من الاغلال، وعدم ترك الأمر على أبناء التلال، وعدم الإذعان للخوف من الاصطدام بالظلال، ولو اقتضى ذلك منا الخروج عن الظلال.
آن لنا أن نكسر الروتين ونقف مع الحق إلى أن يستبين، فليس كل التحرريين عنصريين، وليس كل الحراطين معبدين، وليس كل البيظان استعباديين كما ليس كل المتدينين رجعيين، وليس كل الفلاسفة ملحدين، وليس كل الأدعياء محقين كما ليس كل المتنكرين صادقين، وليس كل ادعاء صحيح كما لاينفي عدم صحته صحة غيره.
صحيح أن العبودية كانت موجودة في من كانوا قبلنا - وتلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكتسبت ولاتسألون عما كانوا يعملون، ولاتزر وازرة وزر أخرى - ولاتزال تلاحقنا للأسف بقاياها ومخلفاتها ما يستوجب منا علاجها بعزم والوقوف في وجهها بحزم، لئلا تكدر علينا صوف حياتنا، لكن يجب أن لا يكون ذلك على حساب العمالة المبنية على المنفعة المتبادلة، والتي قد يتضرر من عدمها العامل أكثر من رب العمل في حالة (العمالة المنزلية) التي بين أيدينا، وهو ما يستوجب منا جميعا مطالبة الجهات الرسمية بقوننتها حتى لايلتبس الحق بالباطل، وليقطع الشك باليقين.