موريتانيا بالأرقام (2) / د. سيدي ولد السالم

بعد عرض ما سبق عن البلد و بعض مؤشراته المختلفة، سأتطرق في الجزء الثاني عن اكبر التحديات و المعوقات الاقتصادية خصوصا في بلداننا العربية و الافريقية، ألا و هو الفقر و الأمية.

فرغم تمتع البلد بثروات طبيعية  مختلفة و موقع جغرافي مشجع على التبادل البيني بين الشمال و الجنوب، إلا أنها بالمقابل تقع في منطقة صحراوية شكلت عائقا تنمويا  و تحديا كبيرا في السنوات الماضية، حيث أن 0.5 % فقط من الأراضي تعتبر صالحة للزراعة، مع كثافة سكانية 3.9 شخص في الكيلومتر مربع، لتكون رابع بلد افريقي الأقل اكتظاظا بالسكان. 

تظهر الإحصائيات المختلفة الرسمية منها و الدولية استمرار الفوارق الاجتماعية رغم الجهود و الامكانات التي رصدها البلد للحد من هذه الظاهرة. لقد خصصت الدولة الموريتانية موارد مالية من صادرات النفط للاستجابة لأزمة الجفاف سنة 2011، و بقى رصيده 100 مليون دولار سنة 2013 ليصل إلى 60 مليون دولار سنة 2015.

هذا و قد أدى غياب الاحتياطيات المالية العامة و لجوء الحكومة إلى القروض الثنائية و غيرها من أشكال التمويل الخارجي، إلى تفاقم الدين و زاد من تعرض رصيد الدين لمخاطر تقلبات أسعار الصرف.

رغم ذلك شهدت موريتانيا انخفاضا في معدلات الفقر بنسبة 1% حسب المسح الوطني الدائم حول الظروف المعيشية  للأسر سنة 2014، الذي يشكل أكبر قاعدة بيانات لعرض الواقع الاقتصادي و الاجتماعي للفرد و للأسر، و يسمح   بتوفير مؤشرات تساعد صناع القرار في التخطيط و وضع البرامج التنموية المختلفة، كذلك يمكن من تحديد سلة السلع و الخدمات و مؤشرات تكاليف المعيشة. 

هذا و يعتبر المجتمع الموريتاني شابا، حيث أن أكثر من نصفه شباب تقل أعمارهم عن 20 سنة، بنسبة قدرها 57.1% تتواجد 61.1% منها في الوسط الريفي، مع  متوسط حجم قدره  5.7 فرد للأسرة.

فقد بلغت نسبة الفقراء في موريتانيا حسب آخر مسح إحصائي رسمي 31% سنة 2014، و وصلت عتبة الفقر حسب القيمة الفعلية 169.445 أوقية قديمة، أي أن هذا المبلغ هو المؤشر الذي يميز بين الفقير و غير الفقير، إذ ان كل فرد يصرف أقل من هذا المبلغ يعتبر فقيرا هذا سنة 2014، و يعكف المكتب الوطني للإحصاء على تحديث هذا المؤشر في الأشهر القادمة. 

عند الرجوع إلى الوراء نلاحظ ان هذه العتبة وصلت 129.600 سنة 2008  في حين وصلت عتبة الفقر الحاد 126.035 أوقية قديمة سنة 2014. 

 

حسب المسح السابق تم تقسيم الولايات حسب اتساع الفقر الي اربع مجموعات:

1- ولايات فقيرة جدا بنسبة فقر تزيد على 40% و تشمل كلا من : كيديماغا، تكانت، العصابة و لبراكنة.

2- ولايات فقيرة و مؤشرات الفقر فيها ما بين 30% و 40% و هي الحوض الغربي،  كوركول، ادرار و اترازة.

3- ولايات تصل نسبة الفقر فيها ما بين 20% و 30% و تشمل : الحوض الشرقي و اينشيري.

4- ولايات نسبة الفقر فيها أقل من 20% و هي تيرس الزمور، نواذيبو و نواكشوط.

ففي المجموعة الأولى  وصلت نسبة الفقر 49.1% في ولاية كيديماغا و 49% في تكانت، تليها العصابة ب 43.5% و لبراكنة 43.3%.

و في المجموعة الثانية تصل النسبة 32% من الفقراء في البلد حيث ان 39% في الحوض الغربي، 38% في كركول و 37 %  في إدرار و اترارزة 32%.

أما المجموعة الثالثة فقد وصلت 11.3% من مجموع الفقراء.

وفي المجموعة الرابعة وصلت النسبة 15.3%.

بعد تحليل عتبة الفقر حسب الوسط اتضح ان الفارق النسبي بين المصروف السنوي المتوسط  لفقير ريفي يصل 31،7% إي 53.600 أوقية قديمة مقابل 26% بالنسبة لفقير حضري اي 44.100 أوقية قديمة.

أي أنه لاستئصال الفقر على المستوى الوطني  لابد من  زيادة المصروف السنوي المتوسط للفقير ب 51.100 أوقية  قديمية حسب معطيات الاسر لسنة 2014.

لا بد من الاشارة إلى أن مؤشر الفقر تراجع ما بين سنة 2014 و 2008 في جميع الولايات باستثناء ولاية تيرس الزمور التي زاد فيها بنقطة واحدة .

 

بخصوص نواكشوط، يعود ارتفاع معدلات الفقر فيه إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة  و المحلية و نزوح الفئات الفقيرة من الريف الى العاصمة ايضا، هذا و من الملاحظ  ان 54% من سلة الاستهلاك للأسر هي مواد غذائية في العاصمة. 

حسب المسح المعيشي فقد وصل سعر الأرز المستورد أكثر من ضعف سعره العالمي و القمح 60%، كما اظهر وجود اتجاهات احتكارية في سوق استيراد المواد الغذائية. 

تتضاءل توقعات الحد من الفقر في موريتانيا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الغير مؤاتية، فعلى الرغم من قدرة إنتاج الأرز المحلي على المنافسة مازال المستهلك الوطني يفضل الأرز المستورد، و هذا ما أبقى على استمرار ارتفاع الطلب على المستورد. إذا ان ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤثر سلبا على أهداف البلد المتعلقة بالحد من الفقر.

 

لقد أعد البنك الدولي دراسة تشخيصية  من أجل القضاء على الفقر في موريتانيا، و هي تعتمد مجموعة من المعايير القياسية الكمية و النوعية، من أجل تحديد المعوقات الملزمة ذات الأولوية عبر ثلاثة محاور: الموارد، السياسات و المؤسسات.

من حيث الموارد يجب التركيز على كيفية إشراك الفقراء في الموارد من خلال أسواق الشغل و المنتجات و من خلال المخصصات الغير السوقية (القطاع العام او المعايير الاجتماعية).

بالنسبة إلى التأثير الذي تمارسه السياسات و المؤسسات على استخدام الموارد، يجري أيضا تقييم لتصميم السياسات ذات الصلة التي تؤثر على تنفيذها.

تقييم المؤسسات ذات الصلة التي تؤثر على تنفيذ السياسات، يتم التقييم على اساس البئة المخولة للتنفيذ و القدرة على التنفيذ و الافق الزمني اللازم للتغيير و درجة التكامل بين مختلف التدابير المقترحة.

 

بخصوص الأمية  في المجتمع الموريتاني التي سنخصص لها عرضا خاصا بها،  فهي تمثل 31% في الفئة  العمرية 15 سنة  فما فوق  سنة 2014 و كانت ادنى نسبة في الوسط الحضري 20.6% مقابل 42.9 % في الوسط الريفي.

على مستوى الولايات مثلت كيديماغا أعلى مستوى للامية بنسبة قدرها 58.5% و تيرس الزمور بأدنى مستوى حسب الولايات ب 10.2%.

28. سبتمبر 2019 - 21:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا