المعارك الكبرى التي تخوضها الأمم من أجل تنميتها وتقدمها تعتبر معارك مصيرية تستدعي قدرا من التحضير والتخطيط والانضباط ورص الصفوف حتى يكون الانتصار فيها فوريا وحاسما.
ولا شك أن من يسعى إلى الفوز في مثل هذه المعارك عليه أن يحرص أولا على أن يكون العقل المجتمعي لديه ناضجا والجسم سليما والفكر مستنيرا والأمن مستتبا، وهذا أمر بالغ الصعوبة لكنه ضروري إذا ما قورن بالنتائج التي يجري العمل على تحقيقها في ميدان متشعب مثل المجال التنموي بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وللشروع في كسب معركة كهذه قامت حكومة معالي الوزير الأول المهندس اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا خلال الفترة القصيرة الماضية بالعمل على وضع استراتيجية متكاملة البنية واضحة المعالم جعلت التعليم أبرز اهتماماتها، حيث حرصت على أن يكون الافتتاح الدراسي ناجحا، وسخرت لذلك ما هو متاح من وسائل، فوضعت الوثائق التي تؤطر للواقع الجديد وتفرض تجسيده، ولذلك أصدرت وزارة التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني ووزارة التعليم الثانوي والتكوين التقني والمهني بيانا مشتركا أبرزتا فيه الحرص على القيام بإجراءات تفرض حضور الافتتاح الدراسي في يومه المحدد، ثم الشروع بإجراءات إدارية تلزم متابعة أداء المعلم وتسعى لتفعيل النظام الداخلي للمؤسسات مع ضرورة احترامه بما يوفر البيئة المناسبة لتعليم قادر على أن يؤدي دوره ويؤتي أكله.
وفي مجال آخر بدأت الحكومة العمل على رسم سياسة وطنية تضمن للفقراء حقهم في الزكاة من خلال إنشاء هيئة وطنية تعنى بالزكاة والأوقاف، لتوفر بذلك حاضنة رسمية تحفظ حقوق الفقراء وتسهر على إقامة ركن أساسي من أركان الدين الإسلامي وفق خطة محكمة تراعي حقوق الكل دون محاولة التخلي عن حقوق طرف أو إرادة التجني على أملاك طرف آخر.
ثم جاء القرار الصادر من وزارة الصحة والرامي لحصر استيراد الأدوية لدى جهة حكومية معلومة، ليؤكد أن الحكومة تولي أهمية حقيقية لا مراء فيها للمواطن، وتسعى جاهدة لتجنيبه الآثار الكارثية والخطيرة للأدوية المزورة التي أنهكت جيبه وأضرت بصحته.
وفي جانب آخر ولتسير قاطرة تنمية البلد في أمان واطمئنان جاء إعلان وزارة الداخلية عن رفع الكفاءة الأمنية والعسكرية لقوات الأمن والجيش كخطوة مهمة في هذا السياق، لتكون نفس المواطن مطمئنة أن هناك عينا ساهرة تحرص على أن تسير قاطرة التنمية في ظروف ملائمة ودون منغصات.
ثم - ولكي تَغيب النزعة المتفردة باتخاذ القرار- بدأ التشاور مع الطبقة السياسية والانفتاح عليها كبادرة حسن نية تخرج جميع أطياف المشهد السياسي من حالة الانكفاء الذاتي والانزواء المرحلي إلى حالة من التواصل والتشاور لكسب تحدي التنمية الشاملة التي لا شك أن الجميع بحاجة إلى الظفر بها. فكانت لقاءات فخامة رئيس الجمهورية مع أغلب الفاعلين المؤثرين في الحقل السياسي عامل وحدة صف يحتاجه البلد وتفرضه المرحلة الراهنة.
هذا الحراك المستمر والهادئ على الأصعدة السالف ذكرها يؤكد حقيقة أن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني يوجه عمل الحكومة بحكمة وتبصر، ويتابعه بجد وصرامة، وأنه ماض في تطبيق برنامج "تعهداتي" الذي تشكل الاهتمامات المذكورة بعض أوجهه واللاحق منه سيكون أفضل بإذن الله.
ولكي نواكب هذا التحول المبهر يتوجب علينا أن نكون على قدر التحدي وعلى مستوى المسؤولية، عبر الإسهام قدر المستطاع في هذه المعركة التنموية الكبرى حتى يتحقق النصر المؤزر فيها. وعندئذ فقط سيكون كل منا مواطنا صالحا يؤدي واجباته كما يعرف حقوقه.