الحكومة الموريتانية على مواقع التواصل الاجتماعي: حضور محدود وأحياناً غير ملتزم بالدستور الموريتاني!
في هذا العصر الرقمي، ومع الانتشار المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الحكومات ومسؤولو الدول والمنظمات الأممية تستخدم هذه المنصات للتواصل مع الجمهور وتمرير الرسائل عبرها. تتيح هذه الوسائل كثيراً من المرونة والسرعة رغم ما تطرحه من تحديات مرتبطة بالثقة والمصداقية، لكنها ركْبٌ لم يعد التخلف عنه ممكناً في هذا الزمان.
في موريتانيا، تزايد مؤخراً حضور منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير ويرى بعض المراقبين أن هذه الوسائط أصبحت مؤثرة فعلاً في المجتمع وتوجهات الرأي العام بل حتى في صُنع القرار رغم ما يعتري استخدامها من فوضى ومزاجية وغياب تطبيق ضوابط قانونية فعلياً للنشر عليها. رغم كل ما سبق، يبدو أن الحكومة الموريتانية ما زالت تولي أهمية ضعيفة جداً لهذه الوسائل أو تنظر إليها بتوجُّس وتخوف ربما لأنها خارجة عن الضبط التقليدي للجماهير ولأن التواصل عليها لا يكون من طرف واحد يُملي ما يريد دون أن تكون هناك فرصة للعامة للتعقيب والنقاش.
بعملية رصد وبحث بسيطة على هذه لمنصات تكاد لا تجد أي حضور لوزاراتنا المختلفة، وإن وُجدت فيكون حضورها باهتاً تقليدياً غير مساير للتطور الهائل لهذه المنصات وأساليب النشر والتفاعل عليها. فمن أصل 21 وزارة (بينها مفوضيتان) 5 وزارات فقط لديها حسابات فاعلة ومحدّثة بدرجات متفاوتة على مواقع التواصل. هذه الوزارات هي: الشؤون الاجتماعية، التجهيز، التنمية الريفية، الشباب والرياضة، والطاقة والمعادن. تتميز وزارة الطاقة والمعادن بأن لديها حساباً على تويتر إضافة إلى صفحتها على فيسبوك بينما يبدو أن القائمين حالياً على صفحة الشباب والرياضة غير معنيين بالالتزام بالمادة الدستورية السادسة التي تعتبر العربية اللغة الرسمية للبلاد أو هم غير مهتمين بالوصول للجمهور الناطق بها إذ إن محتوى صفحة هذه الوزارة مثلاً طوال عام 2019 نُشر بلغة لا محل لها من الدستور.
مُعظم ما يُنشر على صفحات هذه الوزارات الخمس يكون غالباً نتاج عملية قص ولصْق لبيانات وإيجازات صحفية أو تغطيات إعلامية مدعومة بصور ثابتة وهو ما يجعل المحتوى بعيداً في معظمه عن أسلوب النشر على هذه الوسائط ومعاييره وطرقه الخاصة التي تختلف عن الإعلام التقليدي. رغم ذلك فهذه الوزارات الخمس أفضل حالاً من ناحية وتيرة التحديث من وزارات أخرى (3 وزارات) لديها صفحات على فيسبوك مثلاً لكن بعضها لم يُنشر عليه أي محتوى منذ 2018 أو منذ 2013 في بعض الحالات، وبعضها توجد باسمه أو باسم قريب منه أكثر من صفحة على فيسبوك غير محدّثة وغير موثّقة كما أن صفحة وزارة من هذه الوزارات الثلاث ما زالت تحمل اسماً قديماً لها قبل إعادة الهيكلة الأخيرة ولم يُنشر عليها أي مضمون منذ تغيير هيكلتها تقريباً.
بقية التشكيلة الحكومية البالغ عددها 13 وزارة لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل نهائياً ومنها وزارات تُعتبر نظيراتها إقليمياً وعالمياً من أنشط الوزارات على هذه الوسائط مثل الداخلية والخارجية والتعليم لما لها من أهمية لدى الجمهور داخلياً وخارجياً ولما تتيحه هذه الوسائط الجديدة من سرعة وتفاعلية في الخطاب تحتاجه هذه الوزارات بالذات. كما أن إحدى هذه الوزارات الغائبة لم أستطع الدخول إلى موقعها المتاح في قائمة مواقع الوزارة الأولى وهي -ويا للغرابة- الوزارة الوصية على تقنيات الاتصال والإعلام. اسم هذه الوزارة أصلاً يثير كثيراً من اللبس حول معناه، فهل المقصود فيه هو الإعلام كما نعرفه أم تقنيات الاتصال؟ بسبب تعامل سابق معها أو مع القطاع الذي ضُمّ لها مؤخراً أدركت أن المقصود ليس الإعلام الذي نعرفه في مجال الصحافة، لكن اللبس يظل موجوداً حتى الآن.
عموماً، الحضور الرسمي الموريتاني ضعيف جداً على مواقع التواصل رغم محاولات بعض الوزراء السابقين والحاليين دخول غمار هذه الوسائط لكن استخدامهم لها يظل ذا طابع غير رسمي إذ إن جميع حسابات هؤلاء على فيسبوك أو تويتر هي حسابات شخصية كما أنني لم أقف على أي حساب موثّق بالعلامة الزرقاء لأي وزير حالي أو سابق ولا لأي صفحة أو حساب للوزارات أو المؤسسات الرسمية الموجودة على مواقع التواصل.
يغيب بغرابة كثير من مؤسسات الدولة المهمة عن مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية التي لم أجد لها أي موقع إلكتروني أصلاً، ولكننا نجد في المقابل حضوراً متميزاً لبعض المؤسسات الرسمية على مواقع التواصل مثل البنك المركزي الذي لديه صفحة على فيسبوك وحساب نشط على موقع "لينكد إن" المهني.
في الأخير، يلاحظ أي متصفح لمواقع الوزارات الموريتانية انعدام التنسيق فيما يخص الهوية البصرية والألوان إذ إنه رغم التزام معظم الوزارات بألوان الشعار والعلم الرسمي أو تدرجاتها فإن هناك وزارات تستخدم مواقعها ألواناً بعيدة كل البعد عن ذلك من قبيل الأزرق والوردي والبرتقالي. كما تكثر الأخطاء الإملائية والتقنية أحياناً ويندر تحديث المحتوى مع اختلافه أحياناً بين اللغتين العربية والفرنسية كماً وكيفاً إلى غير ذلك..
هذا كلُّه في رأيي يستدعي إطلاق خطة واضحة وصارمة لهذه الإشكالات تسعى لوضع وتنفيذ استراتيجية إعلامية عامة وموحدة للحكومة في هذا المجال وتهتم بتفاصيل الهُوية البصرية واللغة وتطورات الإعلام الجديد. إنجاز هذا أمر هيّن إن كُلّف به الأشخاص المناسبون، وهُم كُثُر، إذ إن كل هذه الوزارات لديها ملحقون ومستشارون إعلاميون كما هو حال مؤسسة الرئاسة ولكن ربما تنقصهم الموارد والإرادة السياسية وروح الإبداع والمبادرة رغم أن منهم متخصصين أكفاء.
=====
أدناه قائمة الوزارات مع معلومات عن حضورها على مواقع التواصل وعن خصائص موقعها الإلكتروني:
- وزارة العدل: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل.
- وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وليست هناك روابط على موقعها لهذه المنصات أصلاً.
- وزارة الداخلية واللامركزية: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل.
- وزارة الاقتصاد والصناعة: لا وجود لهذه الوزارة (بهيكلتها الحالية) على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل.
هناك صفحة غير موثّقة على فيسبوك تحمل اسم وزارة الاقتصاد والمالية يبدو أنها كانت في زمن الهيكلة السابقة للقطاع، وآخر تحديث مهم لمضمونها كان بفيديو للوزير السابق ولد أجاي نُشر في 27 يوليو 2019، ثم تلاه في يوم 29 أغسطس 2019 تغيير الصورة الغلاف للصفحة بوضع اسمها الجديد الاقتصاد والصناعة..
- وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل.
معظم ما يوجد في موقع هذه الوزارة كلام إنشائي إذ لا توجد مثلاً أرقام بعدد المساجد ولا عدد المحاظر التابعة للوزارة، وتكثر الأخطاء الإملائية في محتوى موقع الوزارة للأسف.
- وزارة البترول والطاقة والمعادن: لديها حساب على تويتر وصفحة على فيسبوك وهي الوحيدة التي يمكن الوصول إلى حساباتها على مواقع التواصل عبر الروابط المخصصة لذلك في موقع الوزارة.
- وزارة الوظيفة العمومية والعمل وعصرنة الإدارة: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل.
- وزارة الصحة: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، ولا توجد بموقعها روابط لمنصات التواصل الاجتماعي.
- وزارة الصيد والاقتصاد البحري: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل. موقع الوزارة يستخدم اللون الأزرق أساساً في هويته البصرية
- وزارة التجارة والسياحة: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل. موقع الوزارة يستخدم اللون البرتقالي أساساً في هويته البصرية
- وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي: توجد صفحة غير موثّقة على فيسبوك باسم الوزارة لكن آخر تحديث لها كان في 26 يوليو 2013. رغم ذلك لا توجد روابط لمنصات التواصل الاجتماعي بموقع الوزارة تنقلك لهذه الصفحة.
- وزارة التنمية الريفية: لدى هذه الوزارة صفحة على فيسبوك ولكن موقعها لا يتيح الانتقال إليها مباشرة.
- وزارة التجهيز والنقل: لدى هذه الوزارة صفحة على فيسبوك ولكن موقعها الذي يستخدم أيضاً اللون الأزرق في هويته البصرية لا يتيح الانتقال إلى هذه الصفحة.
- وزارة المياه والصرف الصحي: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل، وروابط منصات التواصل في موقعها لا تعمل. موقع الوزارة يستخدم اللون الأزرق أساساً في هويته البصرية
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الاتصال والإعلام: لم أجد لها أي حضور على مواقع التواصل. ويبدو أن وصاية هذه الوزارة على قطاع تقنيات الاتصال الذي يُفترض أنه المسؤول عن تنفيذ رؤية الدولة في رقمنة الحكومة لم تشفع لها في أن يكون لديها موقع إلكتروني مفعّل حيث إن رابط الوزارة الموجود في قائمة مواقع الوزارة الأولى ينقل نحو موقع غير فعال. بعد البحث يتضح أن لدى لوزارة موقع آخر غير الذي يتوفر في قائمة الوزارة الأولى ولكنه أيضاً غير فعال ولم أتمكن من الدخول إليه. ويثير جزء من اسم هذه الوزارة إشكالاً كبيراً، إذ يبدو أن المقصود بالإعلام والاتصال في الاسم هو قطاع تقنيات الاتصال (Telecommunication) وليس الإعلام والصحافة، وهو لبس يعاني منه كثيرون من المتابعين.
- وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة: لم أجد لها حضوراً على مواقع التواصل، ولا توجد بموقعها روابط لمنصات التواصل الاجتماعي. الهوية البصرية لموقعها ذات زخرفة فريدة بدرجات ألوان مميزة بها الأخضر والأصفر مع ألوان أخرى.
- وزارة التشغيل و الشباب والرياضة: لدى هذه الوزارة صفحة على فيسبوك يمكن الوصول إليها عبر رابط فيسبوك في موقع الوزارة، لكن القائمين على هذه الصفحة الآن يبدو أنهم لم يسمعوا بعد أن اللغة الرسمية للبلاد هي العربية حسب المادة السادسة من الدستور الموريتاني إذ لم أقف على أي منشور للصفحة باللغة العربية منذ يناير 2019، كما أن اسم الصفحة نفسها مكتوب بالفرنسية حصراً.
- وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة: لدى هذه الوزارة صفحة على فيسبوك ولكن موقعها لا يتيح الانتقال إليها. موقع الوزارة يستخدم اللون الوردي أساساً في هويته البصرية، ربما مرد ذلك وصايتها على "قطاع المرأة"
- وزارة البيئة والتنمية المستديمة: لم أجد لها حضوراً على مواقع التواصل، ولا توجد في موقعها روابط لمنصات التواصل
- مفوضة حقوق الإنسان والعمل الانساني والمجتمع المدني: توجد صفحتان على فيسبوك تحملان اسمين قريبين من اسم هذه المؤسسة الوزارية. إحداهما: مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني وآخر تحديث لها كان في 18 نوفمبر 2017 والأخرى صفحة مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني وآخر تحديث لها كان في 25 يوليو 2018. موقع المفوضية لا يتيح روابط منصات التواصل، ولذلك يصعب التأكد من تبعية أي من الصفحتين هي الرسمية وهما غير موثقتيْن طبعاً. هناك أيضاً إشكال تشابه اسم المفوضية نفسها مع عدة مؤسسات رسمية أخرى معنية بحقوق الإنسان.
- مفوضية الأمن الغذائي: لم أجد لها أي صفحة أو حساب على مواقع التواصل، رغم كثرة المنشورات المتاحة عن نشاطها من صفحات مختلفة. كيف لا وهي "الدولة" بالنسبة لأهلنا سكان القرى وآدوابة. موقع المفوضية أيضاً لا يتيح أي روابط لمنصات التواصل الاجتماعي.