الا بلغا سيداتي ان كنت غاديا رسالة قاض بالعيون دعي بيا
أشاعر موريتان أرقت مقلتي و ذكرتني عهد الصبا و شبابيا
بترداد بيت للملوح موهنا دعوني دعوني قد أطلتم عذابيا
فردده لي وهنا ببيك بلحنكم فمن لحنكم أشفي همومي و دائيا
الابيات, للقاضي بيا ولد سليمان الناصري رحمه الله , مخاطبا صديقه الفنان سيداتي ولد آبه رحم الله الجميع , صحبة , علاقة , محبة , عرفها الموريتانيون وعاشوا عليها بمختلف شرائحهم ( ايكاون , احراطين , اكور , بيظان , امعلمين , طلبه , ازوايه , اعرب ) تعايشا سلميا و تنوعا ايجابيا بناءا , هكذا كنا في ظل الدولة الواحدة تحت السقف الواحد , سقف " لا اله الا الله محمد رسول الله " , فكلنا مسلمون و الصلاة علي جنائزنا جميعها حق علينا جميعا , و لا أحد يمتلك الجنة ليدخل فيها من يشاء أو يمنع عنها من يشاء , الله وحده ولي ذلك و القادر عليه , و الغيرة علي الدين ليست في التهرب من الصلاة علي جنازة فلان او علان بحجة انه فنان , حجة باطلة و قراءة خاطئة لمفاهيم الدين , والمتوفي رحمه الله كان يشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله بل كان يرددها غالبا في ألحانه و أغانيه و هي خصلة تميز بها الفنانون الموريتانيون , يكثرون من قول لا اله الا الله و من الصلاة علي رسول الله , صلى الله عليه و سلم , فخر تعتز به البلاد و نعمة تعكس أصالة شريحة " ايكاون " و تمسكهم بدين الاسلام , فاللهم أرحم سيداتي ولد آبه و ديمي بنت آبه و أرحم اللهم عمري ولد أعمر تيشيت , يقول القاضي بيا ولد سليمان :
أشاقني بالشدو المرونق و الشعري رنين قتار الشاعر المرتقي عمري
فبت ذريف الدمع أنصت جاثما أكفكفه سحا الي مطلع الفجري
يردد لي شعر الحطيئة و الخنسا و قيس و أعشى و الحماسة من عمري
فبالله اسمع لي قتارك ممزجا برناتك المثلي و ردد لي يا عمري
مفلجة الاسنان لو أن ريقها تداوى به الموتى لقاموا من القبري
مرحلة من العمر, فتوة , عفة , صفاء و نقاء وعلم و علماء موسعين ميسرين لا معسرين و لا متشددين بل مضيقين الحرام و جاعلين دائرة الحلال كما أقرها الله كبيرة واسعة .
تلك نماذج قليلة في بلاد شنقيط , فقد كان احتكاك و علاقات بين علماء و شعراء وفنانيين ولا ضير , هكذا كان سلفنا و لا شك أنهم أفضل منا , فأنى لهذا " المفتي " بفتواه و أن الفنان لا يصلي عليه , أم هو التفيقه في الدين , وظهور المتفيقهين , المتعطشين علي اصدار فتاوي الحلال و الحرام و التكفير و التبديع , و .... و , وأخيرا ان كان الأمر كما قيل و ان مفتي بلاد شنقيط قال ما قيل فلا بد للدولة أن تقيل و ان تسارع بآخر بديل .