تمييع المعايير يعيق حرية الاعلام / سيدي عيلال

شكل الإعلام قطب الرحى في الأحداث التي غيرت وجه العالم المعاصر وساهم بفعالية في تدويل قضياه وتقارب مجتمعاته وأستطاع عمالقته صنع رأي عام وجه سياسات كبريات الدول وخلق العديد من مجموعات الضغط وأشعل نيران التنافس وأحيانا نيران الحروب الدامية. وكانت ولا تزال منطقتنا العربية خصوصا والإسلامية عموما بقعة استهداف ملتهبة فشُرع احتلال فلسطين وثُبت وجود إسرائيل ودمرت دول عربية ذات سيادة وتاريخ وقُسمت أخر ، ورُسخ في الأذهان إمكانية استمرار الوضع الراهن ،لذالك كنا أكثر ألأمم اكتواء بسلبيته وأقلها استفادة من إيجابيته وإن تفاوتت تأثيراته علي الأنظمة وفق سياساتها وأولويات تلك السياسات .

وبما أننا في شنقيط أرض المنارة والرباط نمتاز بحداثة التشكل وفُجائية النُّقلة وعفوية التصور وبساطة التدبر كان تعاملنا مع ألإعلام ـ السلاح الفتاك أو البلسم الشافي ـ كفهمنا لصيرورة الحياة نفسها ، مما فتح الباب واسعا لكل الهمم فرُكب بساط الإعلام حيثما جرت رياحه،إلا القلة القليلة التي كتبت عن الوطن بمداد حبه وللشعب توجيها ودعما ومؤازرة وصانت كبرياء الحرف في أحلك مراحل تاريخه ، واليوم وبعد سنين عديدة من عمر تجربتنا تحت مقص الرقيب تارة أو علي أشرعة التحرر تارة أخرى ، هانحن نرسم صورتنا ونترك انطباعنا ونأخذ مكانتنا في جمهورية أو مملكة الإعلام المسيطرة باستحقاق تارة وبالتزييف تارة أخرى وهاهي الدولة الوطنية الحاضن والجلاد تمارس سياسة النأي بالنفس دون المال لتفسح المجال لكتائب المقروء والمشاهد والمسموع حتى يرتبوا ارضية معركتهم ويحددوا أهدافها ووسائلها فهل ما صنعت الدولة هو الصواب ؟ أم أنها فسحت المجال لكتائب تسيطر علي سلاح توشك ان تصيب ذخيرته الجسد الواحد لتأكل نار رغبته وغريزته أخضره على قلته ويابسه علي شدة قابليته للاشتعال ؟ وهل إعلامنا فعلا تجاوز مرحلة الحضانة وهل كل حضانة لا بد ان تكون بولاء ؟

  أم أن سن مراهقته نضج حتى ميز بين الدعم والأجر والولاء وبين الوطن وحلفائه ؟ وهل صحوة الضمير طبيعة أم أنها لحاجة في نفس صاحبها ؟.

أتمنى من كل قلبي أن نُحكم الضمائر في مداد أقلامنا وأن نطلب الحقيقة والصواب وأن ننتصر للمظلوم وأن نواجه تحديات المرحلة بعقولنا لا بعواطفنا وأن ندعو للجميع بالخير والرفاه فالوطن أولى بالجهد وتغذية الصراع مدفوعة الثمن من الجميع وتزكية الجهد بالاعتراف بقدرته وحجم مساهمته لا بتضخيمه ولا بنفخه .

ان حرية الاعلام مكسب توشك ان تفتك به دوائر الاحتكار وتقاعس الجهات الوصية عن تطبيق الاصلاح وتنفيذ البرامج التي تؤكد صدق النوايا في اتاحة فرصة المنافسة الشريفة وتأكيد حياد الهيئات المشرفة من خلال تحديث التعامل مع المؤسسات الاعلامية قصد دعم انتاج اعلام وطني متحرر من الاغراء والزبونية ودعم الاحتكار وعلى هذه المؤسسات ان توفر الوسائل الكفيلة بضمان الحياد والجدية والنزاهة وحسن المشاركة فلقد سئمنا من تحكم التحالفات وهيمنة الزعماء والشيوخ على مهنة يجب ان يتمكن من الولوج اليها كل اصحاب الكفاءة والاختصاص دون ان يتم توقيع صك ولاء او اعلان بيعة لأي جهة فالبيعة والولاء للوطن والشعب ومن اجلهما فقط

31. أكتوبر 2019 - 12:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا