لا تسعى هذه السطور لمهاجمة النسوية كفكرة أو كمبدأ ولا لتقزيم دورها ، ففي كل آيديولوجيا صالح و طالح كما هو معروف عند كل من ألقى الله في قلبه النور و هو بصير.
لسنا بصدد مناقشة النسوية
كموضوع عقدي عليه خلاف كبير، ما يهمنا هنا هو إثارة الموضوع للنقاش و الكشف قدر الإمكان عن واقع عدم تقبل مجتمعنا لها كفكرة.
أين هو مكمن الخلل؟ وما الطارد! المنفر ! من الاصطفاف مبدئيا حول الفكرة؟
النسوية باعتبارها آيديولوجيا ترمز إلى تغير علاقات القوى الاجتماعية التي تقمع و تستغل و تهمش المرأة على أساس النوع الاجتماعي أو العمر أو الإعاقة أو العرق أو الدين أو القومية أو الطبقية أو الطائفية أو الأصل الإثني نحن فطريا معها, ندعمها واقعيا و نصطف معها حتى دون أن نشعر أننا نتفق معها في الطرح، لكننا كأفراد و كمجتمع محافظ يمثل الإسلام قيمة أساسية في حياتنا بصفتنا أكثر الشعوب محافظة وتدينا لا نريد نسوية تسعى إلى مساواة ساذجة بين الجنسين, لا نريد نسوية تحمي الشواذ و تؤيد العقوق و الانحلال بل و الإلحاد تحت غطاء المطالبة بحق الحرية,
لا نرغب أن تتكاثر بيننا كائنات ملوثة للفكر, ضائعات العقيدة منحرفات السلوك أعني النسويات اللتي يغرزن أظافرهن في ثوابت الدين و القيم و الأخلاق, المتطرفات اللتي يطالبن بإلغاء العائلة كفرصة لتحرير المرأة و انعتاقها من علاقة السلطة و القوة على حد تعبيرهن في حين أن شريعة الله فرضت البرور و طاعة الوالدين إلا في ما حرم الله, ففي هذا تعد سافر على حدود الله.
و أريد هنا أن أقدم لهن نصيحة; هي أن يعين جيدا أن الإطاحة بثوابت التمييز و الاضطهاد ضد المرأة لا تكون بخلع رداء العفة و لا بالسفور و التطاول على الرموز و ضرب العلاقات الإنسانية في مقتل, بل تكون عبر مراجعة بنيوية تهدم أسس الهيمنة و الاستغلال، و لا تكون بالشعارات الساذجة دون طرح عميق و نقد بناء يساهم في تحقيق وعي جمعوي جديد مساند لا منفر منه لقضية جوهرية كهذه.
فرغم توفر وسائل الإعلام المرئية و المسموعة
و المطبوعة، و رغم توفر منصات الإعلام الأخرى، فنادرا ما تجد من النسويات من تقدم طرحا متكاملا و عقلانيا عن واقع المرأة المزري, ينطبق ذلك على الحلول و المقترحات, بل إن من تتصدرن المشهد منهن كونهن حقوقيات مدافعات عن النساء هن عبارة عن نموذج رديء لا يمثل المرأة المسلمة الموريتانية في شيء لا في الأفعال و لا في الأقوال و لا يمكن اتخاذهن قدوة لبناتنا, و محكوم عليهن بالفشل و السقوط لأن ظهورهن بهذه الطريقة أضر بالنسوية كفكرة و جعل منها موضع رفض و أصبح من الضروري الحرص على تحصين بناتنا باعتبار المرأة تمثل ركنا مكينا في التربية الإنسانية و ثقافتنا الإسلامية, زد على ذلك كونها المحصن الأول للجيل الناشئ، فهي الأم و الأخت و الزوجة و المربية...
على هذا الأساس فإنه من الواجب الملح إعدادها إعدادا متكاملا من جميع جوانب شخصيتها للقيام بكل المهام العملية التربوية المنوطة بها, و لا يكون التحصين إلا بالعلم و المتابعة و غرس القيم الفاضلة و الأخلاق الحسنة لديهن و هن في عمر الزهور، و إبراز القدوات الصالحات عبر تاريخ أمتنا المجيد، و من الواقع المعاصر، و حث بناتنا على الاقتداء بأزواج النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم و الصالحات و الناجحات الجادات في كل العصور.
و عليه فإن ما يوجد هنا من النسوية هو قشور القشور، ما هو متواجد ليس إلا عبارة عن خطاب بائس لشد الانتباه و التغطية على الأفعال، و إظهار المرأة ككائن معادي للرجل.
أهيب بكن أن تترفعن قليلا "إن الله لا يغير. ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
و المسلمة القرآنية تقول "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".