بين "أخطاء" لجنة المسابقات، وخطيئة من أكرهها على الوقوع في تلك الأخطاء الصغيرة / محفوظ الحنفي

كفى تجاهلا للحقائق الكبرى، وهروبا من مواجهتها، وكفى تسلطا على "صغار" الموظفين، وتبجيلا لكبار المخطئين..

كل ما ننقمه على اللجنة الوطنية للمسابقات يتحمل النظام "السابق" كبره ووزره الأعظم..

أجل؛ فليس من السهل ولا البساطة إجراء امتحان لألوف المتسابقين في وقت واحد وفي ظرف وجيز ومضغوط..

لقد أراد الرئيس السابق أن يحتكر لنفسه كل نعمة على هذا الشعب "الأبله"، وأن يخلد ذكره وشكره بأي وسيلة؛ فأصر على اكتتاب قرابة عشرة آلاف عاطل قبل انتهاء مأموريته، حتى لا ينساه الناس وحتى لا يجد من يأتي بعده غير المشاكل والأبواب الموصدة..

لم يكن هناك ما يمنع اكتتاب هذا العدد الهائل من العاطلين على دفعات، وفي أوقات متفاوتة، انسجاما مع الإمكانات والقدرات المحدودة (إن لم أقل البدائية) للجنة المسابقات.. لكن الرئيس كان يسابق الزمن ففرض هو وحكومته أن يتم كل شيء في رمادة عام خروجه من السلطة، حتى ولو أدى ذلك إلى حدوث أخطاء وأغلاط جسيمة وقاتلة..

نعم؛ لم يكن الاكتتاب مقصودا لذاته؛ بل لآثاره ودلالاته السياسية، تماما كما هو الأمر للراتب الخاص الذي تم منحه لرجال الجيش والأمن، دون مناسبة سوى مناسبة خروجه هو من السلطة..

لقد اضطرت لجنة المسابقات للعمل في ظل ظروف غاية في الصعوبة، ذاق خلالها أعضاؤها وأعضاء لجان تحكيمها الأمرين وهم يتعاملون مع عشرات الآلاف من ملفات الترشح وأوراق الامتحان، ووصلوا ليلهم بنهارهم كي ينجزوا عملا قاسيا فرض عليهم أن يكملوه في أجل قصير محدود؛ فكيف لا تلازم الأخطاء والنواقص والأغلاط ذلك المجهود الشاق وفي مختلف مراحله؟؟!

كان بإمكان الرئيس السابق وحكومته، أن يتصدوا خلال العشرية الأخيرة لمشكلات أخرى أشد إلحاحا كمشكل إفلاس وانهيار الكثير من مؤسساتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والثقافية..

أو أن يتصدوا لحل مشكلة إفلاس منظومتنا التربوية.

أو أن يولوا أقل اهتمام بحل مشكل ديون السيخ الرضى والتحقيق في ظروف وأسباب وملابسات قيام هذا المشكل الغريب..

كما كان باستطاعتهم أن يكتتبوا ما شاءوا من العاطلين على طول السنوات العشر الماضية، وفي فترات متفاوتة؛ دون أن يضطرروا إلى جعل لجنة المسابقات (تحكم اكرون بكره افحاسي) وتجري هذا السيل من المسابقات في ظرف زمني غير مواتي، وبإمكانيات مادية ولوجستية جد بدائية..

ولكنها رغبة الزائلين في الخلود ذكرا وشكرا..

إن كبار المخطئين مازالوا كما عهدناهم يستدرجوننا للانشغال بالأخطاء البشرية العادية لموظفين عاديين بعد أن جعلهم أولئك المخطئون في الظروف الضامنة لوقوعهم في الزلل والخطأ؛ حتى ننشغل بأخطائهم "الصغيرة" عن كبائر أخطاء الحاكمين..

 

4. نوفمبر 2019 - 1:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا