قصيدة نزهة الجلاس في مدح سيد الناس ﷺ أوالمجنونة (الجزء الأول) 2/3
اعتاد العرب في شعرهم صوغ بعض البديعيات (1) ، مما أضفى طرافة وسحرا عجيبا على لغتهم وشعرهم فكانت فيه بعض الأمثال التي يقل نظيرها ، كأن تستطيع أن تقرأ البيت الشعري من جهتين كما في القول المشهور :
مودته تدوم لكل هول *** وهل كل مودته تدوم
أوتقرأ القطعة أفقيا ورأسيا كما في القطعة المتدوالة بين الناس :
ألوم حبيبا وذاك محال
حبيبا يحب كلاما يقال
وذاك كلام عداه الوصال
محال يقال الوصال ينال (2)
وكانت لعلمائنا اسهاماتهم في هذا المجال تنضاف إلى ما صاغه العرب من طريف شعر وابداع ، من ذلك قول العالم الفقيه الشاعر المبدع محمد بن آب التواتي الجزائري ناظم الآجرومية المشهورة عندنا (3):
إِدْرِ كَلامَ كَابِرٍ *** رباكَ مَا لَكَ رِدّا
أدبْ وكف أرْسُناً *** إِنْ سَر إفكٌ وبَدا
ومديحية العلامة المربي الفقيه شيخ الشيوخ الشيخ سيد المختار الكنتي التي تخلو حروفها من النقط ومطلعها (4):
عَرِّ الرُّسومَ وَعَمِّرِ الأَوْهادا
غير أن العرب وإن عهدوا مثل تلك الأبيات والمقطوعات لم يعهدوا في شعرهم ابداعا مثل هذا حيث تخرج من القصيدة قصائد كما في النص الأول ، وتتألف من الأبيات نصوص حيث بنيت بشكل لا نظير له تتقلب على كل الوجوه حتى جعلت مبدعها يقول : إنها قصيدة ما سمحت قريحة بمثلها ، ولم ينسج ناسج على منوالها ، وتبعه في ذلك القول المترجمون وكتاب السير الذاتية من أهل المنطقة .
أولا : الاستكشاف :
يتعارف العامة من الناس والخاصة في ولاتة على تسمية قصيدة للشاعر انبوي بن الإمام محمد عبد الله بن الإمام عمر مم المحجوبي بالمجنونة ، غير أنه ما من أحد يحكي مطلعها ، ولا يعرف أي قصيدة هي من شعر الشاعر الغزير ، وقد سجل لنا الطالب ببكر ذكرا لقصيدة للشاعر قال إنها ما سمحت قريحة بمثلها ، ولم ينسج ناسج على منوالها ، وأنها ضمن ديوان السعادة واسمها بالتحديد : نزهة الجلاس في مدح خير الناس وأنه قد شرحها شرحا سماه بــروضة الاستئناس على قصيدة نزهة الجلاس إلا أن الطالب ببكر لم يخصص القصيدة ولم يبينها ، ولم يذكر لنا هل هي المجنونة التي يذكر الناس اسمها أم هذه غير تلك ، وإن كان حديثه يوحي بأنها قد تكون القصيدة التي يتحدث الناس عنها (5).
وبعد البحث والتنقيب على مدى عقود قاربت الثلاث أثارت انتباهنا ونحن نجمع موروث الولاتيين في مكتبات تيشيت (6) نسخة من بعض النصوص من ديوان السعادة ، حيث استوقفنا نص تداخلت الأحبار في خطه ، وألحقت به أبيات من غير نسق كتابته ، ولا من رويه ، فتوقفنا عند هذا النص باعتباره قد يكون الخيط الذي يقود نحو اكتشاف المجهول
وبعد تجميع الأوراق وتنسيقها كانت المفاجأة ، فقد تبين أن الورقة التي قبل قصيدة العين التي في ديوان السعادة تحوي مقدمة حلت لغز هذا النص الذي لم ينسج على منواله وبينت هويته ومكوناته .
ثانيا : التسمية :
تلقب القصيدة عند العامة بالمجنونة وذلك انطلاقا من بنائها وتقليباتها ، وقد سماها الطالب ببكر نزهة الجلاس في مدح خير الناس ، وأعطاها الشاعر تسميتين أولاهما : شجرة القريض في كل فن أريض ، والثانية : نزهة الجلا س في مدح سيد الناس ، وذلك في قوله في نهاية المقدمة التي قدم لها بها : ومن تأملها بالنظر السديد ، وإعمال الفكر الحديد وعثر على بديعها العجيب ، وأسلوبها الغريب ، أسماها بشجرة القريض ، فيها كل فن أريض ، ومن أمعن النظر في أمها وعرف ما في جيبها وكمها دعاها : نزهة الجلا س في مدح سيد الناس (7) .
ثالثا: البناء :
نزهة الجلاس أو أم القريض أوالمجنونة هي عبارة عن عمل متكامل يمكن تقسيمه إلى جزأين رغم ترابطه في البناء - لتبسيط الأمر – ، مسبوق بمقدمة تؤطر للعمل الابداعي الذي قام به الشاعر .
الجزء الأول من البناء : أساسه القصيدة الأم وهي العينية التي في الديوان
أما الجزء الثاني : فهو عبارة عن أبيات تأخذ شكلا هرميا في البناء مرفقة بكلمات تتخذها مفاتيح صدور وأعجاز على غير بناء النص ورويه ألحقها الشاعر بالنص الأول لتكون معه مجموع العمل المسمى : نزهة الجلاس أو أم القريض أوالمجنونة
رابعا : النسخ :
علاوة على أن القصيدة الأم (العينية) قد وردت في الديوان (8) ، - إلا أنها حين وردت لم تأخذ اسما خاصا بها ، ولم تكتب بشكل يميزها عن غيرها من النصوص ، وإنما عرضت تحت الحرف الخاص بها مثلها مثل باقي نصوص الديوان في نسخه المتعددة ، - فقد توفرت لدينا لتحقيق هذا العمل عدة نسخ منها :
1 – نسخة مكتبة تيشيت : وكانت الأولى التي قادت العمل ووجهته لكتابتها ضمن القصائد الأخرى بحبر يلفت الانتباه لخصوصيتها في أوائل صدور أبيات العينية وأعجازها ، وكانت مسبوقة بالمقدمة التي تشي بالبناء الفني ، ومشفوعة بالملحق الذي لا يوجد في الديوان والذي يشكل الجزء الثاني من القصيدة ، غير أنها لم تبين جانبا من سر التمييز بذلك اللون ولا المخرجات المترتبة عليه (9).
2 – نسختان مختلفتان من المكتبة الفرنسية كل منهما مكتملة البناء لهذا العمل باحتوائهما المقدمة والقصيدة الأم ومخرجاتها والأبيات وتقليباتها (10).
خامسا : عرض الجزء الأول من البناء :
تعتبر العينية بمثابة الجزء الأول من العمل وهي تتكون من : تسعة وأربعين بيتا ، من بحر البسيط ، وتخرج منها مقطوعتان كل منهما مكونة من ثمان أبيات ، إحداهما وهي من بحر الكامل المجزأ ، وتخرج من أوائلها من رأس صدر كل بيت منها إلى تمامها ، والأخرى وهي من بحر المجتث التام ، تخرج من أواسطها من رأس عجز كل بيت منها إلى تمامها ، ثم مجموعة من الحكم المتناثرة تخرج من أعجاز الأبيات .
وقد بين الشاعر ذلك في المقدمة بقوله إنه : حاكها على منوال ابتدعه وأفرغها في غالب اخترعه ، فبسط القول في مجموعها ، وجزأ كامل موضوعها ، واجتث المحاسن لأجوازها ، واستجلب الحكم لأعجازها ، فمن ساقها كما هي ، وجدها نعما هي ، ومن جزأ كامل أوائلها ، أمن من الخطأ بدلائلها ، ومن اجتث أواسطها علمته شرائطها ، ومن أخذ ما لها من روي ، وجمعه على وجه سوي ، ألفاه حكما مسجعه ، مبرقعة مقنعة ، وهذا سرها المكنون ، وغيبها المصون ) (11)
واعتمد الشاعر لقصيدته زخرف البديع حيث يقول : ومن تدبرها بالانصاف ، وإخماد جمر الخلاف ، وجدها مشحونة بالبديع ، من نوعي البلاغة والبديع ، كالمجانسة بين الكلمات ، والتزام غير الملزومات)(12) .
النص الأول ومخرجاته :
اعتمد أحد النساخ كتابة أوائل كل صدر وأوائل كل عجز بالخط الأحمر ليعلم الحد المقطوع لكل بيت حين سرد القصيدتين الخارجتين من رحم القصيدة الأم ، أما نحن فسنعمد إلى كتابتها بلونين متمايزين لتسهيل المهة أكثر :
أ - قصيدة نزهة الجلاس
1
بشرى لنا قوم من قـــــــــامت به الشرع
***
أزمـــــــــــان مـــلــــــتـــــــــه الــــــــــدنــيــــــــــا همــــــــا شرع
2
لـــــــكـــــل من دان فيها بالــــــديـــــــانة من
***
خير اـــــــــلورى ذمة مضمــــــــــونهــــــــا الــــــــــترع
3
مــــــــــــوحـــــد الفعل إخــــــــــلاصا لخــــــــالقه
***
معـــــــــان مــــــــــولاه يستسقى بهــــــــا الـــــــكرع
4
قــــــــــــــاف قـــــــويم صـــــــــراط الحق منتصر
***
بــــــــالله مــــــــهـــــــتــــــــصــــــــر من فعله الــــــــــــــورع
5
لنهج ملته السمحـــــــــــــــاء نـــــــور هــدى
***
خير المعــــــــــــاني لمن يــــــــقــــــــــفــــــــــــوه مـــــــزدرع
6
محمد خير مـــــــن داس الــــــــــبـسـيـطة في
***
زمـــــــــــان مــــــــــن مــــــــــــر أو مــــــن هـــو مخترع
***
7
يهدي الرشاد إلى عمي القلوب وكم
***
أقــــــــــام مــن أكبت الأنصــــــــــاب والـــــــفرع
8
إليه قدمـــــــا تنـــــــــــــاهت كـــــــــل مـــــــكرمة
***
للـــدين منها كمـــــــــــــال الصـــــــــــــــون يــقـترع
9
مـــــــــــــودة نــــــــــــال مـن مــــــولاه خـــــــالصة
***
فيها مـن الـــــــعز مـــــــا لا يـــــــدرك الـــــــــسرع
10
مدحــــــا تنــــــــــــافحــــه الأيــــــــــــــام جـــــامعة
***
ســــــــــــــوقــا لــــــــذاك مقــــــامــــــــا زانه الــــــــــترع
11
كـــــــــــــنظم أوصـــــــــــــافه نـــظــمــن مــــدحته
***
بكــــــــــل سلك ســــــنــــيــــــع مـــــــــا بـــــه جرع
12
زبرجد الــــــــنظم يــــاقـــــــــوت الرصائع في
***
مكـــــــــــــان نــــــــــور به ضــــــــاءت لنا الدرع
***
13
يــبـــغــــــي أمـــــــــاديحها نعت الـــــــــــنبي بمـــــا
***
لــــــــــــــه واك مجـــــــــــال عنــــــــــــه مـــنـــقــــرع
14
بــــــــــــــــــــــه تــعــــــــــزز ديــــــــن الله وارتـــفــعــت
***
منـــــــــــــارة الحـــــــــق لا ينتــــــــابهــــــــــــــا الــــــــــقرع
15
تبجيله يقتضي مـــــــا كـــــــــان أدرك من
***
صيت له في ضــــــواحي الأرض منذرع
16
رومـــــــا لمرضـــــــــــــــــاتــــــــــــــه نــــــــــأتي مدائحه
***
تطـــــــــــول في طــــــــــولها اللذات والـــــــــــذرع
17
لجـــــــــــــود أحمد اضـــــــــفـــــى نـعمة شملت
***
كــــــل الــــورى وانتفى عنهم بها الـــــضرع
18
الأجــــــــــود الأمجد الــــــــــــبـــــــــاني لأمــــــتـــــــــه
***
مبـــــــــاني الـــــــرشد بيضــــــــا أرضهــــــا الجـرع
***
19
الهـــــــاشمي الذي مــأتــاه طـــــــرف عـــلــى
***
وتــــــــــــــالـــــــد مــــــــــــا لـــــكــــــل عـــنـــــه مــنـــدرع
20
اللذ حمى الــــــــــدين والـــدنيا وحاطهما
***
من معشرهم مســـــاعير الـــــوغى الــصرع
21
زرى بأهل العــــــالـــــي مــــا تــــــوارث من
***
فخــــــــــار آبـــــــــــائــــــــــــه الــــــــــشـــــــم الألى برع
22
مجـــــــــــدا أثيلا حـــــــــــوى يعلـــــــو بمــنــصـبه
***
يكــــــــل عـــــن حصره الســامـــون والـكرع
23
بكــــــل عـــــــــــــز عـــــــــزيز الدرك منجذب
***
عنه الـــــــــــــــورى ولـــــــــــــــه اشرافهم ضـــــــــــرع
24
ممــجــد جــــــــــــل أن يحصى ويــــــا عــجبا
***
لســـــــــــــــــاني ارتـــــــــــاد أن يحصيه الــــــــــــــــــيرع
***
25
قدما قــــــــــــد اختصه المــــــــــــولــــــــــــى وآثره
***
وفـــــــيـــــــــــه أبـــقـــــى اســــــــا لـــنــــا فـــيـــهـا ذرع
26
سمـــــــــــــــاه أن كـــــــــان بـــــــــاسم الله مـقترنا
***
خـــــــير الأســـــامـــــــــــي وموهوباته الــــــــــــقرع
27
مقـــــــــارن لتعاجيب الـــــــــفخــــــــار إلـــــــــى
***
طبـــــــــــــاع خــــــــــــــير روتها الشيب والضرع
28
في اللــــــــوح خطت له دون الورى أثر
***
كــــــــنظم غـــــــــــــــــــر اللئالئ حين تفترع
29
لاسم الـــــــسني المحلى بالسنــــــــــاء حلى
***
در مـــــــــن الحمد لم تـضــــرب لها الــــــــقرع
30
المـــــــــوحد لله فـــــــيــــــــه المــــــكرمــــــــات وفي
***
حســــــــــان أخــلاقــــــه صـهـــــــــبــــــــاء تجــــــترع
***
31
أعـــــظـــــــم بمـــــقــــــــداره واعــــدد شمـــــــائــلــــه
***
بشر تعم الـــــورى مــــــن بشــــــــائره الجـــــرع
32
بــــــــذاك تفصح ســــــــن مــنــه ضـــــاحكة
***
ووجــــــــه أســـــــــــنى بمرءاه اعــتــــــلـــــــى بــــــــــرع
33
فضيلة مــنــــه يعطـي وهــــــــــو مــنـــبــســـط
***
طلــــــــــيــــــق وجـــــــه لـــــــــه بالــــــحسن مــدرع
34
ســــــــادت بـــــــــــه مـــــــــضـــــر الحمراء فائزة
***
دأبا بــفـــلــــج إذا مــا الــــــــســــــــادة اقـــترعوا
35
فــــــخــــــــار أســــــــــلافـــــــــه زادت مفــــاخره
***
وجـــــــــوده أعـــــــــجــــــــــز الأجـــــواد فانخرعوا
36
الـمُجَّــــد الـــراتـــقـــي فتق الثـــأى بجــدى
***
بــــــــــــنـــــــــــان راحــــــــهـــــــم والجـــــــــــد مـــهـــــتــرع
***
37
أُعْـــــطـِـيَّـــها ذي المـعـــــــالي طيب شيمته
***
ولــــــين حـــاشـــيــــة مـــــــــا مــســــهــا الـــــــــطرع
38
أزكــــــى الخــــلائق طـــــرا في الــصنيع وفي
***
قــــــــول وأجــــــــرأهم إن كــــــــان مـــصـــطـــرع
39
فتى لـــــــــــه ســـــــــــؤدد يسمو بـــــــــه صعدا
***
وعــــــهـــــــد أروع لــــــــم يعهد لـــــــــــــه الـــــــترع
40
أصـــــــــلا تـــقـدم تـــفـــضـــيـــلا يجــــــــــامـــعـــــه
***
واف مكــــــــارم أســـــــنى فـــــــرعـــهـــــا الــــفرع
41
وخــــــــــــــير خــــــــــــــــير وســـــبـــــق في تـــــأخره
***
وعطف حــــــــان لـــــــــــه بالحــــــــلــــــــــم مـــثـــرع
42
مســـــــــــــود فــــــــــــــرع الـــــســـادات يوقر في
***
***
جنــــــــــان رائيه رعـــــــب الحــــب والخــــــــــــرع
43
أولاه مـــــــــــــولاه تــــــــــــكــــــــريما يجــــــــود بـــــــه
***
عليه مــــــــــا كـــــــــــان في البلدان منمـــــــــــــرع
44
خـــــــــــير الـــــــتحيات يؤتى صفو أرفعها
***
خـــــــــــير الــــــــــــبرايا الذي في جبه الـــــــــــزرع
45
تحية الحــــــــــب في أســـــنى الــــــــسلام إلى
***
صــــــلاة عــــــــــــــــــز جنــــــــــاهــــا ما بـــــــــه درع
46
رب امــــــــــح أوزارنـــــــــا وإمـنــــن بعــــــــــافية
***
تـــــــــدوم مـــــــا دومت في جـــــــــــوها مـــــــــرع
47
وكــــــــــــــــــــــن لـــــــــــنــــــــــــا جنة مما نحـــــــــــــــــاذره
***
في يــــــــــــــوم يخشى الــــــبوار العفر والــــورع
48
خـــــــــــير النبيئين إني عــــــــــــائذ بـــــك من
***
كــــــــــــل الخطـوب ولي في مدحك الثرع
49
تـــــــوددي لـــــــك بالأمـــداح منه لـــــــدى
***
ءان الحمـــــــــام يـــــــــروق الختم والــــــــصـــــرع
ب – مخرجات القصيدة :
تخرج من القصيدة كما ذكرنا فريدتان الأولى وهي من بحر الكامل المجزأ ، تخرج من أوائلها من رأس صدر كل بيت منها إلى تمامها وهي (12) :
1
بشرى لكل مــوحد
***
قـــــــــــــــــــــــاف لنهج محمد
2
يهدي إليه مـــــــــــودة
***
مــــــدحــــــــا كنظم زبرجد
3
يبغي بــــــــــــــــه تبجيله
***
روما لجـــــــــود الأجــــــــــود
4
الهــــــــاشمي اللذ زرى
***
مجـــــــــدا بـــــــــكـــــــــل ممجد
5
قــــــدمــــا سماه مقارن
***
في اللوح لاسم الموحد
6
أعظم بذاك فضيلة
***
سادت فــخـــار الْمُجَّد
7
أُعْـــطِيَّها أزكــــى فتى
***
أصـلا وخـــــــــير مســــــــود
8
أولاه خــــــــــــير تـــحية
***
رب و خـــــــــــــير توددي
ومما يلاحظ هنا أن الشاعر في هذا النص : تجاوز في بناء البيت الثامن كلمة كن الواردة في مطلع البيت الثامن والأربعين ، فتناسق العدد في البناء على ثلاث كلمات للصدر والعجز في كل بيت من المسرودة .
وتخرج الثانية من أواسطها من رأس عجز كل بيت منها إلى تمامها وهي من بحر المجتث التام :
1
أزمان خير معان
***
بالله خـــــــــــــــــــــير زمان
2
أقام للدين فيها
***
سوقا بكــــــل مكــــــــان
3
له منارة صيت
***
تطول كـــــــــــــــــــل مباني
4
وتالد من فخار
***
يكل عنه لســــــــــــــــاني
5
وفيه خير طباع
***
كنظم در حســـــــــــان
6
بشر ووجه طليق
***
دأبا وجــــــــــــــــــــود بنان
7
ولين قول وعهد
***
واف وعطف جنان
8
عليه خير صلاة
***
تدوم في كــــــــــــــل ءان
وفي هذا النص أخذ البيت الثامن أربع كلمات من أوائل أعجاز الأبيات (46/47/48/49) بعد أن اعتاد أن يأخذ لصدر كل بيت ثلاث كلمات وكذا ثلاثا لعجزه.
أما قوافي القصيدة الأصلية فهي حكم مسجعة إلى تمامها وبين الشاعر أن من أراد تجريدها فليجعل كل قافيتين منها فقرة بجملة اسمية أوفعلية ، باجماع قافيتين متواليتين ، لكن قد يتقدم الخبر على المبتدإ فيأخذها على التقديم والتأخير ، فيبتدأ التجريد بالمبتدإ المقدم والخبر المؤخر ، ومن شاء فليقدم المبتدأ على الخبر وكل ذلك واسع حسن ، وكيفية التجريد أن يقال (13).
والدرع منقرع والقرع منذرع
والذرع الضرع والجرع مندرع
والصرع بــــــــرع والكرع ضـــــرع
والـــيرع ذرع والــــــقرع الــــــضرع
وتــــفــــــــــــــترع الـــــــــــــــــــــقرع و تجـــــــــــترع الـــــــــــجـــــرع وبرع مدرع واقترعوا فانخرعوا ومهترع الطرع
ومصطرع الـــترع والفرع مـــترع والخرع منمرع
والـــزرع درع ومــــرع الـــــورع والــــــثرع الــــصــــــرع
وكيفية التجريد أن يقال :
الـــــشرع شـــرع والـــــترع الكرع
والورع مزدرع و مخترع الفرع
ويقترع الـــسرع والـــــترع جرع
وهنا ينتهي عرضنا للجزء الأول من البناء لنزهة الجلاس أو أم القريض أوالمجنونة كما يسميها أهلنا في ولاتة ليكون الجزء الثاني من هذا المعمار الهندسي الابداعي الفريد في شعرنا العربي موضوع الحلقة الثالثة من هذا المقال إن شاء الله تعالى .
الإحالات :
(1) – ضمن العرب علم البديع فرعا سموه علم المقلوب ، يكون الكلام بحيث إذا قلبته وابتدأت من حرفه الأخير إلى الحرف الأول كان الحاصل بعينه هو هذا الكلام - ينظر هنا : مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم / أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زاده – دار الكتب العلمية /بيروت – لبنان / المجلد الأول / ص 255
(2) – للعرب في ذلك ابداعات كثيرة لا يمكن حصرها كالأبيات بالحروف غير المعجمة ، أوالحروف المقطعة كبيت المتنبي :
أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ *** إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ
وأبيات المدح والثناء :
حلموا فماساءَت لهم شيم *** سمحوا فما شحّت لهم مننُسلموا فلا زلّت لهم قدمُ *** رشدوا فلا ضلّت لهم سننُ
التي عندما تقرأ بالعكس تصبح ذما وهجاء :
مننٌ لهم شحّت فما سمحوا *** شيمٌ لهم ساءَت فما حلمواسننٌ لهم ضلّت فلا رشدوا *** قدمٌ لهم زلّت فلا سلموا
وبعض المقطوعات الدالة كمدح نوفل بن دارم الذي اذا اكتفى القارئ بقراءة الشطر الأول من كل بيت انقلبت القصيدة إلى ذم بدل مدح.
(3) – من تقييدات طلابية بحوزتي
(4) – من الديوان الكبير للشيخ سيد المختارالكنتي رحمه الله – مخطوط
(5) - منح الرب الغفور في ذكر ما أهمله صاحب فتح الشكور / الطالب ببكر بن أحمد المصطفى المحجوبي / باب ذكر وقائع العام ستين ومائتين وألف / تحقيق د. محمد الأمين بن حمادي / مكتبة القرنين 15-21/ انواكشوط / موريتانيا
(6) – ضمن مخطوطات مكتبة أهل حمى الله
(7) – من مقدمة الشاعر لنزهة الجلاس نسخ مكتبة أهل حمى الله والمكتبة الفرنسية
(8) – أشرنا في المقال السابق إلى مواطن وجود الديوان (مكتبة الطالب ببكر بولاتة ومكتبة أهل قاضل الشريف ومكتبة أهل حمى الله بتيشيت والمكتبة الفرنسية) غير أنه مما يجب التنبه له هنا أن مكتبة الطالب ببكر تحوي نسخة أصلية من قصيدة العين بخط المؤلف وليس فسها أثر لما ذكرناه بل هي كما النص الذي ورد في الديوان
(9) – ضمن مخطوطات مكتبة أهل حمى الله
(10) – المكتبة الفرنسية (سننشر بقية البيانات بعون الله في الحلقة الثالثة والأخيرة من المقال)
من مقدمة الشاعر لنزهة الجلاس نسخ مكتبة أهل حمى الله والمكتبة الفرنسية
(11) - من مقدمة الشاعر لنزهة الجلاس نسخ مكتبة أهل حمى الله والمكتبة الفرنسية
(12) - من مقدمة الشاعر لنزهة الجلاس نسخ مكتبة أهل حمى الله والمكتبة الفرنسية
(13) - من عرض بناء النصوص في نسخ المكتبة الفرنسية