تجسيد الرواية الرسمية / محمد ولد عبدو‎

altيبدو أن صيحات الاستغراب التي قابل بها النشطاء الموريتانيون الرواية الرسمية والأدلة التي جعلتها تتهاوى ، على الأقل في أوساط النشطاء والقريبين من الأوساط الإعلامية ، أرغمها ذلك أخيرا على استدعاء شخصيات عسكرية تعيد صياغة الرواية امتثالا للمثل الشعبي "الكلام من فم مولاه أحلا" .

نعم هو مخرج جيد للإعلام الرسمي ويجعل وطأة الحرج مشتتة شيئا ما عنه ، يريد أن يقول "أتيناكم بقصة فلم تصدقوها فأسمعوها من أهلها – المفترضين -" ، لكنه ليس جيدا للرواية الرسمية ، وهذا يوحي ـ شيئاما ـ إلى أمرين : أولهما أن نسبة تصديق الرواية الرسمية كانت ضعيفة حسب إحصائيات – المخابرات- التي سيكون لها الفصل فيما اذا كان ماقد قيل يكفي! ، وثانيهما أن الجهات الرسمية تضررت - أخيرا - بجو الشائعات التي كانت هي نفسَها سببا فيه ، حين أخفت ولا زالت تخفي الحقيقة . لكن ما قامت به اليوم من إشراك أطراف أخرى بشكل مباشر في القصة سيخلف مردودا عكسيا لأنه وحتى بعد أيام - لاشك كانت أيام تدريب وتلقين لما يجب أن يقوله الملازم - تجسدت القصة بطريقة بائسة كثيرة التناقضات غير منطقية بالمرة كمن يحاول بعث أبطال رواية رديئة في عمل مسرحي بدائي .

عودة إلى الملازم : في إصداره من القصة يؤكد أنه كان في هيئة مدنية على بعد مسافة من الثكنة العسكرية وسيارته كذلك هي سيارة مدنية رغم ذلك قاموا بعمل قتالي كأنهم عصابة مافيا ـ مثلا ـ ، رغم أن العقيد حاول تدارك تلك الحقيقة وعلق عليها كخطأٍ قاتل لمبادئ الانضباط في الجيش ، لكن رغم ذلك لم تتخذ ضد الملازم أية إجراءات عقوبة ! ذكر الملازم أن هناك سيارتين على الأقل وأنه أطلق النار على الأمامية مصوبا على العجلات فيما كانت السيارة الثانية خلفه ، والمفروض أنها تابعة للحرس الرئاسي أو لجهات أمنية ترافق الجنرال ، ورغم ذلك لم تقم بعمل دفاعي بل لاذت بالفرار هي الأخرى رغم أنه لوحده المسلح ورفيقه ينظر فقط J . رغم حماقات الملازم ـ في القصة ـ وقيامه بأعمال قتالية بهيئة مدنية واستهدافه موكب الجنرال ، رغم كل ذلك صدر القرار نفس الليلة وبسرعة قبل أن يحصل أي تحقيق في القضية ، أنه كان يقوم بعمله وأن الجنرال قد غفر له ما تقدم ،،، ألا ترون معي أن هذا أمر مريب ؟ ! أظن هذه القصة عدى عن كونها الإصدار الذي حاربت به وسائل الاعلام الرسمية الشائعات - ذات البعد الأخلاقي - التي حيكت عن الجنرال تلك الليلة فهي أيضا للتكفير عن الخطأِ الكبير في الرواية الماضية على لسان وزير الاعلام والجنرال نفسه أن الذين استهدفوه كانوا يقومون بعملهم – أي أنهم في حالة دوام رسمي – وهو الذي فتح الأسئلة حينها ،، لماذا لم يمتثل الجنرال للأوامر ؟ ! ، نعم جاءت هذه القصة ـ أيضا ـ لتنفي كونه لم يمتثل للأوامر .

تذكرني الرواية الرسمية السابقة وتجسيدها على شكل شخصيات الليلة بإحدى حلقات المسلسل السعودي الكوميدي "طاش ماطاش" ، إحدى الحلقات التي تتحدث عن شيخ جديد في قبيلة بدوية لكنه لا يملك أيا من مقومات القيادة ( ضعيف ، غبي ، وجبان) ، في إحدى الأيام كان مساعده يريد أن يكذب بشأنه ليلمعه ، فقال أنه وجده يصارع أسدا هنا تناول "الشيخ داعس المبادرة" وبدأ في وصف القصة وكيف كان يرمي الأسد لأعلى بشكل خارق ، حتى أضطر مساعده لإسكاته لأنه أفسد القصة ، هذا ما قامت به التلفزة اليوم لقد قصت قصة مبهمة وصدقها البعض  لكنها قضت عليها هذه المرة بتجسيدها ـ على المسرح ـ .

22. أكتوبر 2012 - 15:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا