شعرت بفخر عظيم وأنا أشاهد "مقطع الفيديو" المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يوثق جهود أهلنا في مدينة تيشيت وهم يواجهون بإرادة لا تلين وعزم صارم ، بحورا من الرمال الزاحفة وهي تطمر وتحاصر الطريق نحو منارة العلم والصمود قلعة تيشيت خالدة الذكر .. ليست هذه المرة الأولى التي يقاوم فيها أبناء تيشيت عاديات الزمن فقد جُبلوا على العطاء والتضحية والإيثار، فمنذ تسعة قرون من الزمن وهم يدافعون عن تلك المنارة المرابطة في قلب الصحراء ، دون أن تكل أو تمل سواعدهم ، فكل جيل يورث للجيل الذي يليه إرادة القبض على جمرة العزة والكرامة ومصارعة التحديات من أجل غد أفضل ..لقد بات ذلك الغد المنتظر قريبا بعد الوعد الذي قدمه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مساء الرابع عشر من يونيو في خطابه بمدينة تجكجة والذي قال فيه بأن طريق تيشيت ستكون من أولويات المشاريع التنموية في ولاية تكانت ، وأكد فخامة رئيس الجمهورية مرة أخرى في اللقاء الذي خص به أطر وفاعلي مقاطعة تيشيت أن الطريق إلى تيشيت سيوجد لها حل سريع ، وتلك لعمري لفتة كريمة يثمنها سكان مقاطعة تيشيت عاليا ويعولون عليها كثيرا في وضع حد لظروف العزلة الخانقة التي أطبقت ذراعيها لعقود من الزمن على تلك المقاطعة الصامدة . لقد كان لي الشرف بأن منحني "أهل تيشيت" أن أكون من ضمن المتحدثين باسمهم خلال ذلك اللقاء الذي جمعنا برئيس الجمهورية وقد أكدنا لفخامته، أن تشييد الطريق من شأنه أن يفتح كثيرا من الفرص التنموية في المقاطعة ، ففضلا عن كونه سينهي العزلة ويقضي على صعوبة التنقل فإنه سيربط الأسواق ويسهل حركة البضائع والأشخاص ويسهم في توطيد السكان في مناطقهم الأصلية ، حيث يزخر باطن تيشيت بكثير من الموارد المهمة لعل من أهمها سباخ أمرسال التي لا تتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب نظرا لصعوبة الطريق نحوها وبدائية الوسائل المستخدمة في استخراج تلك الثروة ، كما تتوفر المنطقة على ثروات مائية مهمة يمكن استغلالها لخلق مشاريع زراعية ،لاشك ستسهم في خلق تنمية محلية قادرة على تحسين ظروف السكان ودمجهم في الحياة النشطة .في الواقع لقد صبرت تيشيت بما يكفي وآن لها أن تحظى بما تستحقه من التكريم والتبجيل المستحق لها على الوطن ، نظرا لدورها الريادي والحضاري الذي أدته بكل شرف واعتزاز على مدى قرون من الزمن وهي ترفع منارة العلم وعبق التاريخ ، وتمنعها العفة والكبرياء من إبداء انزعاجها من ذلك التجاهل والتنكر الذي بلغ مداه حين حولتها بعض الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد إلى سجن رهيب للمغضوب عليهم ، قبل أن يفتكها مهرجان المدن القديمة هي وأخواتها من المدن التاريخية من ذلك الضياع والنسيان .أملنا وثقتنا لا حدود لهما في أن تأتي الدورة القادمة للمهرجان المنظمة في تيشيت وقد اكتملت أشغال تشييد طريق العهد والوفاء للمدينة الخالدة.