موسم الحرب على أساطين الأدوية المزورة / زين العابدين علي بتيش

ضجت الساحة الفيسبوكية بأخبار الحملة التي تشنها وزارة الصحة في مجال مكافحة الأدوية المزورة ، و شاهدنا صور الوقفات الداعمة لوزير الصحة في حملته هذه التي لاقت استحسانا كبيرا في مختلف الأوساط ، و تلقفها الشعراء و الأدباء بارتياح ليكتبوا دعما لها ، و توحد المدنون تحت وسم #نذيرو_لااتولي ليسطروا ملحمة فيسبوكية نادرا ما تحدث ، فما الذي استجد ؟ وما سر هذا الغضب الشعبي تجاه بائعي وموردي الأدوية المزورة ؟و هل الدعم اللامحدود للوزارة في حملها هذه غوغائية _كما يصرح البعض _  أم واجب تمليه الروح الوطنية و تفرضه المبادئ الأخلاقية ؟لم يعان الشعب الموريتاني من شيء كما عانى من ويلات الأدوية المزورة التي عمت بلواها و تضررت منها كل أسرة ، وقتلت المئات إن لم نقل الآلاف ، و أضحى قطاع الصحة ميدانا مناسبا لتجار الموت ليستثمروا في تجارة الأدوية المزورة لا يدرعهم دين ولا مروءة ، ولم يكن أحد ليقف في وجوههم إلا الجهات الوصية عليهم إداريا ، وهي وزارة الصحة التي شنت ضدهم هجوما مفاجئا لم يكن أحد يتوقعه ، وهو ما لاقى دعما منقطع النظير من الشعب تجلى في الحملة الإعلامية على فيسبوك من قطاع كبير من المدونين ، رافقتها وقفة داعمة للوزارة الأسبوع الماضي ، وكانت هذه الأحداث هي الجديد على الساحة الصحية في بلادنا ، تلك الساحة التي استأثرت باهتمام الناس ، و هي بكل تأكيد مصدر همومهم ، فلذلك يتفهم المتابع للشأن العام هذا الغضب الشعبي ، وهذه الكتابات الثائرة على الواقع الصحي المؤسف ، و تلك القصائد المعبرة عن تطلع الشعب لواقع صحي أفضل ، و خلفية هذا الغضب حجم انتشار الأدوية المزورة و مدى كارثيتها و خطورتها ، وكثرة ضحاياها ، و نفوذ مورديها و بائعيها الكبار ! لدرجة أنه كانت حين تغلق صيدلية بسبب بيعها دواء منتهي الصلاحية تفتح أبوابها بعد ساعات !فجاءت قرارات وزير الصحة بهدف القضاء على هذه الفوضى ، ولاقت دعما من أغلب المدونين الذين اتهمهم البعض بالغوغائية ، شانا حملة مضادة للحملة الداعمة للسيد نذيرو ، فهل دعم الوزارة في سعيها لإصلاح قطاع الصحة غوغائية ؟لا أعتقد ذلك ! ولكن هنا لابد من ملاحظة وهي أن دعم الوزارة في هذا المسار لا يعني أن نفتري على الناس أو نتهمهم بالتجارة في الأدوية المزورة فذلك شأن القضاء ، والمتهم بريئ حتى تثبت إدانته ، و توجيه الإتهام و جمع الأدلة من شأن الجهات المعنية وليس من اختصاص المدونين ، فلذلك على المدون أن يفهم أنه في دولة المؤسسات لا مجال لرمي التهم جزافا ، ولا مجال لتصفية الحسابات الشخصية ، كما لا مجال أبدا للإساءة والتشهير بالآخرين لمجرد أنهم لا يعجبوننا .إن دعم الوزارة في حملتها هذه هو واجب تمليه الروح الوطنية ، وهذا الدعم والتعاون يكون من الجميع تجارا وموردين ، كما يكون من جموع المدونين ، وهو خيار أخلاقي تحتمه المبادئ الإيمانية ، " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ... " ، وإن الأدوية المزورة لتقتل الناس قتلا ، فمحاربتها إحياء للنفس البشرية و مساهمة في حفظ حياة عشرات الآلاف من هذا الشعب الكريم .وكلي أمل في أن تنجح هذه الحملة المباركة في القضاء على ظاهرة الأدوية المزورة لينعم شعبنا بحياة صحية سليمة لا ينغصها دواء مزور من تجار السموم .

 

18. نوفمبر 2019 - 0:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا