للإصلاح كلمة توضح : ما هو الإرهاب؟ ومن هم الإرهابيون (1) / محمدو بن البار           

كلمة الإصلاح قرأت في الأيام الماضية أن الجامعة الإسلامية في لعيون أضافت إلى هدفها مكتبا تسميه مكافحة التطرف العنيف والمعلوم أن كلمة التطرف أصبحت تساوي كلمة الإرهاب والإرهابيون والجميع ألصق بالإسلام حتى سموه الإسلام فوبيا أي دين الخوف .

وبما أن أول درس في المنطق يقول إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فإن كلمة الإصلاح أرادت في مقالها اليوم أن تعين للمسلمين خاصة : ما هو الإرهاب ومن هم إرهابيوا العالم الآن .

فكلمة الإرهاب معناه الخوف كما فسرها بها القرآن يقول تعالى لموسى(واضمم إليك جناحك من الرهب ) وعندما فزع موسى من تغير العصى ودخله الرهب منها قال له ربه((لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون)) ، وجاء هذا اللفظ وتفسيره في القرآن كثيرا، ((وإياي فارهبون)) ((ويدعوننا رغبا ورهبا)) ،كما أن تفسيره وهو الخوف صرح به الله لعباده أن عليهم أن يخافوه يقول لهم تعالى((لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد  فاتقون )) .

هذا المعنى مع الأسف نظرا للحضيض الذي وصلت إليه قيادة الأمة الإسلامية من الضعف الذي أصاب قيادتها عندما زين لها الشيطان أن تحل مكان قوة ربها وتتوعد وترعد وتزبد وتبطش بشعوبها ـ وكأنها خالدة مخلدة أصابها الله بما أصابها به من الذل والاحتقار والهوان أمام العالم كله.

وأعنى بقيادة الأمة الإسلامية هنا والتي أصيبت في مقاتل فخرها وخيلائها الأمة العربية خاصة لأنها هي التي اختار الله وطنها مكانا لبيته الحرام الوحيد في الأرض ولمكان قبر آخر أنبيائه المرسلين صلى الله عليه وسلم  وجعل جهادها سيفا ورمحا  على أعداء الله وفي نفس الوقت رأفة ولطفا ورحمة للبشرية جمعاء ، فهي سيف ورمح على أعداء الله أينما كانوا ورأفة ورحمة للذين هم لربهم يرهبون .

فعندما نعود للتاريخ القريب لقيادة هذه الأمة الإسلامية ــ ونحن نعرف مدى ما وصلوا إليه من الطغيان والتطاول على عباد الله ـ نتذكر تلقائيا ما فعله الله بأمثالهم من الطغاة في الأمم الغابرة بعدما زين لهم الشيطان أعمالهم في صدهم عن السبيل يقول تعالى في قضية أولئك الطغاة الذين تكبروا في الأرض بغير الحق(( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)) .

فهذه سنة الله دائما مع من أظهر طغيانه للعالم ليخيل له أن له قدرة ذاتية ـ والقدرة بالغير معناها الانتفاخ الهوائي لا مادة داخل جسمه .

وهنا أترك للقراء العرب والمسلمين يبحثون عن ضحايا طغيان الاستكبار ليقارنوا ما وقع لكل واحد بطغيان من ذكروا فسوف لا يذهبون بعيدا حتى ترجع إليهم أفكارهم خاسئة ترى الأوصاف الكاشفة دون أي مواراة .

وعندما وصلت الأمة إلى ذلك التاريخ الأسود من حياة قادتها ــ أراد بعض من استثناهم الله في كتابه العزيز وأدخلهم في ياي النسبة لعبادته الخالصة في قوله تعالى((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان )) فأرادا أن يتداركوا شيئا من كرامة هذه الأمة التي بدأت نشرها في العالم أصلا بشيئين إما بالسيف والموعظة الحسنة كما قال الشاعر الموريتاني:

فمــن لم يرتـــــــــــدع بهــــــــــــــــــــدي الكتاب ** فــــــــــبالـــــــــــــكـــتـــــائب يـــــــــــــــردعفرأى أولئك الشباب ومن حذا حذوهم آنذاك أن الوطن العربي فساده راجع إلى سلوك قادته وهو سلوك ظلم أو فسق وعلاجه يكون بالحكمة والموعظة الحسنة ولكن هناك دولة إسلامية تريد دولة عظمى كافرة أن تحتلها لتردها عن دينها كما فعلت بكثير من دول جيرانها المسلمين والله تعالى يقول لهؤلاء ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا )) ويقول(والفتنة أشد من القتل ) أي الفتنة أي الرد عن الدين أكبر من قتل أهله ،وبذلك توجه كثير من شباب المسلمين إلى مساعدة الدولة الأفغانية التي يريد السوفيت (فوبيا) المسلمين أن يحتلوها.

وطبعا أي مسلم توجه إلى قتال أعدائه أول ما يستفيد منه هو الانكباب على قراءة آيات الجهاد المنزلة من الله جل جلاله وسلسلة روايتها قليلة الله ـ جبريل ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ المسلم المتلقي .

هذه الآيات يكفي في ترغيبها للمجاهد أن الله نهى المسلمين أن يقولوا لفاقد الحياة الدنيوية فيها أنه ميت أي يحرم إطلاق الممات عليه بنص القرآن ، أما نوع الإحسان بعد أن يصل إلى الله شهيدا فإن الأقلام والألفاظ لا يؤدون حقيقة ذلك ويكفي أن الله قال أنهم فرحين بما آتاهم الله من فضله .

هؤلاء الذين اختاروا ما عند الله عندما انتهت مهمتهم وحرروا افغانستان رأوا أن هناك شعبا آخر مسلما يريدون أن يحرروه كما حرروا افغانستان ألا وهو الشعب الفلسطيني الذي مازال القتل فيه ليلا ونهارا ومحاصرا وإلى الأبد أمام قادة أحسن ما يقال فيهم أنهم اختاروا ما أعد الله لهم من نكال يوم القيامة عن ما أعدت لهم الدول الأوربية من إهانة واحتقار واجتثاث أموالهم  فلم يسمحوا لأي مجاهد أن يدخل من أرض الله التي تحت سيطرتهم لأغاثة أولئك الفلسطينيين فنشأت عند ذاك ما سمي بالقاعدة ، وعندما صلب عودها لم توجه أسنتها للدول الإسلامية ولكن أداها اجتهادها لضربة سبتمبر وأنها نظرا لقوتها وفنيتها ومعجزاتها عندما تضرب بها أمريكا في صميم رزقها وهو التجارة ظنت القاعدة أن أمريكا ستتخلى عن اسرائيل التي هي الوحيدة عدوة الإسلام القاتلة لأبنائه المحتلة لأرضه إلا أن رئيس أمريكا "بوش" آنذاك قد وجه غضبه إلى قيادة الدول الإسلامية وانتهز الفرصة لتخويفهم .

وبما أن الجمعيات الخيرية من دول الخليج وغيرها آنذاك كانت تجوب جميع الأقطار الإسلامية لتنفق على فقرائها وأيتامها وضعفائها الخ إلا أن بوش بعد تخويفه للقادة انتهز الفرصة ليحرم جميع المسلمين من تلك المساعدة وقد قام بتجفيف جميع الأموال التي تصل من أغنياء الدول الإسلامية إلى فقرائها بل ألصق الخوف بدين الإسلام خاصة وبما أن قادة الإسلام لا يشعرون برجوعهم إلى الله فقد خافوا من بوش ونفذوا جميع أوامره في مطاردة منفعة الإسلام أينما كانت  .

وبعد ذلك سمعنا دائما المتكلم باسم القاعدة يطلب هدنة أو مسالمة من أمريكا والأوربيين ولكنهم امتنعوا وحتى الآن ومازال القـتل والمطاردة من جانب واحد هو أمريكا والحلف الأطلسي لكل أفراد القاعدة أو ما سمي فيما بعد بداعش الخ ، فأمريكا غزت أفغانستان هي والأوربيين فماذا يعنيها في دولة أفغانستان فيما بينها وغزت العراق حتى مكنت شيعته التي لا تبلغ ثلثه من رقاب سنته.

فالشعوب السنية التي في العراق والتي في سوريا تعاونت عليها شيعة العالم التي تقودها إيران القوية وليس عند  أهل هذه السنة من راية تقاتل تحتها شيعة العراق وسوريا إلا الإسلام فسموا أنفسهم دولة الإسلام في العراق والشام( داعش) . ودول المشرق بما فيها الخليج ومصر ودول الشام والعراق لحمقها المتأصل فيها لا تعرف قتال الجهاد الشرعي الذي لا يقتل فيه صبي ولا مؤتمن ولا راهب في صومعته ولا امرأة إلا إذا قاتلت فأصبح القتال بين تلك الشعوب قتال جاهلية تحت راية إسلام بالاسم والجميع تكرهه أمريكا وأوروبا أي الشعوب وإسلامها مهما كان وأصبحت الطوائف كل يقاتل دون عقيدته الموروثة لا عن الدين ولكن عن  موروث الآباء والأجداد من الدين .

بمعنى أن ما يسمى الآن الإرهاب لا ينطبق عليه إلا روسيا (فوبيا)  في سوريا التي تقتل أطفال ونساء سوريا  وكذلك أمريكا (فوبيا)  التي تقتل كل يوم أطفال ونساء أفغانستان في دولة أفغانستان وأطفال ونساء اليمن بحجة ضرب القاعدة ،وكذلك فإن فرنسا (فوبيا) هي الأخرى قائدة الإرهاب في دول المغرب العربي ،فماذا يعنيها لو تقاتل شعب الأزواديين الذين كانوا يقاتلون للتحرير من جمهورية مالي قبل أن تأتي القاعدة .

فمن كان يهمه قضية الإرهاب فبدلا أن يبحث عن تقـنين الأمم المتحدة للإرهاب وهي صاحبته ولا تعرفه إلا في غيرها ولا تنظر أسبابه ومع ذلك تريد من الدول أن تطبق أحكامها عليه وعلى ما تزعم أنه تمويله وهو يكون تمويل اليتامى والفقراء وإنقاذهم من الموت المحقق ومع ذلك كل قادة ما يسمى بالجامعة العربية أو الدول الإسلامية لا تعرف شيئا عن حقيقة ذلك ولا يفصلها عن لقاء الله إلا هذه الموت ، وبعد ذلك تكون مكانها الدائم الذي يقول لها المولى عز وجل عنه ((إن جهنم كانت مرصادا للطاغين  مئابا لا بثين فيها احقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا)) إلى قوله تعالى (( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا )) .

وخلاصة قول هذا المقال أن من يرجوا لقاء الله من الدول فعليهم أن يجتمعوا ويقولوا للدول الأوربية إذا كان الإرهاب يعنى الإسلام وأبناء الإسلام فارفعوا أيديكم عنه فنحن سوف نحدد أهله ونكفيكم شره فشرعنا فيه ما يكفي الإرهاب  يقول تعالى (( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله )) إلى آخر الآية   

يتبع  .

 

18. نوفمبر 2019 - 17:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا