للإصلاح كلمة توضح : ما هو الإرهاب ومن هم الإرهابيون (2) / محمد بن البار

في حلقة كلمة الإصلاح الأولي أوضحنا من هو الإرهابي وحددنا بأنه هو الذي يقتل النساء والأطفال تارة بقصف الطائرات المسيرة العمياء وتارة بالسلاح المحرم دوليا ، وهذا ينطبق تماما الآن علي أكبر وأعظم دول العالم الذين يسجلون أنفسهم بأنهم مدافعين عن حقوق الإنسان ، وأول ما ينطبق عليه وصف الإنسانية هم الأطفال والنساء ، وآخر الضحايا من النساء والأطفال قتلتهم الروس (فوبيا ) في ادلب وأمريكا ( فوبيا ) في سوريا الاخري ، أي الأطفال والنساء المقتولين مع البغدادي ، واكبر دولة اذا اعتبر الحجم بقتل النساء والأطفال هي اسرائيل عند قتلها زوج المجاهد وضربها للبيت الذي قتلت جميع ما فيه من الأطفال ، وهذا عمل شبه متكرر يوميا من هذه الدولة ( الديمقراطية ) ، فبعد أن يعلم الجميع أن الإرهاب تقال أولا لقتل النساء والأطفال وأن الإرهابيون القاتلون للنساء والأطفال هم الدول العظمي ومعهم اسرائيل عظيمة الإجرام بالقتل المتعمد ، نصل إلي ما يسمون أنفسهم بالمجاهدين في الدول الإسلامية التي منها العربية وغير العربية وعلينا نحن المسلمين أن نسميهم المحاربون لله ورسوله بقتلهم الأبرياء من النساء والأطفال تارة بسلاح المتفجرات الأعمى ، فلو كانت الدول الإسلامية بما فيها الدول العربية رجعت إلي النظر في نصوص إسلامها القرآني منها والسنن ونظرت كذلك إلي ما وقع في تاريخ هذه الأمة من يوم انتهت الخلافة الراشدة وبدء الملك العضوض لوجدوا في ذلك التاريخ ما تبقي به الدولة مسلمة وتعامل بنصوصها ما يقول لها الإسلام في مثل هؤلاء المحاربين ، وأول ما ستقرأ من النصوص هو المجادلة بالتي هي أحسن كما قال تعالي (( ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ، هي وضع المقدمات واظهار النتائج الصحيحة المفصلة وقطعا في الإسلام المادة الكثيرة التي يصدر منها هذا النوع من المقدمات واستنتاج النتائج الصحيحة .

فقد قدمنا في الحلقة الأولي أن بداية هذا الجهاد كانت بداية صحيحة وآتت اكلها حيث أن المجاهدين وقفوا دون احتلال الروس لأفغانستان المسلمة واستشهد منهم كثير ، ونرجو الله لهم صحة نيتهم حتى يكونوا الآن أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله من فضله ، إلا أن هؤلاء المجاهدين عندما رجعوا إلي دولهم ، ظنوا أنهم كانوا يجاهدون علي ضوء نصوص يمكن أن تطبق على كل الدول وكل الشعوب التي لا تطبق حرفيا حدود الله في تشريعها ، فالدول المسلمة في نظرهم عليها أن تنسجم مع النصوص التي كانت تتنزل في زمن النبي صلي الله عليه وسلم والواقع آنذاك في أول الجهاد في الإسلام ، وان هناك دارين فقط إما دار اسلام بتنفيذ جميع أحكام الإسلام وإما دار حرب تجب محاربتها حتى تسلم كما قال تعالى (( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلي قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون )) .

والواقع أن أي قوم أو إنسان دخل في قلبه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وينسب نفسه إلي الإسلام معترفا أن كل ما جاء في هذا القرءان هو حق ، من صفات لله وصدق بأمره ونهيه في هذا القرءان وما صح صحة لا تقبل التأويل عن صدوره من النبي صلي الله عليه وسلم ، لا شك أن هؤلاء لهم أحكام أخرى غير الجهاد فيهم وقتلهم وسلب أموالهم وقتل نسائهم وأطفالهم ، فأعظم ما في القرءان من إجرام شيئين : الشرك بالله وقتل المسلم ظلما وعدوانا من غير حق شرعي مستوفي الشروط ممن أعطاه الإسلام النظر في استيفاء الشروط ليقتل بسببها المسلم ( وهنا مربض الفرس ) ، وهو الذي سيهلك فيه غدا بين يدي الله كثير من قاصري النظر من الحكومات المرسلة  لجنودها ليذهبوا إلي الله من هناك مقتولين ، والنصوص غير مراعاة أصلا أو مؤولة تأويلا لا يقف أمام الله يجادل عن صاحبه لصدوره عن جاهل ، ومن جهة المحاربين كذلك يذهب الكثير منهم إلى الله وهو يظن أنه ذاهب إلي الشهادة ، وهو ذاهب إلي مضمون تفسيرات خاطئة لطريق الشهادة ، بل المقاول المتولي طريقة تخطيطها هو الشيطان الذي قال عنه الله أنه يزين لضحاياه أعمالهم ويقول لهم (( إني جار لكم )) ، وإلا فأي طريق توصل إلي الشهادة عند الله وصاحبها يحمل دم الأبرياء من الأطفال والنساء المسلمين وحتى غير المسلمين ، فقتال الدولة بجنودها المسلمين لأولئك المجاهدين في تفسيرهم لقتالهم للجنود المسلمين الموجهين من دولة فيها المساجد والمآذن التي تنادي في سدس الليل الأخير أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الصلاة فيها الفلاح وأنها في ذلك الوقت خير من النوم ( ويمكن هنا القول إذا قيل أن السيف أحد من العصي  فتلك مذمة للسيف ) ولكنها السنة مع أن الشيطان يقول في ذلك الوقت العكس وكثير من يستجيب له ، ورفع الأذان في المدينة من موانع حتى قتال المشركين أيام ابلاغ الدعوة لجزيرة العرب ، فهذان المقتتلان ورد فيهما نص قرآني وحديث صحيح والنص القرآني سمي هؤلاء إما بالمؤمنين وإما بالمسلمين ، والمعروف أن الإيمان والإسلام إذا ذكر أحدهما دون الآخر يكون معناهما واحد ، وإذا ذكرا معا يفسرا بما فسرهما به النبي صلي الله عليه وسلم أمام جبريل وجبريل يقول له صدقت  ، فالنص القرآني يقول : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما  ،،، الخ الآية )) ، وأما الحديث الصحيح فقوله صلي الله عليه وسلم : ( أذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) وفسر النبي صلي الله عليه وسلم شأن المقتول ووجوده في النار مع أنه مقتول بأنه كان حريصا علي قتل صاحبه .

هذان النصان لا يتركان للمؤمن او المسلم بمعني من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا أن يتحري ويتوقف مائة عام ويفكر ألف تفكير قبل أن يقتل المؤمن او المسلم الذي يقاتله بدون أن يكون مدافعا عن نفسه أو ماله أو عرضه ولاسيما أن يكون قاتلا لبريء يتأول هو قتله بأي تأويل عمدا أو خطئا ومن هنا أود أن أقول لكل مسلم سواء كان من الدولة أو مرسل منها لقتال الإرهابيين كما يقول بوش أو المحاربين كما يقول الإسلام إذا توفرت الشروط أو المجاهدين كما يسمون هم أنفسهم أي أن كل إنسان سواء كان رئيسا أو جنديا أو مجاهدا متأولا عندما تنتهي منه هذه الروح التي تنتهي بنزعها منه إجباريا ويبدلها الله بالروح الباقية إلي مالا نهاية فعلي مرسل الجندي وعلي الجندي نفسه وعلي المجاهد او "المحارب " أن يعلم أنه دخل في نهاية خزي في النار لا نهاية لها ولا مرد لها من الله فلا ملجأ ولا نكير كما يقول تعالي : (( استجيبوا لربكم من قبل أن ياتي يوم لا مرد له من الله مالكم من ملجإ يومئذ ومالكم من نكير فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ))  ، ومن هنا أقول للمجاهدين أو المحاربين لله ورسوله أن الجميع يدرك أن رؤساء المسلمين الآن يخاطبهم الله تعالي بقوله : (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )) ولا منكر فوق عدم تطبيق نصوص الله علي عباد الله فوق أرض الله واستبدالها بأي حكم آخر علي أي وجه لم تنص الشريعة علي درئه للحدود في أي جريمة ، إلا أن هذا المنكر الذي سيقدم به الرؤساء علي ربهم وهو يقول (( وكفي بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا )) لا يمكن أن يقابله مسلم آخر بقتل الأبرياء الذين لم يدخلوا في خطاب الله في قوله تعالي " الذين إن مكناهم في الأرض ،،، الآية " بل داخل في حقهم بدله : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )) ، اذن فما هو الحل بالنسبة ل"لمجاهدين" في قضية هؤلاء الذين تجتمع فيهم خصلتا سوء وهما عدم تحكيمهم لشرع الله وثانيا موالاتهم لأعداء الله علي عباد الله ؟

والجواب في نظري أولا : أن هاتين السيئتين أجاب الله عليهما في كتابه العزيز فالموالاة يقول فيها تعالي : (( لا يتخذ المومنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء )) ومن لم يكن من الله في شيء (( إلا أن تتقوا منهم تقية ويحذركم الله نفسه وإلي الله المصير )) وأعوذ بالله ممن كان إلي الله مصيره وهو غير راض عنه ومحذرا له .

وأما الحكم بغير ما أنزل الله فيخاطب الله أهله بقوله تعالي : (( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون )).

ولكن في هاتين سيئتين : هل تنقلب المسؤولية بمطالبة المسلمين الذين مكن الله لهم في الأرض بتعجيل العقوبة علي هؤلاء مع العجز وعدم القدرة والنصوص تؤخر عقوبتهم إلي يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون .

أما الطامة الكبري في الآخرة علي من مكن الله لهم في الأرض هي مظاهرتهم لأهل الكفر الذين يقاتلون المسلمين في فلسطين وآمريكا في العراق والروس في سوريا الخ بموالاتهم بإخراج المؤمنين من ديارهم وإجبارهم علي اللجوء المهين المميت إلا أن كل ذلك جزاؤه في الآخرة المرد إلي العذاب المهين .

أما ما أراه أنه هو الحل الأصوب في موريتانيا خاصة ، فإن من نظر إلي الدراسة التي قام بها السيد محمد محمود ولد أبو المعالي وسرد فيها مكان جميع من يسمون أنفسهم بالمجاهدين فلم يذكر في بلدنا أي واحد منهم ، ولكن مازلنا نسمع بقضية سجنائهم ، فعلي القائمين علي السلطة أن يتخلصوا من هذه المسميات في موريتانيا ، فالمسجونون إذا كانوا عليهم أحكاما جنائية فيها الحق الخاص فلتنفذ عليهم أو يعفو صاحب الدم ، وإذا كان الحق العام فليعف صاحب العفو ليس مقابل التخلي عن هذه الأفكار بل مقابل قبول أن كل فكر بين المسلمين يمكن أن يحل بالتحليل والرد إلي كتاب الله ، وكل خلاف في الدنيا قابل لذلك وليس في الدنيا خلاف مأمور بحله دائما عسكريا وهذا هو ما جربه أهل الفتنة بين المسلمين ، من يوم قتل عثمان إلي يومنا هذا .

أما مساعدة موريتانيا لدول غرب افريقيا وشمالها ( وليس من بينهم طبعا مصر ) ، فعلي موريتانيا أن تعلن عن انعقاد مؤتمر إسلامي عقائدي مفتوح لجميع الحكومات في افريقيا الغربية والشمالية ومفتوح كذلك لجميع ممثلي الجهاديين وجميع العلماء في هذه الدول وممثل عن السلطة في كل بلد ، وطرح جميع ما يعتقده المجاهدون علي الطاولة لموقف الإسلام منه ، وموقفه من قتل المسلم للمسلم أو الذمي أو المعاهد أو أي إنسان كان لم يرتكب جريمة , ولا تنتهي هذه الاجتماعات إلا بالمصالحة الكاملة بين المسلمين وشعوبها ، وهنا علي السلطة الحاكمة أن تتنازل لله عن ترك بعض ما نهاها الله عنه أو تعمل ببعض ما أمرها الله به طلبا لمرضاته بدون أن يكون اعتذارها عن ما لا تعتقد أنه عليها دينيا  يسبب الخلاف معها مجددا حتى يأتي الجميع إلي الله وهو آتيه لا محالة بقلب سليم كما قال تعالي : (( ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ))

 

 

23. نوفمبر 2019 - 0:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا