أشد الذنوب ما استخف به صاحبه / علي بن أبي طالب
من المعلوم بداهة ألا مؤسس "فردا" لأحزاب الأنظمة - المعرفة في السياق السياسي بـ"الاحزاب الحاكمة" - بقى في وجدان الشعوب أكثر من قترة "حكمه" التي لا محالة مارس فيها بواسطة "الحزب" أفعالا تنتمي إلى أفعال العسف التحكمي وشططا سياسيا مارقا على أصحاب الرأي المغاير و الأحزاب المعارضة قل ذلك أم كثر بحسب مزاجه.
كما هو معروف، وبذات "البداهة"، ألا حزب يبقى على حاله علما بما سيعتري الأخير من تحولات في داخله ومن حسابات حول "الملكية" و"الريادة" بعد انزياح رئيسه عن سدة الحكم، إن لم ينتهي بالتشظى على الأقل حتى يبين زيف الانتماء وتتعرى نوايا الانتهازية والنفعية التي تحك أطقمه في كل مفاصله ومناضليه الحيويين.
فكم حزبا استبدل اسمه باسم جديد بعد كل تحول في دفة الحكم وانزياح رأسه بفعل وتنظير وترتيب ذات "البيادق" لتتحول ملكيته إلى النظام الذي يجئ من بعد الأول؟
فحزب "الشعب" تحول إلى "هياكل" تهذيب الجماهير،
والحزب "الجمهوري" تحول إلى حزب "عادل"،
وحظب "عادل" تحول إلى حزب "الاتحاد" من أجل الجمهورية،
بفعل نفس المنظرين والمسوقين بلغة الخشب الضامنة الحفاظ على مآرب الانتهازيين في رحاب أحزاب لا روح لها ولا إيديولوجيا ولا فلسفة ولا ثقافة سياسية أو قيم ديمقراطية.
صحيح أنه في هذه البلاد التي ظلت فضاء سائبا في تناقض شديد يجمع بين حضور الدين بقوة ويد الظلم والبطش العاتية حتى أسس فيها المستعمر كيان الدولة المركزية، تحمل السياسةُ في أوضح صورها جميع سمات ماضيها الفالت كليا من قبضة الحكم المركزي وقيم المدنية؛ سمات توزعت بين النزعة إلى السيطرة بالقوة عند البعض واستخدام الدين عند البعض الآخر لذات غرض النفوذ والثراء. وقد تعزز بهذا النهج ما كان في الماضي "الفالت من قبضة الانضباط" باتباع الأخذ مطلقا بـ :
- "المعقول" المنظور،
- النفع و"اللامعقول" القطعي الضرر في معادلة تبرض ديمومته.
وهو النهج الذي يدعم "تشريع" نهب المال العام من موقع "الحضور" في فضاء "القرار" والتأسيس بهذا المال لعوامل تعزيزه وبقائه قائما لا تحركه الزوابع ولا يضطرب للدعاوات المشروعة إلى التغيير.
والعجيب أنه - و في مفارقة عجيبة - لا يشفع لهذا النهج "السيباتي" سوى أنه لا يكرر تجارب "الآفلين" الذين قضوا وطرهم من البلاد وتجازوهم "النفاق العام" إلى "مدارك جديدة"، مهما تقمصوا من أدوار وارتدوا من أثواب ووضعوا من أقنعة وفعلوا، وأنهم كيفها عادوا، سيلحق بهم ما اقترفوا ومعهم من كانوا جندوه لذلك.