من الصعب جدا تفسير التصرفات الغريبة التي يقوم بها الرئيس السابق، وإذا كان لابد من تفسير تلك التصرفات، فإنه لن يكون بالإمكان تفسيرها إلا بشيء واحد: وهو أن الرئيس السابق كغيره من الرؤساء الدكتاتوريين قد كتبت له خاتمة سياسية سيئة، ولابد له أن يمهد لها بتصرفات غبية ومتهورة.
يبدو أن الرئيس السابق والذي لم يكن يفصله إلا ذراع واحد عن دخول دائرة الرؤساء الأفارقة والعرب المتميزين الذين تنازلوا طواعية عن السلطة تكريسا لمبدأ التناوب السلمي على السلطة، يبدو أن الرئيس السابق الذي لم يكن يفصله عن دخول دائرة الرؤساء المتميزين إلا ذراع واحد قد سبق عليه الكتاب فعمل عمل الرؤساء الدكتاتوريين الذين جعلهم حب السلطة يتصرفون كالأغبياء والمجانين.
حكم الرئيس السابق البلاد لمأموريتين كاملتين مع عام "بونيس"، وأتيحت له الفرصة أن يجمع من المال ما جمع، وأن يخرج من السلطة كخروج الأبطال. وكان من حسن حظه أن الرئيس الذي خلفه على كرسي الرئاسة هو صديقه الوفي الذي يتجنب الصدام مع الخصوم، فكيف إذا كان الأمر يتعلق برئيس سابق وبصديق لعقود كاملة من الزمن.
كان الجميع ينتقد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بأنه يبالغ كثيرا في الوفاء لصديقه الرئيس السابق، وبأن ذلك الوفاء ربما كان على حساب المصالح العليا للوطن، ومع ذلك فلم يتردد الرئيس السابق في توجيه الطعنات تلو الطعنات لصديقه الرئيس.
لم يتوقف الرئيس السابق عن طعن صديقه في الظهر بالتسريبات خلال أيام الحملة الانتخابية..
ولم يتوقف عن طعن صديقه في الظهر بعد فوزه في الانتخابات، فما كان منه إلا أن أعلن عن حالة طوارئ كي يفسد على صديقه فرحة الفوز وطعم النصر.
ولم يتوقف عن طعن صديقه في الظهر بعد أن أصبح رئيسا، فهاهو اليوم ينازع صديقه الرئيس على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ومع ذلك فهو لا يملك من جنود في ذلك النزاع سوى حفنة قليلة من أعضاء لجنة تسيير الحزب ومن النواب الذين لا يفقهون شيئا في السياسة.
فلماذا يصر الرئيس السابق على أن يوجه الطعنات تلو الطعنات لصديقه الرئيس، والذي يعتبر هو الشخص الوحيد القادر على حمايته والمستعد في الوقت نفسه على توفير تلك الحماية؟
ولماذا يصر الرئيس السابق على أن يكشف ظهره لأعدائه وما أكثر أعدائه، وأن يحارب في الوقت نفسه أصدقاءه وما أقل أصدقائه؟
فهل يعتقد الرئيس السابق بأنه يستطيع أن يهزم دولة كاملة برئيسها وجيشها وموالاتها ومعارضتها، أن يهزمها بعشرة نواب وثلاثة أعضاء من لجنة تسيير مؤقتة؟
ما أقدم عليه الرئيس السابق لا يمكن تفسيره إلا بشيء واحد، وهو أنه يصر على أن تكون خاتمته السياسية سيئة.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل