أرى أنه من الفضول، الخوض في الحديث عن مرجعية حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، و خاصة ربط تلك المرجعية بشخص متجاوز لم و لن يكون اهلا لذالك، فهذا تحصيل حاصل. فحزب الدولة، هذه فرصته مع السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لتخطي دور الحاوية الخاوية، فمنذ بزوق فجر الاستقلال يقف هذا الحزب علي فيئة دأبت علي النهج المكيفيلي و هي كالرياح لا تحمل اثقالا اخلاقية و لا افكارا اديولجيةاو سياسية قد تمنعها من حط الرحال عند كل قائد جديد، فشعارهم " مات الملك، عاش الملك".
لست من من يمتهنون التحزب، لكني اجد اليوم نفسي ميالة لذالك، لان هناك رجل جديد يفرض باسلوبه الاعجاب و الاحترام. فالسيد محمد ولد الشيخ الغزواني، فيما بدا لي، رجل من طينة نوادر القادة الذين وفقهم الله في فعل معالي الامور و في النظرة الثاقبة في اصابة قلوب الرجال بالمحبة. فظهور الجنرال مولاي ولد بوخريس ببزته العسكرية و آخرين من خيرة الضباط يوم عيد الجيش تحت العلم الوطني في اركان القيادة، بعد حصار دام اكثر من عشرة سنين، لهو دليل علي ان السيد الرئيس ينظر الي الامور العامةباسلوب راقي جدا من القيم الجمهورية، و هذه الرسالة تبعث في نفوس أولئك الضباط، و من خلالهم كل الجيش، ان مكانتهم في الذاكرة العسكرية محفوظة مهما حاول البعض من طمسها.
و توجيه الدعوة للسيد سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي اقاله من منصبه في جنح الليل الدهماء، لحضور احتفالات عيد الاستقلال في اكجوجت، لهو دليل اخر علي ان الرجل لا تكبله شخصنة الامور العامة، بل يتعامل مع الرجال كرموز للدولة او كرموز لموؤسسات، فلسان حاله يقول بفعل صادق "لا تثرب عليكم اليوم ".
ما اروع هذه الصورة و ما اصعبها، "ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كانه ولي حميم" و كذالك توجيه الدعوة للسيد احمد ولد داداه و محمد ولد مولود و حفاوة استقبالهم في مهرجان المدن القديمة تدل هي الأخرى علي شيم اهل المكارم، وما تبعها من رد للمظالم عن ضعاف القوم في التلفزة الوطنية كمني منت الدي و آخرون، فبالعدل ارسل الله الرسل، كما قامت السماوات والارض بالعدل، "يا عبادي اني حرمت الظلم علي نفسي و جعلته بينكما محرما فلا تظالموا" اما اللقاءات التي توالت في القصر الرئاسي مع جميع الطيف السياسي بدون انتقاء والتي يبدو انها ستشمل اهل الحل و العقد، و اهل العقل و الرشد، دشن بها السيد الرئيس سنة حسنة، فالله جعل امركم بينكم شوري لحكمة بالغة منه، فما خاب من استشار و اذا عزمت فتوكل علي الله.
وخير القول ما قل و فاد، فالرجل يعي جيدا مفهوم الدولة الحديثة، تجليا في ما ورد منه حتي الان في تدبير الشان العام، فلكل قيمة من قيم الجمهورية عنده لها معناها، فالذاكرة العسكرية معناها انضباط الجندي، و دعوة الشخصيات الوطنية معناها تقدسه لرموز الدولة، و التشاور عنده معناه احتياط اهل العقل و التدبير.
حين يودع عند سلم الطائرة بايده الاثنتين وزيره الاول بدل مده طرف اصابعه بصفة خاطفة، يدل علي ان الرجل مليئ بالتواضع و احترام الآخر، و لا غرو فانه من سلالة تلاد مدرسة عريقة في تربية القلوب من الامراض الدنيوية الدنيئة و تجريدها من الكبرياء، فحبذا لو انشا لنا الرئيس مدرسة صوفية متخصصة في تكوين ممتهنين مطية السياسية، لتثبيت قلوبهم بدل خفتها و ترحالها الي كل ما هو جديد، و ان لا يكونوا من الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا، و يكون التخرج من هذه المدرسة شرطا في السيرة الذاتية لتقلد المناصب الهامة في الدولة، فنحن احوج الي هذه المدرسة اكثر من شيء آخر، ففي الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و صلح امر الامة.
و بمناسبة عيد الاستقلال ازف تحياتي الي الشعب الموريتاني و الي كل وزراء ولد عبد العزيز و وزرائه الاولين و من سار علي دربهم هذه الايام، فبدر الاصلاح الحقيقي طلع علينا. هنيئا لموريتانيا علي رئيسها الجديد، فكلنا غزوانى و كلنا اتحاد من اجل الجمهورية الاسلامية الموريتانية، وفقنا الله و اياكم.
محمود ولد ازوين الملقب أمحيه، اول مدير عام للوكالة الوطنية للطيران المدني.