شهدت الانتخابات الرئاسية الماضية ' التي جرت في 22 يونيو الماضي تنافسا إيجابيا محموما بين المترشيحين ' حيث طبعتها المسؤولية والاحترام المتبادل بين كافة المترشحين ' وكذا المنتخبين ' ولم تسجل فيها خروقات كبيرة ' وكان من أبرز المنافسين في حلبة الصراع الإنتخابي رجل الإجماع الوطني ' صاحب برنامج " تعهداتي " رئيس الجمهورية الحالي الذي اقتنعت غالبية المجتمع الموريتاني ببرنامجه الإنتخابي ' وخاصة الشرائح الهشة والمغبونة ' فحاز الفوز في الشوط الأول بنسبة اثنين وخمسين في المائة ' نظرا لقوة وصدق ما تقدم به من تعهدات قطعها على نفسه أمام الله والشعب الموريتاني ' الذي عاني سوء الخدمات التعليميه والصحية ' رغم وجود الوسائل والإمكانيات الضرورية وقاطعا الشك باليقين انه في حالة حصوله علي الفوز برئاسة الدولة فانه سيحل جميع المشاكل التي يتخبط فيها البلد وحسب اولوياتها . وشاءت الأقدار بذلك ' لأن الانسان وكما يقال لن يجد إلا ما يضمره في قلبه ' شرا أو خيرا ( الإنسان تجر ي أعليه نيتو ) ' وبعد تسليم السلطة أثير الكثير من اللغط والشكوك المريبة التي تدعي أن الرجل لن يبتعد كثيرا عن صديق البندقية والشريك له في كل شاردة وواردة ' حلوها ومرها ' وما لم يفهمه القائلون لهذا النوع من الاحكام المسبقة ' وما خفي أيضا علي هؤلاء من عدم فك طلاسم ' ومكنونات شخصية رئيس الإجماع الوطني كان يناقض ماذهبوا اليه تماما ' فهو شخص حذر ' لأنه يعلم وعلي دراية تامة من المثل القائل: " من مأمنه يؤتي الحذر " ' والذي يضرب للسابق المبرز الذي فاق أقرانه حكمة وحنكة ورزانة ' إنه الهدوء الذي يسبق العاصفة ' والمكاشفة مع صديق الأمس ' وكما يقال أيضا لو تكاشفوا ما تدافنوا ' لكن رفيق الدرب عمل علي تسريع قطع شعرة معاوية التي أفاضت الكأس المملوءة بما لا تحمد عقباه ' فحدث الجفاء بين توأمي السلاح ' وتاركا بصماته للتأويل والتحليل المنطقي لحيثيات ما بعد الجفاء والمصارحة والمكاشفة لمآلات ما بعد الفراق والفجوة التي سببها قطع شعرة معاوية ' التي كان يصر الرئيس الحالي للحفاظ عليها بغثها وسمينها ' باحثا في الوقت ذاته عن مخرج مشرف لزميله ' لكن الأخير بإصراره للعودة للمشهد السياسي ' ومغالطة الواقع وتخطيئه له والذي لم يعجب الرئيس الحالي ولم يستسقه ' هو ما أدي إلي إتخاذ موقف منه ومراجعة شاملة لموقفه إزاء هذا النوع من التصرفات التي كان من اللازم أن ينأ ى الرئيس السابق بنفسه عنها .
ولذا فإن الأيام القادمة ستكون لا محالة حبلي بالمفاجآ ت والمآلات ' وهي وحدها الكفيلة بالاجابة علي كل ما يعتمل في ذهنية الشارع الموريتاني ' ولا ريب أن السلطة الحالية ستكون صارمة في ردها علي هذه التصرفات الغريبة التي كانت تطبخ علي نار هادئة ' متناسين أهلها في الوقت ذاته أن طعم العافية والاستقرار ما يماثله شيء ' ومتجاهلين قيمة المثل القائل: " خذ من العافية ما أعطيت " ' ولا يحتسبون أن من تعظم علي الزمان أهانه ' فالتعالي وحب الذات نتيجتهما الحتمية الإرتماء وإلاحتضان في مهاوي عبث الاقدار التي لا تعرف الرحمة لمن تكبر أو تجبر' وأختار طريق العنف بدل الحوار ' والفساد في الأرض بدل الإصلاح ولم يأخذ العبرة والموعظة من مصائر رؤساء سابقين أهانوا شعوبهم ونكلوا بهم فجرفتهم سفن الشعوب الغاضبة ولنا في بن علي التونسي والقذافي الليبي ما يشي بذلك ' وكأي من ظالم لشعبه وجد قطه من البلايا والرزايا في الدنيا قبل الآخرة ' باعتبار دعوة المظلوم تحمل علي الغمام ' ولا شك أن الله تعالى سينصره ولو بعد حين ' يقول الله عز وجل: " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " فيا حكام موريتانيا ووزراءها ومدراءها وفقهاءها وسياسييها ...إلخ اتقوا الله في ضعفاء الشعب ' فإنما هم بكم ' إن استقمتم استقاموا ' وإن اعوججتم اعوجوا ' وكما يقال الرعية علي دين راعيها ' وعلي الحاكم أن يصاحب الشعب الضعيف ويزامله خير له من مصاحبة ومزاملة وزرائه وجنرالاته ' لأنهم لا يعاملونه إلا معاملة الند والمثل ' أما الشعب الفقير فلا يود شيئا غير لقمة العيش ' لكنه في المقابل تحذر نقمته ' وفي الاخير إياك أيها الحاكم من بطانة السوء التي نلتمس من الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا وإياكم منها .
ذ / السيد ولد صمب انجاي
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد
كيفه : 2/ 12 / 2019