إلى متى يتم توقيف نهش المال العام ؟ / السيد ولد صمب انجاي 

تعتبر ظاهرة أكل المال العام ونهبه متفشية في البلدان العربية وخاصة بلدنا ' إنها ظاهرة مسيئة إلى سمعة البلاد ' وحتى العلاقات الخارجية وبشكل أخص مع الدول التي تقدم الدعم الإقتصادي لبلادنا  ' مما يجعل هذه الدول تضع شروطا قد يكون لها تأثير على سيادة الدولة كي تمنح مساعدات ' فظاهرة تبديد المال العام تساهم في العزوف السياسي وضعف المشاركة حتي في أي عرس انتخابي ' نتيجة هشاشة وغياب الثقة بالمؤسسات العامة وأجهزة الرقابة والنأي عن المساءلة والافلات من العقوبة ' وهذه كلها عوامل تساهم بشكل كبير في تخلف البلاد اقتصاديا وسياسيا وسوسيو _ ثقافيا .

ولعل بلادنا نالت من مظاهر العبث بمقدرات البلد وتبديده نصيب الأسد ' مما جعلها تحسد علي ذلك فلقد بلغ استشراء الفساد الحناجر فاسحا المجال للكساد والجمود الاقتصادى ' كما بلغت المديونية أوج ثقلها والقوى الشرائية تهاوت بفعل تدني الأجور واستاتيكيتها وعدم قابليتها لمواكبة طموحات الشعب ' ما يؤكد تراجعها من الناحية القيمية والشرائية ' بمعني أن كل هذه  العوامل  مجتمعة انعكست سلبا على كافة  بنيات  المجتمع السياسية  والإقتصادية  والإجتماعية ' يستوى  في  ذلك المؤسسات  العمومية وشبه العمومية. .

ومما يفاقم هذه الظاهرة ويجعلها تستشرى  وتنتشر في بلدنا انتشار النار في الهشيم ' هو إفلات ممارسيها من العقوبة وعدم تطبيق القانون على هؤلاء ' وحمايتهم من طرف النافذين ' فقد شهدت جميع القطاعات الحكومية فسادا ماليا وإداريا في السنوات الماضية لم يسبق له مثيل ' وتجلي ذلك في إبرام الصفقات المشبوهة وبطرق ملتوية خدمة للنزوات السخصية  خاصة الاتفاقية المبرمة مع سركة ( بولي هوندونغ ) المشؤومة  التي يجب الغاؤها لأنها تعمل على نهب ثروتنا السمكية بعيدا عن أعين المراقبة والمحاسبة ' بالإضافة الى اتفاقيات اخرى يضيق المقام عن ذكرها حاليا '  كما أن هنالك شكلا آخر  من الفساد الاداري يتمثل فى  التوظيف القراباتي المشبوه ' الذي لا يراعي الكفاءة  والتحكم في القرارات ' مما ينذر  بدخول البلاد في نفق مظلم يؤدي إلي انفجار إقتصادي واجتماعي  _  لاقدر الله  _  ' نظرا لهذه المظاهر من الفساد التى أصبحت تؤرق الدولة ذات الاقتصاد الهش رغم تعدد مصادر الثروة الإقتصادية ( السمك _  المعادن ...الخ ) ويساعد في تخلف البلاد عن الركب التنموي ' وهو ما يحدو بنا الى التساؤل المشروع عن دور المؤسسات الرقابية على المال العام وفى مقدمتها القضاء للتصدي لهذه الظاهرة المعيقة للسيرورة التنموية. 

ولا شك أن صيانة المال العام يجب أن تكون ديدن الجميع حكومة وشعبا ' موالاة ومعارضة ويكون ذلك بزيادة نسبة الوعي لدى المواطنين عن طريق بث القيم الحميدة بينهم مع تنبيههم الي مغبة الضلوع على انتهاك حرمة الممتلكات العامة .ومن ثمة يدخل فى هذا الإطار  دور العلماء  من خلال إرشاد الناس ' وتبيان خطورة أكل المال العام لأنه يهوي بصاحبه إلي المهالك قال تعالي: " ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " ولا شك ان الآية الكريمة تحمل في طياتها تهديدا ووعيدا شديدين لكل آكل للمال العام ويقول صلى الله عليه وسلم : " لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ' على رقبته فرس له حمحمة ' يقول : يارسول الله أغثني ' فأقول: لا أملك لك شيئا ' قد أبلغتك ' وعلى رقبته صامت فيقول : يارسول الله أغثنى ' فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ' أو على رقبته رقاع تخفق ' فيقول : يارسول الله أغثنى ' فأقول لا أ ملك لك شيئا قد أبلغتك " ' وهذه رسالة واضحة وفاضحة لكل من تسول له نفسه الاجهاز على المال العام ' كتابا وسنة فلا النياشين والاستئثار بالسلطة تنفعانه عندما يحضر ملك الموت ' ولا أمواله وقبيلته التى كانت تؤويه يجديانه  ولا الثروة التى كان قد حصل عليها بالطرق الملتوية تمنعه من المساءلة أمام الله ' اذا كان هذا هو حالنا  ومآلنا  فأين المفر  ؟ أعتقد أنه لامفر  ولانجاة منه إلا إلي المولى عز وجل '  قال تعالي  : "  إنه ظن ألن يحور "  فالمرجع  والمئاب إلى الله كي يجازينا على أعمالنا ' إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا '  فإلى متى هذه الغفلة والسبات الدوغمائي الحالم .

اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد 

8. ديسمبر 2019 - 15:51

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا