ثقافة اقتصادية   / محمد طالب بوبكر

 الاقتصاد في أبسط معانيه لا يختلف عن جسم الانسان 

 وجسمك سيخبرك بأنك تعرفه فقط اقرأ هذه الأسطر:

لا شك أننا جميعاً نتعامل في حياتنا اليومية مع مؤشرات الاقتصاد وتشغل بالنا كثيراً قضايا المال وقيمة النقود التي بين أيدينا..وتطرق أسماعنا يوميا مصطلحات اقتصادية مثل (التضخم النقدي، الكساد، المصارف التجارية، المصرف المركزي، السياسة النقدية...الخ) ونظل حائرين فيما تعنيه، وإذا فهمنا معناها يستمر الغموض في فهم أسبابها أو تاثيرها على تكاليف معيشتنا .... لكن ماذا لو أزلنا الغموض عن هذه المصطلحات ليسهل فهمها على الجميع بطريقة مبسطة جداً .

وحتى لا أطيل في الشرح.. سأربط الاقتصاد بمعلومات يعرفها الجميع عن جسم الانسان ..وطبعاً لا يسع المقام لشرحالاقتصاد ككل......فأ قول:

1-  الاقتصاد جسم له أجزاء تماماً مثل جسم الانسان وأجزائه. 

2- مادة الحياة في جسم الانسان هي( الدم) وهي في جسم الاقتصاد( النقود) . وكما أن أي عضو في جسم الانسان لا يصله الدم يموت ويتعرض للبتر، فإن أي جزء من الاقتصاد المحلي لا تصله النقود، سيموت اقتصادياً، بأنه ينفصل عن واقع الاقتصاد، ويعود إلى المجتمعات البدائية قبل النقود. وفي المقابل أي جزء تنشط فيه حركة النقود يزدهر اقتصادياً .

3-  العضو المسؤول عن ضخ الدماء في جسم الانسان هو(القلب)، ويقابله تماماً (المصرف المركزي) فهو المسؤول عن ضخ (النقود والأموال) وتوجيهها لتصل إلى أجزاء الاقتصاد بتوازن يكسبه الحيوية والنشاط.

4-  نعرف أن دوران الدم في جسم الانسان يقوم به (الجهاز الدوري)، كذلك في جسم الاقتصاد فإن دوران النقود تقوم بها ( المصارف التجارية) فهي الجهاز الدوري، بل إنه حتى المتخصصين يطلقون عليها ( الجهاز المصرفي) فيستبدلون كلمة الدوري بالمصارف، وذلك لأن المصارف التجارية تستقبل أموال الناس في شكل ودائع، وتعيد ضخها في الاقتصاد كقروض وتمويلات لتستمر فيها الحياة.

5- جسم الانسان معرض (للصحة والمرض)، وكذلك الاقتصاد معرض للأمراض والتدهور والانتكاس ثم التعافي والنشاط و الانتعاش..

6-  نعلم أن زيادة الدم في جسم الانسان تؤدي إلى مرض (ضغط الدم)، الأمر كذلك وبالتمام في جسم الاقتصاد، فإن زيادة النقود ستؤدي إلى مرض (التضخم النقدي). ويعتبر مشكلة لا بد من علاجها، لأن أسعار السلع ترتفع.

7-  وبالعكس لو تعرض جسم الانسان إلى نقص في ضخ الدم فإنه يؤدي إلى مرض( هبوط الدم) ويصبح الانسان غير قادر على الحركة والنشاط، ويميل إلى الركود .... وهذا ما يحدث بالضبط في الاقتصاد عندما تقل النقود وتنخفض القروض والتمويلات، مما يؤدي إلى مرض ( ركود الاقتصاد) ويحتاج إلى ضخ النقود في شكل قروض وتمويلات لتزاداد النقود وينشط الاقتصاد.

8-  إذا تعرض جسم الانسان إلى تغير مفاجئ في كمية الدم، فإنها تؤدي أحياناً إلى (أزمة قلبية) نطلق عليها (سكتة قلبية) لأن الدم يتوقف عن تدفقه المعتاد ويسكت القلب..... وهو تماماً ما نطلق عليه في الاقتصاد ( أزمة سيولة) حين تختفي السيولة بشكل مفاجئ من المصارف، وتتوقف حركة الحياة بدون نقود.

9-  عندما نمرض نلجأ إلى (الطبيب) ليتدخل ويشخص المشكلة ويتولى العلاج، كذلك هو الحال تماماً في الاقتصاد، (المصرف المركزي) هو الطبيب الذي يتولى تشخيص مرض الاقتصاد ويبحث في كيفية علاجه.

10- الطبيب يكتب لنا (وصفة الدواء) وفيها العلاج للأمراض، كذلك يقوم المصرف المركزي بعد أن يشخص الحالة، بتقديم العلاج في ما نسميه (السياسة النقدية) ففيها علاج أمراض الاقتصاد (التضخم والكساد).

11- لكن إذا أصابنا انخفاض مفاجئ وحاد في ضغط الدم ...هنا يتدخل الدكتور مباشرة ويطلب(زيادة دم) في الوريد، لأن تأثير الدواء في الوصفة يحتاج وقت... كذلك هو الحال بالتمام في الاقتصاد، إذا حدث (أزمة سيولة أو ركود حاد) يتدخل المصرف المركزي مباشرة بضخ الأموال في المصارف. 

هذا هوالاقتصاد في أبسط تفسيراته، ولو استمرينا بالشرح لاكتشفنا المزيد من أن الأمور التي نراها معقدة يسهل فهمها بالتبسيط وتفكيك معانيها ....

وهكذا.. اعتقد أن عامة الناس في المجتمع، يصبحون قادرين على فهم أن زيادة النقود عن الحد المطلوب في الاقتصاد ليس جيداً لأنه سيسبب في مرض (التضخم) الذي يعني ارتفاع تكاليف حياته.

وإذا سمع بالمصرف المركزي، يعرف أنه هو المسؤول عن تحقيق التوازن في الاقتصاد و انعاشه، وإذا تحدث الناس أمامه عن المصارف التجارية، يفهم أن لها دور حيوي عن توفير السيولة للناس. وأن اختفاء النقود يعني (أزمة).

ختاماً ..أتمنى أني قد وفقت في المساهمة بتبسيط مفاهيم اقتصادية تعتبر غامضة عند عامة الناس...لأن وعي الجتمع يبدأ بفهمه متغيرات الحياة من حوله.

 

 

8. ديسمبر 2019 - 17:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا