في يوم 28 مايو 2019 سلمنا في حملة "معا للحد من حوادث السير" عريضتنا المطلبية للمرشح محمد ولد الشيخ الغزواني، وقد عبَّر لنا المرشح خلال عملية التسليم تلك عن تبنيه لكل مطالب الحملة، وعن استعداده الكامل لتنفيذ تلك المطالب إذا ما تم انتخابه رئيسا للجمهورية.
فاز المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية، وبعد ثلاثة أسابيع من تنصيبه رئيسا للجمهورية، وتحديدا في يوم 22 أغسطس 2019 انعقد أول مجلس عملي للوزراء تحت رئاسته (سبقه اجتماع واحد وكان في الأساس للتعارف)، وقد جاء في البيان الصادر عن ذلك المجلس فقرة تقول: "يستعرض هذا البيان إحصائيات حوادث المرور ويحلل أسبابها الخاصة، ويقيم الإجراءات المتخذة للحد منها، مع اقتراح جملة من الإجراءات الجديدة لضمان السلامة الطرقية في بلادنا. ويتعلق الأمر، على وجه الخصوص، بإنشاء المجلس الوطني للسلامة الطرقية وبتنفيذ إستراتيجية فعالة في هذا المجال."
لقد استبشرنا خيرا في الحملة بما جاء في ذلك البيان، وما عكس من اهتمام مبكر بالسلامة الطرقية، وفي إطار هذا التوجه الجديد فقد التقينا في الحملة بوزير التجهيز والنقل لعدة مرات، وقد عبر لنا الوزير خلال تلك اللقاءات عن استعداد الوزارة الكامل لإشراك الحملة في كل ما ستقوم به الوزارة من جهود توعوية وتحسيسية للحد من حوادث السير، وهو ما تم فعلا من خلال الحملة الوطنية للسلامة الطرقية، والتي تم إطلاقها من طرف الوزير الأول من بلدية أغشوركيت يوم الاثنين الموافق 9 ديسمبر 2019.
الوزير الأول ثمن بدوره الجهود التي كنا نقوم بها في حملة "معا للحد من حوادث السير" ، وطالب بأن تكون الشراكة معنا مستمرة في كل ما يتعلق بالسلامة الطرقية.
إن المتتبع لأنشطة الحكومة في مجال السلامة الطرقية خلال الأشهر الأربعة الماضية، لابد وأنه سيخرج بثلاث خلاصات مهمة :
أولها : أن هناك إرادة سياسية حقيقية وجادة لدى رئيس الجمهورية وحكومته للحد من حوادث السير.
ثانيها : أن هناك استعدادا كاملا لإشراك المجتمع المدني في هذا المجال، على الأقل هذا ما لمسناه في حملة "معا للحد من حوادث السير".
ثالثها: أن هناك عملا ميدانيا قامت به الحكومة خلال هذه الأشهر القليلة، ومن ذلك العمل الميداني يمكننا أن نذكر:
1 ـ توفير سيارات إسعاف بكامل التجهيزات وتثبيتها على نقاط محددة من المقطع (نواكشوط ـ ألاك). يُعَدُّ توفير سيارات إسعاف مجهزة على المقاطع الحيوية أحد أهم المطالب التي تقدمنها بها إلى رئيس الجمهورية.
2 ـ توفير رافعات في المناطق الحيوية من الطرق. في الأيام الماضية تم توفير رافعة جديدة على المقطع (بوتلميت ـ ألاك). لهذه الرافعات أهمية كبيرة جدا فهي بإمكانها أن تفتح الطريق إذا ما انقلبت شاحنة وسدته، وكثيرا ما يحدث ذلك. الأهم من ذلك أن هذه الرافعات قد تساعد في إنقاذ الأنفس، ونحن في الحملة ندرك كثيرا أهمية ذلك، ذلك أننا كنا قد نظمنا زيارات ميدانية لبعض الحوادث التي كان فيها الضحايا بحاجة ماسة إلى رافعة لإنقاذهم. فمثلا في يوم الجمعة الموافق 6 يوليو 2018 وقع حادث سير أليم عند "قرية الغشوات"على طريق "الأمل"، وأدى هذا الحادث الأليم إلى وفاة أب وأم وابنتهما الرضيعة. الحادث كان نتيجة لانقلاب شاحنة وسقوطها على سيارة صغيرة، ولقد ظل الضحايا لساعات طوال وهم تحت الشاحنة دون أن يجدوا منقذا. لم يجدوا من فرق الإنقاذ إلا أهالي القرية الذين تجمهروا حول مكان الحادث، وحاولوا بوسائلهم المتواضعة أن ينقذوا الضحايا، ولكن في النهاية، فلم يكن بمقدورهم فعل أي شيء لسحب سيارة صغيرة من تحت شاحنة سقطت عليها وبحمولة زائدة. وفي يوم الجمعة الموافق 3 أغسطس 2018 سقطت شاحنة أخرى على سيارة صغيرة أخرى عند الكلم 200 على طريق نواذيبو، وقد ظلت السيارة لساعات طوال تحت الشاحنة دون أي تدخل، وقد توفي سائق السيارة الصغيرة، وهو الوحيد الذي كان يوجد بها، ولو كان عدد الركاب أكبر لكان عدد الضحايا أكبر. هذه حوادث وقفنا عليها بشكل ميداني، وأدركنا من خلالها أهمية توفير رافعات لإنقاذ الأنفس ولفتح الطريق إذا ما سدته شاحنة منقلبة.
3 ـ في المجال التحسيسي والتوعوي تم تخصيص خطبة جمعة لحوادث السير، وتم إطلاق حملة وطنية للسلامة الطرقية شاركت فيها عدة وزارات، هذا فضلا عن مشاركتنا كمنظمة مجتمع مدني فاعلة في مجال التوعية والتحسيس حول السلامة الطرقية.
4 ـ من المنتظر أن يتم وضع رادرات على الطرق الحيوية لمراقبة السرعة خلال الربع الأول من العام 2020، كما يُتوقع أن تصبح رخص السياقة بيومترية من قبل نهاية النصف الأول من العام 2020.
صحيحٌ أنه ما تزال هناك مطالب من عريضتنا المطلبية لم يتم تنفيذها، وصحيحٌ أن هناك تحديات ما تزال قائمة، ولكن كل ذلك لن يمنعني كناشط في حملة "معا للحد من حوادث السير" أن أشيد بما تحقق في هذه الفترة القصيرة، وأن أتقدم بالشكر لرئيس الجمهورية، والذي لمستُ منه ـ وفي أكثر من مناسبة ـ اهتماما كبيرا بموضوع السلامة الطرقية.
حفظ الله موريتانيا..