حوادث السير (الجريمة التسلسلية والإبادة الصامتة) / سيد امحمد محمد فال 

انا لله و انا اليه راجعون!  فجع  الشعب المورتاني  فجر اليوم  الاحد  كعادته  بنبإ وفاة مواطنين  مورتانيين  ومهندسين متميزين هما الأخوين الرائعين    محمد المختار ولد  لمرابط (تتار) وخون ول محمد يسلم ول خونا.إثر حادث سير مروع حصل علي  الطريق الرابط بين  انواكشوط واكجوجت.

رحم  الله الفقيدين واحسن عزاء ذويهم وشعبهم. سائلين المولي عز وجل ان  يرحم هذا الشعب برمته ويلهم  ادارته السياسية  الجديدة من الوعي والبصيرة ما يجعلها تنتبه    إلي الخطورة المتزايدة  لظاهرة حوادث السير الكارثية و التي لم تكن  ماسات فجر اليوم إلا  صفحة جديدة من كتاب يومياتها الدامي.

نعم  واضح تماما ان قدر هذا الشعب هو   ان يموت ابناؤه بالجملة  في كل لحظة وحين دون ان يحرك احد  ساكنا  علي نحو جدي وكان شيئا لم يكن.  تماما كما تموت القطط الضالة علي الارصفة والشوارع.

وكيف لا ونحن شعب لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.اي أقل بكثير  من ثلث  سكان جمهورية السينغال المجاورة.

ومع ذلك  فضحايا حوادث المرور  عندنا يزيد عدة مرات عن مثيله في هذا البلد الشقيق.

مما يؤكد علي نحو لا مجال   فيه للشك ان ما كتبناه في مقالات ومناشير سابقة نشر بعضها علي موقعكم الطيب  وقلنا فيه  ان تصنيفنا لما يجري من قتل مستمر  لابناء الوطن   في كل شوارع وازقة هذا الوطن في حوادث السيارات    علي انه  جريمة رسمية مكتملة  الاركان. لم يكن  ابدا من قبيل المبالغة.

 

نعم قلت ذلك قبل سنواة  واكرره اليوم  وبالفم ان لملآن: شلال الدم الناجم عن حوادث المرور في بلادنا  قابل للتصنيف علي انه جرائم رسمية مكتملة الاركان. ذلك ان اسباب معظم حوادث  السير القاتلة عندنا  يمكن ارجاعها إلي جملة من المسلكيات والترتيبات والاعتبارات الامنية والادارية والجمكرية ما كانت لتحصل لو ان اجهزة الدولة المختصة قامت بدورها علي اكمل وجه علي جميع  هذه الصعد.

 

من تلك الاسباب والاعتبارات مثلا:

 

- الإهمال والسرعة المفرطة( وهي امور مستحيلة لو ان قواعد السلامة ومستلزماتها  كانت مطبقة كما ينبغي من قبل السلطات)،

- التجاوز الممنهج لقواعد قانون السير في هذا البلد( لان  المواطن لم يدرك بعد  أهمية تطبيق   هذه القواعد)

-  اهمال  السلطات المختصة وقضها الطرف عن المخالفات الجسيمة  التي تؤدي في اغلب الاحيان الي حوادث مميتة. (وكلنا نعلم ان ما يهم  تلك  السلطات ليس تطبيق القوانين و النظم المعمول بها  ولا حياة المواطنين المورتانيين، حتي!)،

- التجارة الرابحة لرخص  السياقة، التي اصبحت  بضاعة تباع وتشتري. (وثمنها  معروف وسماسرتها معروفون كذلك  لدي الجميع)،

-  عدم قابلية معظم السياراة المستوردة للاستعمال بعد نهاية  اعمارها الإفتراضية. قبل ان تدخل البلاد. واية  دولة تحترم نفسها لن تقبل   دخول هكذا سيارات لحدودها. اللهم إذا كانت عابرة سبيل. ( كما يفعل المغاربة مثلا للسيارات المتوجهة الي مورتانيا)،

- حالة  الطرق المتهالكة  إلي حد بعيد عندنا. وخاصة طرق  الأمل وروصو  التان أصبحتا طرقا مختصرة إلي الموة المحقق. 

-التخلف و  البداوة المتحكمة في مسلكيات وعادات  المواطنين المورتانيين  الذين ظلوا يتعاملون مع السيارات تماما  كما يتعاملون مع الحمير و الجمال متناسين  للأسف أنه لا وجه للمقارنة بين  السقوط من احدي هذه الدواب وحوادث السيارات، لا من حيث الخطورة ولا من حيث الأضرار. 

 

باختصار شديد،  مسؤولية الدولة في استمرار نزيف المواطنين بسبب حوادث السيارات اصبحت  واضحة للعيان. و علي ادارة البلاد الجديدة  ان تنتبه الي ذلك.  خاصة ان هذه الظاهرة الكارثية اصبحت سبب الوفاة  الاول  في بلادنا.

رحم الله الضحيتين الطيبتين وادخلمها فسيح جناته. ورحم  من سبقهم من شهداء الحوادث  ومن سيلحق بهم رحمة واسعة.

 

 

 

16. ديسمبر 2019 - 9:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا