قال تعالي " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" (آل عمران103).
مما علم من السياسة بالضرورة وجود الأغلبية من جهة و المعارضة من جهة ثانية ، لذلك فمبعث الاختلاف بين القطبين ينبغي أن يتمحور حول برامج العمل و الاستراتيجيات الحاضرة و المستقبلية و مدى انعكاسها علي الحياة العامة للمجتمع.
لذلك ينبغي أن يكون دور المعارضة هو أن تكون صمام الأمان, وتضمن عدم ديكتاتورية الأغلبية وان تلزم السلطة بالقانون وفق بنود الدستور ودولة المؤسسات, من أجل الحفاظ على المصلحة العامة, والمصلحة الوطنية العليا لكونها فوق كل الطموحات و سيدة كل الاعتبارات، وفي المجتمع الديمقراطي المتحضر فان لغة السجال هي لغة الدليل والحجة والمنطق والعقلانية, والعلاقة بين القطبين ينبغي أن تكون علاقة حضارية وسيلتها الاحترام المتبادل وغايتها الوطن والمواطن.
و لعل المتتبع للمشهد الموريتاني في هذه الظرفية الحساسة من تاريخه، اثر تداعيات الطلق الناري الذي تعرض له فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، مساء السبت الموافق 13 أكتوبر 2012 ، يدرك و للأسف الشديد أن السجال خرج عن هذا المجال، و هو ما يستوجب منا جميعا إدراكا مطلقا لمدى اليقظة اللازمة للتعامل مع هذه السيول الجارفة من المعلومات الموجهة أحيانا و المرتجلة أو المزيفة أحايين أخري، دون أن يعي هؤلاء خطورة الانزلاقات الممكنة لا قدر الله عند التعامل غير المناسب مع هذه الشائعات و الحقائق و الأراجيف و المصادر الرسمية و المطلعة و العليمة و المأذونة والمقربة وحتى العائلية ........إلي آخر القائمة.
لذلك فإننا نناشد الجميع سياسيين و إعلاميين في ظل هذا المشهد المربك بضرورة تطبيق المادة الأولي من دستور الجمهورية أولا و القاضية بأن موريتانيا جمهورية إسلامية لا تتجزأ، ديمقراطية واجتماعية. وتضمن لكافة المواطنين المساواة أمام القانون دون تمييز في الأصل والعرق والجنس والمكانة الاجتماعية. و تعاقب كل دعاية إقليمية ذات طابع عنصري أو عرقي من شأنها المساس بالمقدسات الوطنية الكبرى و الحوزة الترابية، ونلتمس لذلك عذرا من خلال الوضعية الوطنية اثر تداعيات الطلق الناري الذي تعرضت له أعلي المؤسسات الديمقراطية في نظامنا السياسي مما يجعل توحيد الصفوف ونبذ الخلاف والابتعاد عن المزايدات السياسية أمر ملح في هذه الفترة المتميزة من تاريخ البلاد لنستزيد مـــــن اللحمة من أجل موريتانـــيا لكل الموريتانيين هذا بالإضافة إلي الوضعية الإقليمية و الدولية حيث يتربص بنا أعدائنا الدوائر كفانا الله شرهم و أعاننا علي صدهم، و جدير بالقول أن القسط الأكبر من هذا التحدي يقع علي عواتقنا نحن الشباب بالدرجة الأولي من أجل الحفاظ علي كيان الدولة من خلال إرساء قواعد اللعبة الديمقراطية والمساهمة في المشروع الحضاري لموريتانيا يجد فيها الجميع ضالته المنشودة.