من خواص الانسان أنه كائن ذاتي ، ينزع باستمرار نحو تحقيق خصوصياته ، ويتعلق بما يدور في فلك ذاته و يستغل- غالبا – المقدس والمدنس لتحقيق آماله وطموحاته التي تدفعه في أحايين كثيرة إلى تجاوز الحواجز الدينية والاخلاقية وتجعله يورط نفسه في مستنقعات التزلف والنفاق وخاصة السياسي منه . ويكون الامر أدهى وأمر إذا كان صادرا من حراس الكلمة وسدنة الفكر وحملة مشعل التنوير.
لا أخفيك –عزيزي القارئ – أنني أضطر أحيانا للقراءة تحت وهج عناوين مغرية وفاتنة ولكن الاسطر الاولى من المكتوب تفضح الدلالة وتعري المعنى : إنه مجرد كلام إنشائي لدغدغة المشاعر والإستمالة ، بدلا من أن تكون مقاربة ذات حمولة فكرية تقدم رأيا أو تصحح آخر . مما يعني أن سيف الكاتب حز في غير مفصل .
ومن المؤسف حقا أن يتدفق الحبرو تستنهض موسوعة أدبية ثرية لمجرد استمالة فلان أو علان ، في حين يعاني جسم الامة آلاما مبرحة وأمراضا مستوطنة تحتاج إلى نصح وتوجيه وتسديد أكثر مماتحتاج إلى قصيدة نثرية أو شعرية في أي كان مهما علا كعبه . إن امتلاك ناصية اللغة والقدرة على خلق وشائج قربى وصلات رحم بين كلمات نشاز وجمل متعاندة أصلا موهبة فائقة وابداع أصيل لكن هذا الابداع وهذه الاصالة إذا لم تنشط على الارضية المناسبة كانت رمي في عماية . ليس من العيب أن تدافع عن نظام أو شخص أثبت أهلية مشهودة وتمنع أمام إغراءات تملأ السمع والبصر لكن الموضوعية والعلمية تتطلب بناء النتائج على المقدمات وفقا لسلم حجاجي لا شية فيه وتلك شروط ورهانات يتأبى
القارئ أو المستهلك سليم الذوق التنازل عنها . إن محاولة القفز على المقدمات وصولا إلى النتائج مصادرة مرفوضة ، و سفسطة ممجوجة ، إن لم نقل مشاغبة مفضوحة .
نحن نعلم أن لحظة الانتجاع السياسي قد أزفت ، ورغم ذلك يلزمنا أن لا نستمر في ممارسة دور المثقف الارتكاسي
الذي يبيع كل شيء ( الكلمة ) ويريق ماء وجهه في كل مناسبة ، وفي غير مناسبة كلما انقدح بريق للسلطة !!
سيدي المختار علي بتاريخ 04--01-2020 -الهاتف 46773726 .