مرت أربعة أسابيع على حادثة الرصاصة" الصديقة" وضحيتها مازالت ظروفه الصحية غامضة ومثار جدل بين الأقطاب السياسية، وحديث الساعة بين عامة المواطنين والمثقفون منهم خاصة، فما إن تتصفح موقع إخباري إلا وتفاجئك معلومات جديدة من مصادر مطلعة أو موثوقة أو عليمة أو مقربة أو عائلية بخبر جديد يفتقد للمعايير والعناصر التي يرتكز عليها الخبر.
راح قائد البلد ضحية لرصاصة"مشئومة"، وراح إعلامنا ضحية لشائعات لا أساس لها من الصحة تتحدث عن صحة الرئيس الجريح، كان عليه التأكد منها قبل نشرها، فما كان ينتقده الإعلام المستقل"الخاص" على الإعلام العمومي من عدم المهنية والمصداقية في الطرح، وقع فيه هو للأسف عن قصد أو عن غير قصد، لا يهم هو سقط حسب الكثيرين من المهتمين بالشأن الإعلامي.
حادثة إطلاق النار على الرئيس لم يسلم منها أحد في هذا الوطن، فأصابت الرئيس في جسمه، والمواطن في حيرته، والإعلامي في مصداقيته، والأغلبية في ولائها، والمعارضة في نيتها، والدولة في عمقها لتقاعسها عن دورها الطبيعي في إطلاع الرأي العام على الحقيقة.
فبغض النظر عن مكانته الاعتبارية التي تتمثل في كونه المسئول الأول في الدولة، له أعداءه وأحباءه، فهو أيضا إنسان له إخوة وأبناء، يجب علينا جميعا التعاطف معه.؛ ونلجم ألستنا ونكبح دماء أقلامنا عن التطرق لموضوعه فيما لا يليق بإنسان طريح الفراش.؛لم تتحدد بعد طبيعة حاله على الأقل للشعب الذي يتولى مسئوليته.
فالرجل منذ دخوله المستشفى العسكري الفرنسي"بيرسي" غابت حقيقته عن الموريتانيين؛ للهم إلا ما تصرح به الوسائل الإعلام الرسمية بين الفينة والأخرى. من تلقيه اتصالات هاتفية من بعض قادة العالم يهنئونه على سلامته. أو ظهوره مع وزير الدفاع الفرنسي، ذلك الظهور الذي أثار الكثير من الجدل داخل الأوساط المهتمة بقضيته، في الوقت الذي اعتبره البعض عامل إيجاب له، ومفند لما يروج له البعض الآخر من تدهور في صحته؛ بينما يرى آخرون أن ظهوره ذلك كشف مدى تعبه ومعاناته المرضية.
هنا يعود بنا الحديث عن دور الإعلام الرسمي في حادثة الرصاصة"الصديقة" فنعتبر أنه أطلق 5 رصاصات أربعة على الرئيس وواحد على نفسه.
الرصاصة الأولى: أطلقها ولد المحجوب بظهوره الساخر ليلة الحادثة ليطمئن محبي الرئيس الجريح وشعبه المحتار مما جرى مع هرم الدولة، حين أخبرهم بأن الرئيس أصيب بطلق ناري بالخطأ جرح على إثره جرحا بسيطا في الذراع.؛ وهو ما كشفت زيفه الأخبار التي سربت بعد إجراء العملية مباشرة، حيث أكدت تلك المعلومات أن الإصابة كانت في البطن، وأن الرئيس سيتوجه إلى الخارج للعلاج.
الرصاصة الثانية: كانت ظهور الرئيس في التلفزيون الوطني يحدث مواطنيه من سريره الطبي عن ما جرى معه، فالأكيد أن ظهور المسئول الأول في الدولة على سرير المرض وتحت رحمة الأجهزة الطبية لا يليق بمقامه؛ ويفقده قدرا من التقدير والهيبة لدى عامة الناس؛ لأنهم يرونه ضعيفا عاجزا عن مساعدة نفسه فكيف بالقيام بمهام صعبة كالسهر على هموم الوطن والمواطن. ولذلك يكون من ارتأى عليه تلك الإطلالة قد أطلق عليه الرصاصة الثانية بعد دخوله المستشفى.
الرصاصة الثانية: صورته مع وزير الدفاع الفرنسي أثناء زيارته له في مستشفى"بيرسي"؛ تلك الصورة التي ظهر فيها بلباس المستشفى شاحبا،منهكا، ضعيفا وقد فقد الكثير من وزنه،. حتى أن بعض الجهات قد شككت في صدقيتها، لأنه لم يكن أحد يتصور أن يقبل وزير إعلام أو مستشار للرئيس بظهور رئيسه في تلك الحالة الغير لائقة به كرئيس في وسائل الإعلام الرسمية؛ وكانت تلك الرصاصة كفيلة بإقناع الموريتانيين أن رئيسهم ليس بخير.
الرصاصة الرابعة: كانت خطاب عيد الأضحى الذي كشف نية مخترعيه في القضاء على سيدهم،. فالعرف في الأعياد الدينية في البلد تقتصر الخطابات الرئاسية على مناسبتين" هلال شهر رمضان، وعيد الفطر المبارك" ولم يسبق لأي رئيس ولا حتى هو محمد ولد عبد العزيز أن ألقى خطابا موجها للشعب بمناسبة عيد الأضحى.
وأسلوب الخطاب ليس هو الأسلوب المعهود في الخطابات الرئاسية الخاصة بالأعياد الدينية.. ولذلك هي أربعة رصاصات"بلاطية" وجهت للرئيس الجريح بعد الرصاصة"الصديقة".
الرشاش الذي أصاب رصاصه الإعلام المستقل أو أغلبه هو شائعة السبت الذي تلى السبت المشئوم "السخيفة" عن انقلاب ينوي العسكر القيام به، في سابقة من نوعها يتداول الإعلام خبر انقلاب قبل وقوعه. فجميع الانقلابات التي وقعت في موريتانيا تتم قبل أن تتسرب عنها أية معلومات..
وتتالى رصاص الرشاش على الإعلام المستقل بعد أن قضى على الإعلام العمومي ليصيبه في عمقه، حيث أصاب أكثر المؤسسات الإعلامية مصداقية لدى الموريتانيين، ونجت منه أخرى بحنكة ومهنية حيث لم تتطرق لموضوع الرئيس بعد دخوله"بيرسي"
إذا كانت رصاصة السبت "الغدارة" رصاصة "صديقة" فإن ما تبعها من رصاص يعتبر أكثر عداوة للرئيس و خطورة على مستقبله السياسي
للهم إني اعوذ بك من غدر الحاشية والمقربون..