أوفد الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين السبت 4 يناير وفدا من رجال الأعمال الموريتانيين يعتبر غير مسبوق من حيث العدد وتنوع الاختصاصات حيث يضم 130 رجل أعمال يمثلون أكثر من 100 شركة ومؤسسة موريتانية في عدد من المجالات، من أهمها الصيد البحري والصناعات الغذائية والنقل والخدمات اللوجستية، السفر والسياحة، الأدوية والمعدات الطبية، المقاولات والبناء، الزراعة.
و يرمى الوفد الذي هو برئاسة رئيس اتحاد أرباب العمل محمد زين العابدين ولد الشيخ احمد، إلى المشاركة في لقاء الأعمال السعودي- الموريتاني المشترك، المنظم من طرف مجلس الغرف السعودية بالعاصمة الرياض في الفترة ما بين 6 ـ 9 يناير الجاري وهو يأتي بعد لقاء مشابه نظم في نواكشوط وحضره وفد رفيع المستوى من رجال الأعمال السعوديين.
ويبرز كل من توقيت اللقاء وعدد الوفد الموريتاني المشارك الاستثنائي(130 رجل أعمال) مستوى رغبة الحكومة الموريتانية في تطوير أداء الاقتصاد المحلي عبر جذب الاستثمارات من اكبر بلد عربي ممول للمشروعات التنموية في موريتانيا عبر هيئاته الإنمائية المختلفة، الصندوق السعودي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية.
ويأتي التحرك الجديد للاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتاني في اتجاه السعودية بعد توقيع مذكرة بين الحكومة الموريتانية والاتحاد تعهد فيها الأخير بخلق أكثر من 6000 عمل لامتصاص البطالة خلال العام 202، وهو الاتفاق الذي يعتقد أن لتحرك الاتحاد في اتجاه جلب استثمارات سعودية له علاقة به.
كما يأتي سفر الوفد الاقتصادي الموريتاني بعد لقاء مطول أجرته قناة الموريتانية مؤخرا مع رئيس أرباب العمل ولد الشيخ احمد، تحدث فيه بعمق عن ملفات اقتصادية كثيرة تشتغل عليها هيئته مع الحكومة الموريتانية لضمان تحسين مستوى البنى التحتية ومواكبة جهود القطاع الخاص في التنمية وخلق المزيد من فرص العمل، حيث كشف خلاله عن رعاية البنك المركزي الموريتاني لاستفادة هيئته من قرض خاص بقيمة 100 مليون دولار مقدم من المصرف العربي موجه للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، مع قرض آخر بقيمة 25 مليون دولار من صندوق خليفة لدعم نفس المؤسسات، وكذا شروع هيئته أيضا بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والصناعة في إحصاء أنواع البضائع التي وصلت السوق الموريتاني خلال السنوات الثلاث الأخيرة بهدف إقامة مصانع لإنتاج المواد المطلوبة محليا انطلاقا من نتائج الإحصاء المذكور، مع إعلان ولد الشيخ أحمد ـ خلال اللقاء ـ عن انفتاح الاقتصاد الموريتاني مع مطلع العام الجديد على اقتصاد دول غرب إفريقيا(350 مليون مستهلك) لتصدير المنتوجات الموريتانية إليها بالتعاون مع وزارة التجارة.
ويرى المراقبون أن صيغة تشكيل وفد رجال الأعمال الذي أوفدته الحكومة الموريتانية إلى السعودية وتنوع تخصصاته يعكسان إستراتيجية جديدة تعمل عليها الحكومة تركز على خلق شراكات اقتصادية موسعة مع أقطاب تجارية متعددة وفي أكثر من منطقة، حيث تضم مناطق الخليج وغرب إفريقيا وآسيا (الصين واليابان) والاتحاد الأوربي، وذلك بهدف خلق أكثر من 100 ألف وظيفة وضمان الموارد الضرورية لتقديم ايعانات مالية لمائة ألف أسرة فقيرة من خلال وكالة تآزر للوفاء بتعهدات أعلن الرئيس غزواني عن القيام بها خلال مأموريته المنتهية 2024، وهي الأمور التي لا يمكن أن يعول فيها على السوق المحلي في وضعيته التي كان بها عشية استلام غزواني للسلطة.
ويرجح أن يكون عدد الوظائف التي تعهد بها غزواني المحرك الرئيسي لفكرة إيفاد وفد بمستوى الوفد الحالى إلى السعودية وذلك لما يمثله هذا العدد من تحد كبير في ظل ضعف أداء الاقتصاد الموريتاني ومحدودية وظائف القطاع العام والقطاع الخاص، وهناك مؤشرات قوية على أن الرئيس ومستشاروه كانوا قد بلوروا صيغا عملية فعالة لحلحلة مختلف الإشكالات التي ستعترض الوفاء بتعهد الوظائف وحتى قبل إطلاقه، وأنهم قد تجهزوا قبل استلام السلطة لذلك ببعض الاستراتيجيات أيضا وهي الملاحظة التي تفسر تصريحات غزواني في الحملة الانتخابية " أنه سيبدأ بخلق تلك الوظائف فور تسلمه للسلطة".
وعموما يرى المحللون أن النتائج التي سيعود بها وفد رجال الأعمال الموريتاني من السعودية (عدد الاتفاقيات ـ مجالاتها ـ قيمتها الإجمالية) تظل مهمة لتقيم الحكومة على ضوئها مختلف استراتيجياتها الاقتصادية وذلك للعمل على أكبر استفادة ممكنة في تطويرها وتجربتها مع شركاء اقتصاديين آخرين، كما يسجلون أيضا قدرة الرئيس غزواني وفريقه على العمل مبكرا على أهم وأصعب تعهد قطعه الرجل على نفسه في حملته الانتخابية والمتعلق بمكافحة البطالة والغبن الاجتماعي، مع شروعه بحماسة في تحويله من تعهد إلى استراتيجيات عمل وخطط اقتصادية وبسرعة قياسية حيث لم يمر على تنصيبه أكثر خمسة أشهر.