موريتانيا: امبراطورية صناعة المفسدين / السيد ولد صمب انجاي

مع كل إطلالة انتخابية وكل حدث سياسي يجري في البلد ؛ نكون أمام حكام  بارعين ومتفنين في صناعة الرجال اللاوطنيين ؛ كما يصنع أحدنا أريكته ؛ ففي كل حدث وكل عرس انتخابوي تكون السلطة قد خلقت رجالها وربانها الذين سيتآ مرون معها للإلتفاف حول مصالح البلد ؛ لتنفيذ أجندات الرئيس الحاكم وحاشيته ؛ والدفاع عن مصالحه ومصالحهم الضيقة ؛ ولاشك أن من لم يجار السلطة في هذا المسعي لم ولن يجد من الكعكة السياسية والمعدة سلفا بمباركة السلطة الحاكمة نصيبه منها؛ مما يحتم على السلطة الحاكمة البحث ولو كلف الثمن للسعي الدؤوب لإمتهان وفبركة رجال همهم الأوحد هو أن تظل الدولة بقرة حلوبا بأيديهم  يمتصون ضرعها متي شاؤوا وكيفما شاؤوا  ؛ ملتحفين  عباءة  قوة الدولة للهيمنة علي مفاصيلها ؛ لايشاركهم أحد  في امتهان مهنتهم المفضلة ألا وهي تفريغ الدولة واماتتها بشكل بطيء ؛ خدمة للحاكم وبطانته ؛  كما عودتنا السلطة السابقة ؛ فبدل خدمة الوطن تسعي جادة هذه البطانة إلي خدمة الحاكم والذود عنه بالباطل ؛  محاولة  قوننة ودسترة كل ما نهبوا  من أموال  ؛ وإذا انتهي وأفل حكمه ينكصون عنه ويولونه الدبر؛ بل ويلعنونه شر لعنة .

ولقد شكل انتخاب رئيس الجمهورية الحالي قطيعة هادئة ورزينة مع الأحقاب الماضوية ؛  وان كان البعض يود قطع الشعرة بشكل نهائي مع عهود الاستبداد والفساد ؛ بل وحتي القطيعة مع رجالات تمت صناعتهم من طرف تحالف  بين القبائل  والدولة؛ وبمباركة من علماء ليس لهم من العمل سوي تزكية وشرعنة ممارسات الدولة والقبائل المتحالفتين  مع جنجويد المصالح الشخصية  الضيقة  والدفاع  الأعمي عنها  .

وعود علي بدء نقول إنه مع مجيء كل  سلطة يحاولون بكل ما أوتوا من قوة التنكر والتنصل من ذواتهم ليغيروها كي يصنعوا ذواتا بدلها متناسين أن العقرب تبقي هي هي وإن بتر ذيلها ؛ ولذا فإذا كانت موريتانيا أرض المليون شاعر ؛ فإنها مع ذلك أرض المليون مصنع للرجال المتمرسين والمتفننين  في البحث عن الثراء  والفساد ؛ ولو علي حساب عرضهم ؛ إنهم أناس باعوا أعراضهم للسلطان وحتي أنهم باعوا معهم من أوصلوهم انتخابيا وسياسيا للحصول علي دريهمات من أموال شعب مطحون شعب مبحوح  ؛ حيث ظل بين فكي كماشة يتجرع المياه العكرة ؛ والدواء المزور ؛ والمواد الغذائية المنتهية الصلاحية ؛ وقيم داسها السلطان ولعبت بها غلمان الفساد وبنيه .  إن بلدا هذا حاله وذاك مآله لن يستقيم عوده مادامت السلطة تتغاضي عن هؤلاء الفاسدين والمفسدين وتغمض عينها عما ينخر جسم الدولة من مرض عضال سواء علي الصعيد الإجتماعي والثقافي والسياسي والأخلاقي؛ فالي متي يستقيم الظل والعود أعوج ؟ إلي متي تتم ملاحقة المفسدين المصطنعين من قبل السلطة ؟ إلي متي تظل بلاد المنارة والرباط امبراطورية فريدة ويتيمة من بين قارات العالم مصنعا لرجال نهب ثروات البلاد والعباد ؟  حقا أن رجل السلطة ينبغي أن يكون خادما لامستخدما لشعبه ؛ ولكن من جانب آخر يتحتم علي القائمين علي تسيير البلد ؛ من وزراء وامناء عامين  وولاة وحكام ومدراء ورؤساء مصالح .... الخ ؛ أن يكونوا علي قدر المسؤولية خدمة للبلد ؛ مما سينعكس إيجابا علي معيشة المواطن ؛ واذا كانوا علي العكس فإن المواطن سيظل يعاني ، ويدق ناقوس المعاناة كما الحال  ؛ ويزداد الإملاق وتتسع هوته بين أغنياء لا إله يعبدونه غير عبادة الدريهمات وفقراء خنقهم الطوي حتي سلمهم الي مثواهم الأخير .

 

7. يناير 2020 - 8:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا