في صائفة سابقة لأوانها شهدت موريتانيا موجة جفاف لم يسبق لها مثيلا خلال العقود الأخيرة وتحديدا سنة 2017 حيث أعلنت حكومة ولد عبد العزيز آنئذ عن تخصيص مبلغ 41مليار أوقية لتوفير الأعلاف وفتح حوانيت للمواد الغذائية في المناطق الأكثر هشاشة، وظل المنمون في الداخل ، ينتظرون شهرا تلو الآخر، وفي كل خرجة إعلامية للرئيس الذي يهوى الخرجات الإعلامية مع شتى وسائل الإعلام الوطنية والدولية يطمئن ملاك الأنعام أن الحكومة وضعت خطة استعجالية رصدت لها مبالغ هائلة قدرها 41مليار أوقية، والأعلاف ستتخم الأسواق، قبل أن تتخم الحيوانات ، نفس الأغنية دأب وزراءه و نوابه في الجمعية الوطنية يرددونها في كل مناسبة، ولكن هيهات، لم توفر الأعلاف، وماأستوردمنها، " لخذيرة " لم تهواها أنعام الموريتانيين، ولم تزدها إلا ضياعا وهلاكا ، ومن الطريف أن بعضهم استغل فرصة وجود ولد عبد العزيز في إحدى جولاته المكوكية وناداه قائلا: سيدي الرئيس الحش والله الل اخلك ؤزين عندن حت، يغير اللا اقنعن الحيوان اعل ركل لخذيرة " ،خلاصة القول أن حكومة ولد عبد العزيز لم توفر الأعلاف في تلك السنة الأسوأ على الإطلاق على المنمين رغم مارصد لها شفهياًّ ، ولم توفر أيضا المواد الغذائية في حوانيت " أمل " خلافا لخطط الرؤساء السابقون ، سيدي ولد الشيخ عبدالله، ومعاوية ولد سيدي أحمد ولد الطائع ، فهل ينجح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تقويم الإعوجاجات الكثيرة من خلال برنامج " تعهداتي " ومفرداته " الشيقة" الشيلة، وتآزر "؟
النجاح يتطلب جملة من العوامل، الكفاءة، والنزاهة، والإخلاص، والتفاني في العمل، ويبدو أن المعضلة الوحيدة هي وجود طاقم تتوفر فيه الشروط الآنفة الذكر، وإنطلاقا من أدبيات الأنظمة السابقة، الل اتول ش ظاكو، والفساد والمفسدين، ومحاربة الرشوة والقبلية والجهوية، فإن برامج " الشيلة " وتعهداتي " وتآزر " أصعب تحد لها هو هذه المصطلحات التي تعلمناها في فترات الحكومات المتعاقبة وللأسف أعاد لها رئيس " العهد " الإعتبار من خلال تدويرها، ومنح الثقة لوجوه منها كانت نسياً ومنسياًّ، وليس من المبالغة القول أن مؤتمر حزب الأتحاد الأخير ليس إلا مصالحة مع تلك الأجيال من الحزب الجمهوري وعادل وحزب الشعب...
الآن وقد بزغ فجر جديد ، فإن الأمل في التغيير، بدا يتقلص شيئا فشيئا، كلما أعيد الإعتبار للمسودة صفحاتهم، وسيرهم، في العهود السابقة، ولكي لايفشل برنامج تعهداتي " القيم "، قبل أن "يبدأ " ؛ فإن التغيير الإيجابي يحتاج الى ضخ دماء جديدة، متحررة من الأدبيات" السلبية "التي طبعت فترات الرؤساء السابقون توالياًّ، معاوية وسيدي وعزيز...
وحتى لا تختلط الأوراق، فإن برامج " تآزر غزواني " يتقاطع ضمنيًّا مع الخطة الإستعجالية للرئيس الأسبق محمد ولد عبد العزيز 40 مليار أوقية للسنة، وبالتالي يجب أن لا نغالط الرأي العام ب 200مليار أوقية، لذا فمبلغ 40مليار أوقية سنويا إذا أستغل الإستغلال الصحيح يمكن أن يحدث تغييرا إيجابيا في الوسطين الريفي والمدني والى حد الساعة مازالت الأوضاع الإقتصادية غير مشجعة ونحن نقترب من الشهر السادس من حكم ولد الغزواي مادام أن المواطن لم يشعر بماله صلة بحياته اليومية، ومادام أن قرى كثيرة بلا ماء، وبلا كهرباء، فضلا عن إرتفاع الأسعار، وتدني كتلة الأجور ، وتذمر شديد في أوساط النخب العمالية، فأخشى ما يخشاه الناس، أن تتحول 40 مليار تآزر الى سراب، مثلما تحولت 41مليار لإستعجالية عزيز، على ضوء أن الفريق هو نفسه، الذي تذوق طعم الأنظمة السابقة،ورغم تفاءل السياسيين والنشطاء الحقوقيين وأشباه المثقفين، فإن حال المواطن المطحون مازال تقشعر له الأبدان، ومازال القائد المفدى يسكن في البروج المشيدة، وسكان الضواحي يكتوون بعذابات الحياة، قرى مقطعة الأوصال، معزولة، تعليم متدني ، وصحة رديئة، وطرق متهالكة، وأحياء شعبية، يموت سكانها بلهيب الرمضاء، والبرد القارس،،،،
لن تنجح خطة تآزر إلا إذا سلك الرئيس سلوك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبيت يتقصى أحوال رعيته لعل وعسى أن يجد من لم يسد رمقه الى أن قذفته الأقدار بصرار فوجد نارا فقال لمولاه ، يااسلم هاهنا ركب قد قصر بهم الليل انطلق بنا إليهم فأتيناهم فإذا امرأة معها صبيان يبكون فقال عمر السلام عليكم يا أصحاب الضوء، ولم يحب أن يقول لهم السلام عليكم يا أهل النار، ،قالت المرأة وعليك السلام، قال اادنوا قالت ادن أو دع ،فدنا فقال مابالكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فما بال هؤلاء الصيبة يبكون قالت من الجوع قال وأي شيء على النار ؟ قالت ماء أعللهم به حتى يناموا فقالت الله بيننا وبين عمر فبكى عمر ورجع يهرول آلى دار الدقيق فأخرج عدلا من دقيق وجراب شحم وقال يا اسلم أحمله على ظهري فقلت أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين فقال أأنت تحمل وزري عني يوم القيامة فحمله على ظهره وانطلقناالى المرأة فألقى عن ظهره ووضع من الدقيق في القدر وألقى عليه من الشحم وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل لحيته ساعة ثم أنزلها عن النار وقال ااتني بصحفه فأتى بها فغرفها ثم تركها بين يدي الصبيان وقال كلوا فأكلوا حتى شبعوا والمرأة تدعو له وهي لا تعرفه فلم يزل عندهم حتى نام الصغار ثم اوصى لهم بنفقة وانصرف ثم أقبل علي فقال يا أسلم الجوع الذي أسهرهم وأبكاهم ،قصة الصبية الجياع، وما تحمله من دلائل الحاكم العادل، درس في تدبير الشأن العام، والإطلاع على أحوال الرعية دون تقرير لوسيط، أو مكلف بالأتصال، فسكان ضواحي نواكشوط، ومدن الداخل، وقرى آدوابة، تدمع العيون، وتخفق لها القلوب، لذا فإن نجاح مشروع تآزر، مرهون بحسن توجيه الخطط التنموية، والشفافية في التسيير، والإيمان بالمسؤولية، والوعي الوطني، وهذه الرهانات لو عمل بها في سالف العهود لما كنا مرتبطين في غذائنا ودوائنا بالدول الأجنبية القريبة والبعيدة، ولو عمل بهذه العوامل في العشرية وماقبلها، لقطعنا أشواطا تقدمية في شتى المجالات......