فكلمة الإصلاح قرأت مقالا يعلق على مقال لعبد الرحمن بن حدن كما يعلق على ملاحظات أربع أوردها محمد الأمين بن مزيد في مقال أخير له ، وأعادته بعض المواقع لنشر ذلك التعليق أمام القراء .
وهذان المقالان بعد استعراضهما بتأن فسيجد القارئ أن ليس هناك أي قاسم مشترك يؤدي إلى وصف الأول بالايجابية والآخر بالسلبية ،بل إذا كان يوجد قاسما مفرقا فهو الذي يمكن أن يجمع بينهما حتى أنه لا عموم ولا خصوص يمكن أن يجمع بينهما .
فمقال الأخ "حدن" حفظه الله كتب فيه ما يتراءى لكاتب يحب الخير للجميع، وله معرفة واسعة في أين يوجد هذا الخير الذي ينفع الناس كلها ـ ومعلوم أنه لا يوجد إلا في الإسلام ومدركه منه هو القرآن والسنة والشيخ يعرفهما ولله الحمد وبث منهما ما ينفع الجميع وهو أن لا ملجأ من أي شر إلا في تطبيق الآيات القرآنية والسنة الصحيحة .
فتكلم عن الحاضر والمستقبل ووجه الإنسان الموريتاني كل الإنسان الموريتاني إلى ما يصلح به دنياه وآخرته في التطبيق الكامل لهذين الوحيين في الحياة الخاصة والحياة المشتركة في المستقبل .
إلا أنه ـ ولأجل أن يتطابق كلامه ـ مع بعض الكاتبين والمفكرين في هذا الموضوع استعمل كلمة ـ الظلم في الحياة الماضية ـ وذكر أن أهل الظلم عليهم أن يعترفوا به ويعالجونه على ضوء الشرع وهي المسامحة وطلب التغاضى عن ذلك الظلم وتعويض مخلفاته .
وهذه ا" لأغنية" وهي ترديد كلمة الظلم الماضي وجعله في مكون واحد كأنه اتفق عليه جميعه بل يظن الأجنبي البعيد أنه مقنن داخل الفئة الواحدة تمحوا فيه وتثبت كما تشاء بإجماع أو بأغلبية إلى آخر توثيق المقتنيات .
واعتقاد هذه الفكرة والوقوف عندها هو مغالطة شديدة ورشوة من تحت الطاولة وتارة تكون من فوقها ومن تحتها .
فما كان واقعا في هذا المجتمع المسمى بالبيظان بلونيه لا يمكن حصر ظلمه لا في فئة واحدة ولا في معاملة واحدة ولكن يمكن حصر أنواع ظلمه في اتحاد هذا الظلم التلقائي في الانحراف عن الإسلام وتعاليمه الواضحة واستبدالها بالعادات السيئة المتحكمة في المجتمع من غير أن تجد أي تنبيه لهذا الانحراف من أي مدع للإصلاح أو الصلاح .
فالعمل بالعبودية على غير سببها الأول الذي أقره الإسلام وإلحاقها بعد ذلك بعبودية الإسلام وانحرافها داخل هذا الالحاق والأكل بالدين والحاقه أيضا بالإسلام وتسميته بإحدى العطايا الخاصة في الإسلام ـ والأكل بالجاه بل والاستمرار في هذا الأكل المحرم ليكون إرثا عصبـيا يلحق الأولاد إلى آخره وكذلك تقنين الغصب البواح ليكون أيضا فعل إرث لا تنكر وراثته وليكون ما يورث به إرثا شرعيا يقسم على الورثة كتركة شرعية وكذلك يهدي به للأكل بالدين ليكون محصنا لصاحبه في الآخرة بذلك الزعم المتوارث.
هذا الظلم كله الذي لاشك سوف يكون ظلمات يوم القيامة لم يقم به لون واحد يشمله كله بل حتى أن فئة البيظان التي يعنيها مقال عبد الرحمن حدن جميع ألوانها ملك العبيد حتى العبيد ملك العبيد كما هو جائز في التملك الإسلامي الأصلي عندما يكون شرعيا ، فالإسلام يقول: من ادعى فليدع بمحقق معلوم ...
فظلم ممارسة العبودية في موريتانيا لاشك أنه ظلم ولكن ليس وحده ولاشك أيضا أنه لا يعم فئة أو لونا واحدا في التقسيم الأول ، فالظلم عند الله المحاسب عليه في الآخرة مشخص وإن كان القرآن يقول ((وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) بالجمع فالعقوبة على كل إنسان بعينه ولذا تارة يقول القرآن
(( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ـ ولكن أكثرهم فاسقون )) فمن لم يقم بظلم فأكبر ظلم هو جعله ظالما .
فالإسلام كما أنه حرم الجمع في النكاح بين الأختين عندما نهى عنه قال إلا ما قد سلف وفي آية أخرى ((إلا ما قد سلف ومن عاد فينتقم الله منه )) هذه هي المعاملة العادلة فيما لا يمكن تداركه .
فظلم العبودية الماضي مسجل على مجهول في الدنيا ولكن مسجل في الآخرة عند الله على معلوم : وكفي .
فمعالجة عبد الرحمن حدن في هذا المجال لاشك أنه أجاد فيه وأفاد وهو يستحق الإعجاب الذي سجل له في التعليقات لو لم يتبع غيره في تكييف هذا الظلم وكأنه يشمل لونا واحدا كله .
أما مقال الأخ محمد الأمين بن مزيد حفظه الله وملاحظاته الأربع الشاملة لأشخاص معينين في حزب معين وكذلك قضية عدم الاهتمام بتطوير التعريب بل ربما المساوات مع الغير في الإبطاء به ، فالذي يظهر للكل أنه عكس مقال عبد الرحمن حدن في عدم تعيينه المدعى عليه فمحمد الأمين بن مزيد ادعى بمحقق معلوم بل متلبس بالمدعى عليه فيه دائما سواء ما يعنى منه الأشخاص المعنيين أو يعنى الحزب ككل .
فما يعنى الأشخاص المعنيين فلا أظن أنهم ينكرونه فهم يعملون بازدواجية انتساب الواجب فيه أن يكون له بطاقتان تحمل في الجيب كل واحدة منهما على حدة لأن مشاهدة العين أصدق من سماع الأذن ، ولاشك أن مزاولة العمل الحقوقي مع الحقوقيين الرسميين أو من يسمون أنفسهم حقوقيون ويسميهم البعض بذلك فساعة مزاولة ذلك العمل بطريق لا يتفق الجميع أن الإسلام يأمر بهذا الفعل ـ فكل من منتسب للتيار الإسلامي تلقائيا سوف تنقبض نفسه انقباضا تارة لا شعوريا أولا: لعدم شرعية العمل في نظره ، وثانيا: لاجتماعه مع الفاعل في نسبة واحدة ، وثالثا: لاتهام الأجنبي لجميع التيار أنه هكذا على قاعدة ـ الغاية تبرر الوسيلة ـ .
الملاحظات المنصبة على هذه الأعمال المتكررة من أصحابها والمعلومة لدى الجميع لا يمكن أن ينكرها إلا من يملك أسلوبا مخزن فيه طلاء سحر يسحر القارئ والمستمع سحرا إن كان حلالا 100% فيبقي في النفس الطالبة لصفاء الجميع منه شيء .
فلاشك أن من يعرف التيار الإسلامي معرفة كاملة ـ وفي المقابل يعرف الإسلام ويعلم أن الإسلام يعرف نفسه بأنه سلوك الطريق المستقيم في المنشط والمكره، وأنه لا يحابي من أجل القرابة أو الزمالة أو أي وصف في الانحراف قيد أنملة عن سلوك الصراط المستقيم ، ويعرف أن بوصلة هذا الصراط المستقيم تارة تكون حساسة عند البعض تنعت الوجهة بالكلمة وأحرى بالفعل فلاشك أن إنصاف من لا يتحكم في البوصلة لنعتها ما أحست به من اتجاه أولى من مبررات ما تسبب في تشغيل البوصلة بالقوة كما يقول المناطقة .
وعلى ضوء ما يفهم من هذه الأسطر فليست بوصلة محمد الأمين بن مزيد هي الحساسة وحدها ساعة رؤية
ـ القدم ـ في رأي صاحبها حائدا عن الطريق المستقيم الذي هو العنوان المشترك للجميع .
أما قضية التعريب أو عدم الاهتمام بسرعته في البلد أو عدم ملاحظة أن العمل على سرعته جزء من أهم أجزاء الدعوة إن لم يكن قطب رحاها فهو يعدل 70% من أركانها ـ هذه الأفكار هي المراجع عليها في الحزب مراجعة صادرة من القـلب نرجو من الله أن يعطي لصاحبها ما وعده به على المصيبة عند ما يقول صاحبها : إنا لله وإنا إليه راجعون .
فأنا لا أعلم هيئة في هذه الدولة المسلمة كلها أحرس عند أي اجتماع لها من الإصرار على إثبات اللغة الفرنسية داخل كل معاملة داخلية من هذا التيار الذي يسميه المجتمع بالتيار الإسلامي مع أن موريتانيا كلها هي وأحزابها مسلمون ولا سيما عند الاجتماعات .
ولكن صحيحا أن هذا الحزب عند اجتماعه يخيل للملاحظ عليه من قمته إلى قاعدته برجاله ونسائه وبجميع ألوانه وشرائحه وبشيوخه وشبابه خريج مدرسة واحدة تحمل عنوان ((وأن هذا صراطي مستقيا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تـتـقون )) .
وبالرغم من هذه الحقيقة الأخيرة أعلاه فإن عمل الحزب الإداري انتقـل من عمل إداري يتبع صاحبه في عمله الشخصي : قرآنا وسنة إلى عمل إداري مدني كما يسمونه في الدنيا ليساير العمل المدني حيث ما كان سواء بالترابط معه عضويا أو ناظرا إليه من بعيد وعند قيادة الحزب القديمة ما تقنع به الملاحظ وجها لوجه في الدنيا وذلك عنده سبب ، وعند القيادة الجديدة نفس العمل ولكن بالتهرب من أي مناقشة بمعنى أن الخلاصة في القيادة الإدارية للجميع : دكتاتورية ناعمة طيبة نرجو لها من الله أن يبدل سيئاتها في الموضوع حسنات .
إذا على ملاحظ هذا المنظر الدكتاتوري الناعم الطيب بجانب ذلك المنظر الجميل الراجي أهله أن تكون لهم الحسنى وزيادة أن يغض الطرف عن ما يلي :
أولا: قضية التمسك بالفرنسية والحرص على الترجمة لها ولا يستثني إلا الآيات القرآنية مع أن الجميع يسمع العربية والحسانية والترجمة لإتمام الركن الثابت للاجتماع .
ثانيا : الانحراف عن بعض سلوك الطريق المستقيم التي توجه المسلم للسلوك مع الطرف المعيش معه لصالح الإسلام فعليا إلى سلوك طريق الاجتهاد الوضعي الملتزم به في كل الظروف .
ثالثا : خارج اجتماع الحزب فقد يلاحظ غير المعصوم على غير المعصوم ما هو غير مستقيم في نظره أما عند الله فيقول فيه المولى عز وجل ((قـل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا))