رغم مظاهر الانتشار الأمني في العاصمة وجنباتها في ذلك الأسبوع.. حدث ما لم يكن متوقعا, نيران صديقة تحرق أحشاء الرئيس
لم يكن الأمر طبيعيا, رئيس يتحكم في كل مفاصل الدولة, ويصاب بكل بساطة..؟؟ أين الحرس وما فائدة وجودهم وتسليحهم.. أين الخلفية العسكرية للجنرال الرئيس؟؟ أين هي الدولة البوليسية التي بناها الرجل منذ جاء للسلطة غصبا..؟؟
عجبا للرئيس إن أمره مدعاة للحيرة، للشك، للقلق...
تكلم الوزير وبعده الرئيس وسكتت الأغلبية بعض الوقت ثم تكلم الشاب بطل رواية الحكومة, وبقي للشك والإشاعات نصيب, وذلك لسبب بسيط هو أن الرواية كانت بها بعض الثغرات – لا أدري أكان تركها مقصودا أم نسيت لأن الأمر جلل-,
فحسب رواية الحكومة.. أطلق الضابط النار على السيارة الهدف بعد أن تجاوزته بسبعين مترا مستهدفا عجلاتها لكن الرئيس أكيد لم يكن خلف السيارة ولا متعلقا بها متجها نحو الخلف..ثم يواصل الشاب الذي كان يصف ما حدث, ولم يقل إنه طارد السيارات التي أفلتت منه وهو الحريص على أمن وطنه.. بل انتظر قدوم سيارة من حرس الرئيس الخاص كانت من الاطمئنان بمكان, على عكس الرئيس المصاب وتوقفت لما أمرها الضابط بذلك وهي التي علمت أنه مصدر إطلاق النار, ولم ترد تعكير صفوه بل تركته دون أذى, وكأنها علمت أن الطلق الناري كان بالخطأ ولا تثريب على صاحبه.. خاصة أن إصابة الرئيس كانت جرح في الذراع وكانت حسب الرواية الحكومية طفيفة ولا داعي للخوف عليه, لكن كانت هنالك حاجة ماسة لعملية مستعجلة في البطن وحراسة مشددة للمستشفى ورفع بعد ذلك لفرنسا..للنقاهة في مستشفياتها.. وهل كان الناس يوما يزورون المستشفيات لقضاء فترة للنقاهة؟؟
طالت فترة النقاهة في المستشفى فحارت المعارضة وفضلت تعليق مطلب الرحيل خوفا وطمعا.. خوفا من تعاطف بديهي من شعب خلوق مع رئيس مريض طريح الفراش, وهي التي كانت تراهن على غضب الشعب من واقعه المر في ظل حكم الرجل, وطمعا في أن يحمل الجديد المؤلم دورا لها في صناعة المرحلة أو على الأقل صياغة جزء من ملامح المستقبل.
وأبدت استعدادها للتشاور مع كل الأطراف بما فيها الجيش والموالاة, لإطلاق مرحلة انتقالية تفضي لجوي ديمقراطي توافقي جديد, وكان جميلا أن تبدي الأغلبية استعدادا مبدئيا للتشاور وإن اختلفت مع المنسقية في توصيف الواقع بأنه فراغ دستوري كان أم عملي.. ثم جاءت دعوة رئيس البرلمان للتهدئة, ولا ندري ماذا سيقول الجيش الساكت حتى الآن..؟؟
ردك الله سالما يا عزيز.. منذ شهر وأنت طريح الفراش في المستشفى والدولة على ما يبدو معك هناك.. لا مجلس وزراء ولا مجلس دستوري وكل شيء معطل, الكـــل في انتظارك.. لا أدري, ربما المجلس الأعلى للدولة يجتمع الآن حينما تتعطل المجالس السفلى, وهو الذي لا يوجد من خبره سوى أنه موجود وفاعل في صناعة الواقع والحفاظ عليه بصمت وهدوء.
لكن الغريب ليس هذا, بل الغريب أن يتصل الرئيس المريض برؤساء الأحزاب الموالية والمعاهِدة وبعض الشخصيات والوجهاء دون أن يحظى الشعب منه باتصال ولو عبر شريط يسجل ويرسل عبر البريد لتبثه الإذاعة على الأثير في حديث الصباح..
نعم.. يمكن القول إن الرئيس قد بدأ يتماثل للشفاء ليعود قريبا.. لكنه يمكن أن يكون غير قادر على الجلوس طويلا على الكرسي.. ويمكن أن يكون الجلوس سهلا عليه لكن الوقوف هو المشكلة.. ويمكن كذلك أن يكون الجلوس والوقوف عنده سواء, لكن خارج كرسي الرئاسة.
كلها تبقى احتمالات في ظل تعتيم رسمي على حقيقة الأمر ..لكن هنالك حقيقة ثابتة هي أن محمد ولد العزيز قبل الثالث عشر أكتوبر يختلف عنه بعد ذلك (شفاه الله) ..وموريتانيا اليوم تختلف عنها قبل ذلك التاريخ.