ليس الأمر خاصا بمرحلة عمرية معينة،فالانسان يمكن أن يرحل إلى الدار الثانية فى أي وقت قضى الله به.لكن تذكر الموت مئنة و علامة فطنة و إيمان ،و ما سوى ذلك غفلة و تجاهل لسنة الله فى خلقه:"كل من عليها فان و يلقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام".و لكن تذكرنا للموت لا يعنى غلبة اليأس و الحزن و الألم،بل الأمر مطلوب فى حدود التوازن و مصلحة النجاح و التأسيس لدار المقام،التى هي العاقبة و المحصلة:" فريق فى الجنة و فريق فى السعير".
فعلى منوال أعمالنا و مصيرنا عند الله،لا يوجد فريق ثالث فى المحطة الأخيرة،و إنما سينقسم الناس على فسطاطين،بين نعيم خالد دائم و عقاب أبدي.
و قد أمر نبينا خاتم الأنبياء و المرسلين،محمد بن عبد الله ،عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم،بأن نذكر هادم اللذات و مفرق الجماعات،الموت.
و قد قال الشاعر قدما:و ما الناس إلا هالك و ابن هالك / و ذو نسب فى الهالكين عريق .
و قد سئل علي بن أبى طالب عن التقوى ،فقال:الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل و الرضا بالقليل و الاستعداد ليوم الرحيل.
و قد قال تعالى :" و تزودوا فإن خير الزاد التقوى و اتقون يا أولى الألباب".و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" اتق النار ولو بشق تمرة".
أحداث الحياة يوميا، تدل على حكمة احتساب الموت و الاستعداد لها،فما من أحد محصن من زائرها و قضاءها المحتوم، يوما ما،و الأعمال الصالحة و هجر الأعمال الطالحة المنحرفة،من أحسن الاستعداد،بعد قبول الرحمان و تيسيره.
و قد أوصى الله، بحق الوالدين و الزوجة و الأولاد،و خصوصا البنات، و الرحم عموما، و الجيران بوجه خاص،و اليتامى و الأرامل،و أوجه و أبواب تحصيل الأجر و الثواب كثيرة،و لكن التقصير أحيانا، يغلب على المثابرة و المسارعة للخيرات.
و مهما رغبنا فى الحياة و تشبثنا بعروتها،فالحبل منقطع يوما ما،و تلك سنة الله فى خلقه كله.و بالتالى فحسن التدبير فى حسن الاستعداد للرحيل الحتمي،الذى ما مفر منه،لنظفر بمصير نعيم،فى دار المآل و المستقر النهائي.