ترى ما الذي جناه أهل هذا البلد "المعطاء" على أنفسهم حتى ابتلوا بنجب ثقافية خائرة وسياسية فاشلة تبض وتفرخ في ظلام رجعية التقهقر الفكري بين ظهرانيهم، لا تستجيب لمعيارية العصر الذي أصبحت فيه كل نخب العالم موحدة الرؤى حول التوجهات الكبرى التي تقوم وترتكز على أساسها الدول ويتحدد على أرضيتها الثابتة مسار لإنسانية في مشتركاته الأساسية؟
من المعلوم أن النخب الثقافية هي التي تشكل العمود الفقري في هيكل الدولة السوية حيث هي المسؤولة، بالدرجة الأولى، عن بناء النفوس تنوير العقول وتوجيهها، فيما يؤول إلى النخب السياسية التي تشكل "الأطراف الحيوية" دور حراكها الميداني الدائم إلى التطور والتوازن والرقي والرفاه.
وبالطبع فإنه لا يغيب، خلال حراك البلدان ومسيراتها إلى البناء والبقاء، ما لـ"لتفاعلية" بين هذه النخب من رَجع "تبادلي" إيجابي على الاستقرار والتطور بشكل مستمر إذا كان:
- يرفض الخلاف،
- ويقبل الاختلاف
سبيلا ساميا ودائما إلى ضمان الاعتدال والأمن والأمان في الدائرة الأزلية لقبول معادلة الرأي والرأي الآخر المتوازنة.
ولما كانت الندوة السياسية القيمة التي نظمها "المركز العربي الافريقي للإعلام" الليل البارحة، واختار لها كوكبة من الأساتذة والأكاديميين المتميزين وحضرها جمهور كبير من المتنورين، بهدف إبراز مستوى الوعي السياسي لدى نخبنا على اختلاف مشاربها وتوجهاتها وكذلك قدرتها على التعاطي الرفيع مع القضايا السياسية الكبرى، فإن الذي آلت إليه الأمور في تطور ألقى بظلال قاتمة على مستوى التعاطي العام كان محبطا، حيث التحفت الندوة دثار كل أطراف "غوغائية" ساحة "الحركية السياسية" في بلاد "التناقضات الكبرى"، وتصارع أهلها على طريقة الديكة "التايلاندية" في "الحلبة الخطابية" بكل الصخب الأيديولوجي المتقادم على قرقعة أسلحة "الأحرف" النارية الحارقة للأدمغة والعقول ليضيع وقتُ "الوطن" في خضم "مهاترات" كلامية لم تسمن ولم تغن من جوع في وقت كانت فيه ليبيا "موضوع الندوة" على شفا حفرة نار التقسيم بين قوى:
- الغرب،
- وروسيا،
- وتركيا من ناحية،
وتحتاج فيه لبلاد، التي تعاني من تخلف معلوم عن ركب الأمم وهي الأولى بوعي نخبها السياسية، إلى "يغظة" هذه النخب التي تغط في سبات "الرجعية السياسية" المتجاوزة، لرفع التحديات الجسيمة في منعطف جديد ينشد فيه المواطنون الطلاق المطلق مع كل آثار عشرية أحرقت الأخضر واليابس.