شاركت -شاكرا التكليف-بمحاضرة ضمن فعاليات ندوة نظمهاالمركز الإقليمي للأبحاث و الاستشارات تحت عنوان "المقا ربة الجهاتية بالمغرب و موريتانيا"؛كان أحد محاور المحاضرة شروط صحة التأسيس السليم للمجالس الجهوية بموريتانيا.
و قدبينتُ خلال المحاضرة أنه ما لم يتم إنشاء "آلية مندمجة لتمويل المجالس الجهوية" تشمل تحويلات مالية معتبرة من الدولة و مساعدات مالية و فنية مقدرة من الشركاء الأجانب فإن المجالس الجهوية لن تكون غير "ديكورمؤسسي"و "زخرف ديمقراطي"منزوع الجدوائية.
بيد أني نبهت و شددت على أن "آلية التمويل"المنشودة يجب أن تسبقها "ممهدات"و تؤسس لها سلفا "شروط صحة" لا يصح مطلقا تأسيس المجالس الجهوية إلا بها و من تلك الشروط:
أولا-ترفيع المستوى العلمي للمجلس الرئاسي للجهة:و المقصود بالاقتراح هو اشتراط مستوى علمي معتبر لأهلية رئاسة المجالس الجهوية(الرئيس و نوابه) فرئيس الجهة المنتخب انتخابا مباشرا"هو بسمت رئيس دولة بمقياس جهوي"؛و بالتالي فإن المنصب يجب أن يحصن علميا حتى لا تؤول رئاسة المجلس الجهوي إلى أشخاص تنقصهم الأهلية العلمية فيشكل ذلك خصما من قيمة المنصب و تتأكد وجاهة و إلزامية هذا الشرط فى مرحلة التأسيس العشرية الأولى)التى تتطلب أقوياء،أشداء ،حكماء،فطناء،..
و إذا كان من حسن الطالع أن النسخة الحالية من رؤساء المجالس الجهوية تتمتع بالأهلية العلمية فلست متأكدا من أن الأهلية العلمية المنشودة متوفرة فى كافة نواب رؤساء المجالس الجهوية.
ثانيا-إنشاء "و كالة فنية لتنفيذ مشاريع الجهات":
من أوكد شروط صحة تأسيس المجالس الجهوية إنشاء و كالة وطنية مشتركة لتنفيذ المشاريع الجهاتية تقترح الدولة مديرها العام الذى يجب أن يحظى بموافقة مكتب رؤساء المجالس الجهوية؛و ستشكل الوكالة المذكورة الذراع الفني للمجالس الجهوية.
ثالثا-الصرامة فى تسيير المصادر البشرية : تفاديا لتكرار أخطاء البلديات التى أغرقها و زَحَّفَهَا الاكتتاب الزبوني و "الانتخابي"للمصادر البشرية فإن المجالس الجهوية يجب أن تحد لها الوصاية الإدارية و المالية السقف الأعلى المسموح به من المصادر البشرية مع التشديد على اعتبار كل اكتتاب خارج السقف المحدد اختلاسا صريحا للمال العام و مسقطا لأهلية الترشح خلال مأمورية كاملة:
رابعا-"الرئاسة الحصرية"للجان الجهوية للتنمية من طرف رئيس المجلس الجهوي:و أقصد هنا بأن تعهد الرئاسة الحصرية للجنة الجهوية للتنمية لرئيس المجلس الجهوي لا ينازعه و لا يشاركه فى ذلك ممثل الدولة فالمجالس الجهوية مهمتها الرئيسة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و يجب أن تواجه مهامها مسلحةً بالوسائل و مراقبةً بآليات التفتيش و المساءلة.
خامسا-وجوب الإقامة الفعلية لرئيس المجلس الجهوي بعاصمة الولاية 3/5الوقت السنوي للعمل على الأقل:من الملاحظ أن المنتخبين المحليين عموما يمضون ثلاثة أرباع الوقت بنواكشوط و تفاديا لتكرار هذا السلوك يتعين اتخاذ قرار يلزم رئيس المجلس الجهوي بالإقامة3/5صافي وقت الدوام السنوي بعاصمة الولاية.
سادسا- تحديد سن أعلى و أدنى لرئاسة المجلس الجهوي:رئيس المجلس الجهوي منصب إداري و تنموي أساسا و بالتالي فإن رئيس المجلس الجهوي يحسن به أن يزادَ العمر الأدنى لأهليته للانتخاب بخمس سنوات(25+5=30) لضمان توفر الكفاءة و التجربة كما أن العمر الأعلى لأهلية الانتخاب يجدر أن لا يزاد على عمر التقاعد إلا بخمس سنوات(60+5=65) تأمينا للحيوية و اللياقة البدنية؛
سابعا-تكليف المجلس الجهوي بدور تنفيذي مركزي ببرنامج "تآزر":
كي لا تضيع المأمورية الحالية للمجالس الجهوية فى تحرير النصوص و البحث عن التمويلات فالاقتراح وجيه و مُعَلَّلٌ بمنح المجالس الجهوية دورا تنفيذيا مباشرا فى خطة عمل وكالة "تآزر"المكلفة بمحاربة الغبن و التهميش و التفاوت و الفوارق و تلك لعمرى مهام أصيلة للمجالس الجهوية؛
ثامنا-لا مركزة عقود عمل الطواقم التعليمية و الصحية:تعانى المؤسسات التعليمية و الاستشفائية من تغيب العمال و الاقتراح الذى يتكرر دائما هو تكليف المجالس الجهوية بتوقيع عقود العمل الجهوية مع منتسبى التعليم و الصحة حتى يعلم العاملون بقطاعي الصحة و التعليم بكل ولاية بمحلية عقود عملهم و أنهم لا يمكنهم العمل إلا فى حدود إقليم الولاية ساعتئذ سيخف التغيب و التسيب و سيختفي الضغط على طلب التحويل إلى نواكشوط و سيتم تثبيت منتسبى الصحة و التعليم فى أماكنهم و هم قوم إن ثبتوا ثبتت الساكنة؛
تاسعا-تكوين مفتشين ماليين متخصصين فى المالية المحلية:إذا كانت المطالبة أكيدة و عاجلة بمنح المجالس الجهوية صلاحيات -قابلة للتنفيذ-و تمويلات-قابلة للتعبئة- فى عاجل الآجال فإن ذلك يجب وجوبا أن يرافَقَ بإنشاء"سلك من مفتشى المالية المحلية " قليل العدد، رفيع الرواتب،واسع الكفاءة و شديد الصرامة يعهد إليه بمهمة السهر على النظافة المالية و التسييرية للمجالس حتى تكون قدوة يحتذى بها؛
عاشرا-مراجعة التفكير فى "التضخم المؤسسي"بمدينة نواذيبو: يوجد على الحيز الجغرافي الصغير لمدينة نواذيبو تضخم مؤسسي(المنطقة الحرة،المجلس الجهوي،البلدية،الولاية،المقاطعة)؛أعتقد أن هذا التضخم أدى إلى تمييع و خفض قيمة "المؤسسات الدولتية و اللامركزية"كما أدى إلى "صدام الصلاحيات"و بالتالي فالحاجة ماسة إلى معالجة هذا التضخم و هي معالجة سيتأثر بها إيجابا أو سلبا المجلس الجهوي.
تلك شروط عشرة أحسبها "شروط صحة" تأسيس التجربة الجهاتية و إذا لم تؤخذ فى الحسبان فخوفي أزرق من أن تضيع المأمورية الأولى للمجالس الجهويةفى إعداد النصوص "غير القابلة للتطبيق".