التوجيه الإسلامي والتعليم الأصلي قطاع يهم كل مواطن غيور على دينه، متطلع إلى صلاح مجتمعة ينتشئ ويفرح بحسن أدائه ويمتعض وتستنهضه الحمية إن أسيء إليه، ويأسف ويتحسر لأي تقصير يحصل من القائمين عليه، فهو تاج القطاعات الوطنية الرسمية والمستقلة وقدوتها استحقاقا،وهو أولاها بالشفافية والنظافة والبعد عن الشبهات،هكذا يتصوره ويتوقع منه الجميع وهكذا يجب أن يكون، وإلا كانت نسبته إلى الإسلام افتياتا وتجنيا عليه، وإهانة للمجتمع، وخروجا على سلطة الدولة .
إذ التوجيه سلوك انتقائي يصدر عن جهة تمتلك سلطة مادية أو معنوية على الموجِّـه وبما أنه منسوب هنا إلى الإسلام : دين الدولة والشعب : منهج حياته في الدنيا وسبيله إلى الجنة في الأخرى تعين أن يكون نافذا، وأن يكون القائمون به على قدر المسؤولية .
ودستور الإسلام ـ كما هو معلوم ـ كتاب﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ مبين بالسنة القولية والفعلية لمن لا ينطق عن الهوى محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وشفيع الأمة .
هذا الكتاب المحكم المفصل وما نص عليه من أحكام أو استلزمه من قواعد توجيهية وأقيسة مطلقة الصلاحية في الزمان والمكان انتظم مجمل مصابيح المحجة البيضاء التي تركنا عليها النبي الخاتم﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ .
ثم إن القائمين على القطاع المتوج بهذا التاج العظيم هم حملة مشاعل الهدى ورثة الأنبياء:علماء الأمة وأئمتها دعاة المحجة البيضاء وحراسها المؤتمنون عليها شرعا المكلفون بها تنفيذا للعبور بالمجتمع إلى بر الأمان: ِرضي الله ومصالح الناس .
إذا انطلقنا من هذه الخلفية النظرية إلى القطاع المعني نتفقد حاله ونطمئن عليه فماذا نحن واجدون؟ لا أريد أن أخوض في التفاصيل لأنها مملكة الشيطان التي يتحصن فيها كما زعموا أنه يكمن في التفاصيل(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) لكن لا يسعنا إلا أن نتساءل عن مدى فاعلية هذا القطاع المميز وعن مدى أدائه لأماناته واستجابته لما يعلق عليه من آمال ؟
ما نعلمه هو أن هذا القطاع وما يلحق به من هيئات تنفيذية أو مستقلة نظريا استقبل تمويلات سنوية معتبرة طيلة العقدين الأخيرين تحت عناوين مشاريع متنوعة من شأنها لو أحسن تسييرها أن تسهم في التنمية التي ينشدها الجميع وتمس الحاجة إليها بإلحاح إسهاما يلمسه المستهدفون على الأقل، لكن هيهات، نعم الجعجة لا تخطؤها الأذن والطحين لا تدركه العين المجردة .
يتحدث الناس بالمقابل عن منازل وفـلل فاخرة متعددة مشيدة أو مشتراة بأرقام مالية فلكية والمضارية في أسواق العقارات بعشرات الملايين لبعض رؤساء القطاع وخلافات ومشاحنات مع السماسرة والباعة ولغط المال والأعمال ... وما خفي أعظم .
ولا تسأل عن الأعوان فالرعية على دين سيدها وعلى عاتقه تكون المسؤولية وقديما قال أحد الحكماء :
إذا كان رب البيت للدف ضاربا ** فلا تـلم الصبيان فيه على الرقص
وأي رقص وأي تلاعب حدث عن ذلك ولا حرج .
متى يوضع قطار التوجيه الإسلامي وملحقاته على سكة مستقيمة تصون مكانته وتحفظ هويته متى تحصن مقدسات الأمة تحصينا منيعا ضد عبث العابثين وفساد المفسدين وإلحاد الملحدين﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ...﴾.
أرجو أن يوفق وزير القطاع الجديد لعمل يرضي الله ويحقق مصالح الناس وأن يجد أعوانا صالحين﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ وما ذلك على الله بعزيز .
ولنا في قول نبي الله شعيب أسوة حسنة﴿ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب﴾