من المعروف في عالم النظم السياسية أن الدولة تقوم على أسس ثابتة من أبرزها: السلطة الحاكمة والشعب المحكوم، وأن لكل منهما واجبات وحقوقا يجب القيام بها على الوجه الأكمل، فالسلطة مسؤولة عن كل ما يرتبط ببناء الدولة وذلك في جميع المستويات اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية، بالإضافة إلى ركائز أخرى تعتبر لب وأساس كل بناء يراد له البقاء، وهذه الركائز هي:
1- الوحدة الوطنية وذلك بترسيخ النسيج الاجتماعي بين فئات المجتمع وإعطاء كل طبقة اجتماعية حقها في ممارسة ثقافتها الخاصة بها وبحرية تامة وفي ممارسة عاداتها التي تعتبر جزءا من هذه الثقافة وأن نستحضر جميعا أن أعظم عامل للوحدة الوطنية هو الدين الإسلامي الذي وحدنا منذ مئات السنين
2- الحوزة الترابية وذلك بالدفاع عنها بكل قوة وإخلاص وهذا الدفاع مسؤولية الجميع.
3- رعاية المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الوجه الأكمل.
وبالقيام بهذه الواجبات تكون الدولة وضعت أساسا قويا لممارسة إصلاح هادف وبناء يحظى بدعم حقيقي من طرف الشعب، وانطلاقا من ما تقدم فإنه من حق المواطن أن يطرح تساؤلات تهم الجميع وتحتاج إلى إجابات.
– هل الدولة تقوم بواجباتها على الوجه الأكمل؟
– وهل يطمئن المواطن إلى قيامها بهذه الواجبات؟
– هل تعتقد الدولة أنها تقوم بما عليها؟
– وهل يحقق المواطن بطريقة عادية مهامه المتعلقة بالإدارة العامة؟
– وهل المعايير المتبعة في التعيين معايير مبنية على العدالة؟
– هل يدرك المواطن أن عليه واجبات تجاه الدولة كما أن له حقوقا عليها؟
أذكر أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم يجب أن تكون علاقة ود واحترام وتكامل وتعاون بحيث يعمل كل منهما من زاويته على بناء هذا الوطن الذي يحتاج إلى تكاتف الجهود وإبعاد شبح الهيمنة والغطرسة من جهة والابتعاد عن السخرية والنقد من أجل النقد والتقليل من قيمة الجهود التي تقوم بها السلطة من جهة ثانية.
1- إن القيام بالواجب مهما كانت بساطته بالغ الصعوبة لكنه يوجد بنسب متفاوتة فقد نجد من بين القائمين على الشأن العام مسؤولين أكفاء رغم العوائق والعلائق التي تكون غالبا حاجزا دون تحقيق هذا الهدف ولكن في الواقع إذا قيم بنسبة سبعين في المائة من هذا الواجب يكون العمل في غاية الامتياز، وإذا انطلقنا من هذا المبدأ نجد أننا حققنا النسبة المذكورة وواجبنا في هذه الحالة أن نثمن كل عمل وصل إلى هذا المستوى وأن نتذكر المثل المعروف (لماه فديك ارجيل) لكننا غالبا نواجه هذا الانجاز المتواضع بالسخرية والنقد غير الهادف والتقليل من أهمية الانجاز.
وفي هذا الإطار نستحضر مثلا آخر (أل ما احمد القليل ما يحمد الكثير) فبناء الدولة صعب والمشاكل جمة والوسائل المتاحة محدودة.
لا أريد أن أدافع عن أي سلطة مهما كانت وأينما كانت لكنني أحاول أن أكون واقعيا وأن لا أحمل السلطة مالا تطيق.
2- إن المواطن ومن أي طبقة كان لا يرضى عن التسيير ولا عن مردوديته ولا عن توزيع الثروة بصورة عادلة وشفافة.
3- إن السلطة التي تدرك ما عليها لا يمكن أن تدعي أنها قامت بالواجبات لأن هذه الواجبات لا يمكن أن تتحقق على صعيد الواقع نظرا لكثرتها وتشعبها.
4- نسمع دائما في وسائل الإعلام عبارة تقريب الإدارة من المواطن إلا أننا إذا وقفنا بأبواب المسؤولين قل أن نجد مصداق هذه العبارة فإن المعنى المتبادر إلى الذهن أن المشاكل المطروحة من طرف المواطن أينما كان تجد حلولا مناسبة سواء كانت جهوية أو مركزية، لكن الواقع المعيش عكس ذلك ومن أراد أن يتحقق من هذا الموضوع فليقف بأبواب المسؤولين سيجد جملة من الإجراءات التي لا تحقق لصاحب الحاجة مطلبه (خرج وسيعود، ارجع إلينا بعد يومين، المقابلة يوم كذا..)
5- إن معايير التعيين التي تتسم بالعدالة ويطمئن إليها المنصف ينبغي أن تكون على أسس عادلة وشفافة ومن هذه المعايير العادلة والشفافة معياران هما:
– الدرجات التي يحصل عليها الموظف في كل سنة ومن مختلف الإدارات التي تستخدم هذا الموظف وهذه النتيجة تتجدد سنويا بتعاقب المسؤولين عنها من ما يعطي مصداقية لهذه النتائج.
– الدرجات والملاحظات التي تصدر عن المفتشين في جميع مراكز الدولة إدارية كانت أو مالية..
وانطلاقا من هذين المعيارين يكون التعيين تابعا للملفات بغض النظر عن الجهة والانتماء والعلاقات الشخصية وبهذا تتحقق العدالة وتكتشف الكفاءات.
6- إن المواطن يبحث جادا عن حقوقه المتعلقة بالدولة ويبذل كل الجهد في الحصول عليها لكن عليه أن يعلم أن عليه واجبات وحقوقا للدولة يجب القيام بها ومنها على سبيل الاستشهاد لا الحصر الضرائب المستحقة عليه للدولة فهذه الضرائب تدخل في ميزانية الدولة وتتعلق بها جميع الخدمات من صحة وتعليم وأمن.. وعلى هذا فإن كل فرد من أفراد المجتمع عليه واجبات تجاه الدولة سواء تعلق الأمر بالأمن العام أو الخاص فعلينا جميعا أن نسهر جادين على خدمة الوطن وأن يشعر كل منا أن المسؤولية على الجميع.