دور الجهوية في تحقيق التنمية المحلية / الداه ولد إسلم

يأتي دور الجهوية في تحقيق التنمية المحلية في إطار ما يحققه الفاعل المحلي من إضافات إلى التنمية المحلية من خلال الاستعمال العقلاني للمجال وتحقيق دور التنمية المحلية وهدفها وكذلك استثمار الطاقات والإمكانيات المحلية من أجل تحقيق التنمية الشاملة مع الفاعلين المحليين وكذلك الخارجيين.
 
فالتنمية الجهوية في معناها العام بالإمكان اعتبارها عملية تستهدف الإعداد الشمولي للجهة والاستعمال العقلاني للمجال وتقليص الفوارق الجهوية، كما قد تفيد في أحد معانيها الخاصة مجموعة الجهود المبذولة من طرف الفاعلين المحليين وأيضا الفاعلين الخارجيين سواء أكانوا من الوطن كالدولة ممثلة في سلطاتها العمومية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين , أو من خارج الوطن في إطار صيغ التعاون الدولي اللا مركزي وذلك من أجل تحقيق هدف التنمية الجهوية ومن ثم تحقيق التنمية الوطنية
وقد جاءت خطوة إنشاء مجالس جهوية لتكرس الرقابة والتسيير عن قرب بصفتها ترسيخا للديمقراطية و تدريب و تكوين المواطنين على تقنيات و أدبيات و تقاليد العمل الديمقراطي.
إذ هي الجيل الثاني من اللامركزية بعد المجالس البلدية التي أنشئت في بلادنا منذ ثلاثين عاما و إذا كان من المتعارف عليه عالميا أن "البلدية هي المدرسة الأولي للديمقراطية" فإن المجالس الجهوية هي " المدرسة الثانية ( المستوي الثانوي) للديمقراطية."
و سيكون من اختصاص المجالس الجهوية تسيير المرافق العمومية الكبري كالثانويات و المعاهد المتوسطة و المستشفيات... و هي مهام مَنُوطَةٌ حتي الآن بالسلطات الإدارية كما سيعهد للمجالس الجهوية بإعداد و تنفيذ الميزانيات الجهوية و الخطط التنموية الجهوية.
و لقد أكدت تجارب الأمم أن تسيير المرافق الخدمية ذات الصلة الماسة بحياة السكان يكون دائما أدق تصورا و أحسن جودة و أقل تكلفة كلما تم إسناده إلي أجهزة سياسية و إدارية قريبة من السكان و منتخبة من طرفهم فأهل مكة دائما أدري بِشِعَابِهَا و أرحم بِشَعْبِهَا !!؛

ويرى المختصون ان النص القانوني المنشئ لهذه المجالس تمت صياغته بناء على التجربة الموريتانية الفتية رغم امكانية الاستفادة من تجارب إقليمية في المغرب والجزائر والسنغال وحتى فرنسا, و ان أي محاكمة النصوص قبل التنفيذ والممارسة سابق لأوانه، غير أن هناك نواقص واضحة من أبرزها عدم تخفيف رقابة السلطة على المجالس الجهوية، وأرجع الأمر إلى أن المشرع الموريتاني تأثر بتطورات الوضع في إقليمي كاصاماصا وكاتالونيا من أجل الحيلولة دون أي انفصال محتمل خصوصا أن صياغة النص تزامنت مع حدوث انفصال في بعض أقاليم العالم كإقليم كردستان.

هذا البعد التنموي الذي تتوفر عليه الجهوية ـ باعتبارها أصبحت اليوم قاطرة للتنمية ـ يقدم الجهوية على أنها ضرورية لإصلاح المنظومة المحلية دون أن يؤثر ذلك على وحدة الدولة السيادية والسياسية ,وللحديث عن دور الجهوية في تحقيق التنمية المحلية لابد من الحديث عن المقومات والآليات النوعية لنجاح التنمية المحلية , ثم بعد ذلك الحديث عن دور الجهوية في تحقيق الحكامة .
 
المقومات والآليات النوعية لنجاح التنمية المحلية
 
إن نجاح التنمية المحلية يرتبط بتوفر مجموعة من المقومات والآليات الضرورية لتحقيق التنمية المحلية,خصوصا وأن الجماعات المحلية اليوم أصبح ينظر إليها كمقاولة وذلك بانتقالها من التسيير الاداري إلى التدخل الاقتصادي , المنتج الذي يتطلب تعبئة مكثفة لكافة الامكانيات في إطار مقاولة تكاملية تعتمد الفعالية والنجاعةوالجودة والاقتصاد... كمبادئ أساسية في تدبير الشأن العام المحلي.
 
وتعتبر الموارد المالية هي العنصر الأساسي لكل استثمار سواء كانت عمومية أوخصوصية, والاستثمار الجهوي يتطلب إعداد ميزانية لكل تدخل تنموي من قبل الجهة , غير أن تحقيقها لا يتوقف على الجانب المالي فحسب وإنما يبقى رهينا بكفاءة العنصر البشري لكونه مصدر قوة للجهة في كل تدبير جيد.
 
تعزيز وتقريب الإدارة
 
إذا كانت سياسة القرب هي منهجية في التدبير العمومي المحلي تعتمد على المقاربة التشاركية بهدف التغلب على إكراهات وعوائق التنمية فإن الجهوية تحيل إلى ممارسة السلطة لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري وتنموي وتقدمي وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال قيادات سياسية جهوية منتخبة قريبة من مواطنيها الذين تحظى برضاهم عبر مشاركتهم ودعمهم.
 
ولا يتجسد مفهوم القرب إلا من خلال اعتماد حكامة جيدة وما يترتب عنها من مفاهيم الديمقراطية والتشارك والنجاعة...إلخ
 
وتتمثل المعايير الاساسية الضامنة لسياسة القرب في التحديد الواضع لمبدأ نقل الاختصاصات الممنوحة لكل جهة مع تجاوز عامل تراكم المسؤوليات الذي يجعل التدبير مزدوجا ومتداخلا لا يمكن من التحديد الواضح للمسؤولية, وحرية الإدارة الجهوية الازمة لحرية المواطنين وتتحقق من خلال ممثلين ينتخبهم سكان الجهة لتطبيق السياسات العامة للدولة ثم وجود آليات فعلية للاستشارة والتي تساعد على التحقيق الفعلي للدمقراطية التشاركية وبالتالي تحقيق الحكامة الجيدة والفعالة

هذا وتواجه المجالس الجهوية في بلادنا منذ انشائها عوائق تتمثل أساسا في عدم نقل الصلاحيات الموكلة إليها بسبب البطئ في اتخاذ الإجراءات التي نص عليها القانون المنشئ للمجالس الجهوية وفي انتظار ذلك تبقى صلاحيات المنتخبين الجهوين حبرا على ورق

23. يناير 2020 - 16:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا