اسْتِعْجالُ العملِ الحكومّيِّ بين المَوْضوعيّةِ والتّسْييس / محمد يحيي ولد العبقري

أريد به إعطاء وجهة نظر حول بعض القضايا العامة المتعلقة بالمشهد السياسي وما يثار حول طلب تعجيل وشطارة تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية : هل هو عَطْفٌ على أوضاع محتاجين أو تسييس للإشكال؟    

قد لا أحتاج إلى تفطن كبير لإدراك أن فن السياسة عندنا غيرُ واضح المعالم وأن تلك صفة لازمته منذ أمدٍ بعيد .

فليس ثمة نسق واحد نسير فيه ولا وجود لمقصديه واضحة المعالم ننشدها ونريد حقا بلوغها عاجلا أو بالمراهنة على الزمن.

المعْتَقَدُ لدي ولا أزكيه أن السياسي فينا يسيّره أمران: اللحظة السياسية والمصلحة الشخصية وكثيرا ما تتبع الثانيةُ الأولي إذا ما كانت اللحظة بمفهوم الحكم القائم.

لقد خرجنا ل للتو من انتخابات رئاسية أجمعنا فيها على مصداقية برامج الرئيس محمد ولد الغزواني وبقدرته على إخراج البلد من كلّ الأوْحالٍ .

فهل نظن أن ذلك العملَ المُخلَّصَ يتم بين عشيةِ وضحى أم يسود لدى البعض أن برّ الأمان توصلُ إليه الصّدفة و خرْقُ العادة والتّمنّي ,لو كان ذلك كذلك ما كان كلّ هذا .

إن تنفيذ المشاريع ذات الصّلة ببرنامج رئيس الجمهورية لا يتمّ بداهةً بل هو عملٌ مطلوبٌ له الإكمالُ في نواحي عديدةٍ:إعداد الدّراسة –المالُ –تفعيلُ المؤسسات المختصّة وإمدادها بالكادرِ البشري هذه المرّة عملا بالجدارة لا بالشّطارة .

موجبه ما نلاحظ هذه الأسابيع من الإكثار من التأفّفِ من الحالِ  العام اعتقادا أنه حان الأوانُ  أن يري الناسُ تّعهداتِ رئيس الجمهورية وقد تمّتْ على أرضِ الواقع وأن ثمة عَطَبٌ يستدعي العلاجَ.

ولئن كان لنا الحَقٌّ كلّ الحقِّ في أن نصبوّ إلي الإسراعِ في الإنجازٍ فإنّ عدم تبني الواقعية عن قصدٍ وعن غيره هو فصلٌ من فصولِ بذْرِ التشكّي لم يحنْ -بحسبِ العقلِ والقياسِ -موعدُه.

إن البرامجّ المعدّة يخضعُ تنفيذُها لتوفير المقابل المالي ومن قبله وضع الأطر المؤسسية اللازمة.

وهذا أيضا لا يكون في ليلِ واحد أو نهارٍ -وقد حذفت النعتَ جوازا:حذف ما يعلم.

كما أعتقد أن طلب العجلة في تنفيذ التعهدات يوشك أن يخلق ضيقات لا تعدُّ إذا لم نأخذْ في الاعتبار الشروطَ المطلوب توفرها مالا وتخطيطا.

فقد يكون من نتائج التّعجّل عدم تحقيق المرجوِّ وخلق بلبلة يستغلها البعض من من لا يكون همّه إسعاد الأمّة.

ومع أنى لست من دعاة إرضاء النّظام بشكل أعمى فأنا كغيري أعلم أن افتعال الأزمات قد يوّلّدُ  نكدًا لا يخطر على بالٍ.

وفيما يتعلّق بتعهدات رئيس الجمهورية فقد أحصيت منها خمسين قد تكون موضوع بحث آتٍ قريبا ولكن قبل ذلك أشير إلى أنْ ليس فيها ما يمكنُ القيامُ به في خمسة أشهرٍ.  

أنا لا أريد أن يُخيّمَ صمْتُ القبور على الحياة السياسية ولست من المستفيدين من عشرية ولا عشرينية بل أنا من الذين حكمت الأقدارُ بأن يظلّوا مهما كان الظرفُ يفضّلون العافية على الشّرِّ.

  من حقنا جميعا في الموافقة والمعارضة أن نلحّ في  طلب تنفيذ الالتزامات لكن في مناخ سويِّ يضع الأمور في نصابها  ,لا يسمح بالتأجيل الزائد لكنه يراعي مقتضي الواقع ومنطق الأشياء من دون القفز علي عنصر الزمان الذي تتمّ فيه  الوقائع أيا كانت.

لسان حالِ المُسْتَعْجِلَ يقول :افعَلْ ولكنك لن تفْعَلَ وهو بذلك أقرب إلى التعجيزِ منه إلى الإنصاف .

لا شك أن ضِعافَ الأمّة ونحن منهم بأمسّ الحاجة إلى خيْرٍ كثيرٍ ومع ذلك  فمن اللاَّبُدِّيِّ أن نُخْضِعَ  التنفيذ للتخطيط لأن الارتجالَ نتاجه سلبيٌ بالضرورة.

أدام الله عافيته على الجميع...                   

 

 

23. يناير 2020 - 16:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا