منذو استقلال البلد استغل رؤساء موريتانيا كرم هذا الشعب العريق و حرصه على العناية بالزوار،لتمرير خطاباتهم و مشاريعهم السياسية،و شهدت ظاهرة الزيارة الرئاسية،فترة الرئيس معاوية ظهورا كبيرا،جمع بين طياته، الايجابيات و السلبيات.و فى هذا السياق وقت ذاك،ظهر الشعر السياسي التمجيدي، لشخص الرئيس معاوية،و تبارى فى ذلك الشعراء و حرصت كل ولاية،على أن تكون أكثر تميزا و نجاحا،و فى مثل هذه الزيارات، ظهرت أيضا صحافة التسول،و شاع لها اسم "البشمركة"،و كانت تلك الزيارات، فرصة الكثيرين للتواصل مع الرئيس، لتوصيل المطالب و المعلومات،و كانت الزيارة الرئاسية،كلما حلت مناسبتها المنعشة،انتقل أطر العاصمة و غيرهم لوجهة الرئيس!.و الحديث يطول فى هذا الموضوع.
و خلاصة القول،الزيارة الرئاسية، لها ما لها و عليها ما عليها،فهي تنشيط و تحريك للساحة و هذا مهم،خصوصا إذا ما صحبه الاطلاع على أحوال الرعية و التجاوب مع مطالبها،لكن التبذير و تعطيل العمل الرسمي من أجل المبالغة فى الحشد الشكلي،كل ذلك لا داعي له.
و اليوم، سيتوجه الرئيس الإثنين 27/1/2020،لزيارة جدر المحكن، 25كلم شرق روصو ،لتدشين أرض زراعية مستصلحة،و ثمة زيارات لبعض الأماكن فى روصو،و رغم أن الزيارة زيارة عملية قصيرة،تبدأ صباحا و تنتهى مساءً ،من نفس اليوم،إلا أن الإعلام و كذلك السياسيون،ينبغى أن ينتهزوا مثل هذه الزيارات الرئاسية الهامة،حتى لا تتحول لمجرد لمناسبات كرنفالية استعراضية،تخدم الشكل و تهمل الجوهر!.
فهلا كانت هذه الزيارة فرصة للتعريف ب "جدر المحكن"،و التطلع على واقع قطاع الزراعة،انجازات و نواقص.فمنذو عقود أنفقت مليارات الأوقية فى هذا القطاع،و قد ذهبت تقريبا سدى ،دون جدوى،فى جو غالبا من التمييز و الزبونية،و على حساب السكان الأصلييين أيضا،و حتى اليوم مازلنا نستورد مادة الأرز،رغم حصول تقدم ملموس فى هذا الصدد،و نظرا لسوء تسيير موارد هذا القطاع،أطيح بشركة عملاقة عريقة،سونمكس،كان ذكر اسمها فقط يكفى لإثارة التفاؤل و الثقة، لدى جميع الموريتانيين.
أما اليوم فقد أصبحت أثرا بعد عين،للأسف البالغ،ليخرج من شاكلتها أثرياء،مقربون من ولد عبد العزيز،وأما "سونمكس" و موريتانيا، فكانت المتضرر الأول.
و عموما زيارة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى تستحق الحشد، و كذلك التوظيف الايجابي،مثل التذكير دائما بوضعية الطريق الرابط، بين نواكشوط و روصو،لأنها مهمة و منفذ خارجي حساس و محوري.