منظومتنا التربوية ومتطلبات تطوير المناهج / السيد ولد صمب انجاي

تعد المناهج الدراسية العمود الفقري لتطوير المنظومة التربوية ؛ ولقد كان لغياب تلك المناهج تأثيرا بالغا علي منظومتنا التي ظلت تترنح بفعل تحكم القرارات  السياسية  فبها و التي لم تساهم بصفة فعلية  في تقدمها ؛ مما جعلها تتراجع  يوما بعد يوم الي الحضيض الأسفل ؛  سواء تعلق الأمر بمستويات الطلبة ؛ او المدرسين ؛ وأثر  بشكل واضح علي عطائهم المعرفي ؛ نظرا لغياب استحداث المناهج وتطويرها ؛ او السير قدما لمواكبتها للعصرنة .

فالمناهج اليوم  أضحي تطويرها ضرورة  لجعل عملية التعلم والتعليم مواكبة للتطورات الإقتصادية والتكنولوجية والسوسيو _ ثقافية ؛ أي ضرورة الانتقال والاهتمام من الطرق التلقينية التقليدية او العصف الفكري والحفظ ؛ إلي الفهم والاستظهار و الاسترجاع؛ أي تنمية القدرات التفكيرية والإبداعية الابتكاربة لدى التلاميذ ؛  مما يتطلب استحداث المؤسسات التعليمية البحثية وتزويدها بالكفاءات العلمية والامكانات المادية ؛ سبيلا  لإنجاح المهمات المنوطة بهم ؛ وهذا التطوير والتحوير في المناهج يجب أن يكون تشاركيا ؛ أي أن يكون عملية تشاركية يسهم فيه خبراء التعليم المختصين مع قادة الفكر والثقافة والإقتصاد؛ والمشرفين الميدانيين ؛ ومما يساهم في تطوير تلك  المناهج أن تتأسس علي  التقويم  والتكوين المستمر ؛ ذلك أن المنظومة  التربوية  تعاني  الي  حد  كبير  من  غياب  الأهداف والإستراتيجيات  اللاديناميكية ؛ فهي ليست ثابتة ؛ بل ديناميكية ومتطورة ؛ لانها تخضع للمحيط وبالتالي فان هذا الاخير يتغير بإستمرار؛ وتنتابه عدة معوقات ومعضلات ؛ وأولها معوق تطوير المناهج التي تحدثنا عنها آنفا؛ بالإضافة إلي معوقات استراتيجية التعديل ؛ والمعوقات الإدارية والمجتمعية ؛ وهنا لك المعوقات التي تتعلق بتحسين ظروف المدرسين ؛  والمعوقات المتعلقة أيضا  بالبني التحتية الهشة ؛ التي لا تتماشى والمعايير الراهنة ؛ كل هذه العوائق مجتمعة تحد من فعالية المنظومة التربوية وتأثيرها علي الفرد ؛  وخاصة نجاعة المناهج ؛ مما ينجر عنه تفاقم وضعية التعليم والتاثير بشكل تام  علي مخرجاته التي ولدت ميتة؛ بفعل تجاهل تطوير المناهج ؛ اضافة الي تجاهل الوصعية الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المدرس ؛ وضعية ستسمح بتسريع تركه  للحقل التربوي وعدم الاكتراث به ؛ وبعملية تطوير المنهج نظرا لغياب الحوافز ؛ ضف الي ذلك عدم كفاية الميزانية المرصودة لانجاز تلك الاختلالات والمعوقات . 

وهكذا وفي ظل غياب تطوير المناهج  ؛ إلا أن تطوير التعليم أصبح ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة؛ وهو ما تبلور في برنامج رئيس الإجماع الوطني ؛ حيث جعل التعليم احدى أولويات الدولة  بشكل شامل ومتكامل ؛ فقد أولي عناية خاصة للتعليم وهو ماترجمته الميزانية الضخمة المرصودة لهذا القطاع الحيوي ؛ مما حتم ميلاد فلسفة تأسيس المدرسة الجمهورية التي سيستظل بفيئها كل الموريتانيين دون تمييز أو إقصاء ؛ هذه المدرسة التي تتناغم فيها المعاني السامية لمفهوم الوحدة الوطنية ؛ المستلهمة من وحي التعليمين المحضري والعصري  لخلق الإنسان الموريتاني العاض بالنواجذ علي مقدساته  الاسلامية ؛ التواق الي روح التسامح والاخذ بأسباب  االإستفادة من آخر  تطورات التكنولوجيا العالمة ؛ فهذا الإهتمام بالتعلم والأخذ بناصيته هو ما سيؤسس للنهضة والتقدم ؛ باعتبار أن الثروة البشرية هي أهم ما تمتلكه الشعوب؛ وبقدر الاستثمار في العنصر البشري ؛ بقدر ما يتحقق التقدم المنشود ؛ ويعد إهتمام رئيس الجمهورية بأهمية التعليم بمثابة رسم خريطة واضحة المعالم  واستراتيجية شاملة؛ تضع التعليم في مكانته وفي منظومة النهضة الشاملة التي ستشهدها البلاد باذن الله تعالى في كل المجالات .

4. فبراير 2020 - 9:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا