تعد المناهج الدراسية العمود الفقري لتطوير المنظومة التربوية ؛ ولقد كان لغياب تلك المناهج تأثيرا بالغا علي منظومتنا التي ظلت تترنح بفعل تحكم القرارات السياسية فبها و التي لم تساهم بصفة فعلية في تقدمها ؛ مما جعلها تتراجع يوما بعد يوم الي الحضيض الأسفل ؛ سواء تعلق الأمر بمستويات الطلبة ؛ او المدرسين ؛ وأثر بشكل واضح علي عطائهم المعرفي ؛ نظرا لغياب استحداث المناهج وتطويرها ؛ او السير قدما لمواكبتها للعصرنة .
فالمناهج اليوم أضحي تطويرها ضرورة لجعل عملية التعلم والتعليم مواكبة للتطورات الإقتصادية والتكنولوجية والسوسيو _ ثقافية ؛ أي ضرورة الانتقال والاهتمام من الطرق التلقينية التقليدية او العصف الفكري والحفظ ؛ إلي الفهم والاستظهار و الاسترجاع؛ أي تنمية القدرات التفكيرية والإبداعية الابتكاربة لدى التلاميذ ؛ مما يتطلب استحداث المؤسسات التعليمية البحثية وتزويدها بالكفاءات العلمية والامكانات المادية ؛ سبيلا لإنجاح المهمات المنوطة بهم ؛ وهذا التطوير والتحوير في المناهج يجب أن يكون تشاركيا ؛ أي أن يكون عملية تشاركية يسهم فيه خبراء التعليم المختصين مع قادة الفكر والثقافة والإقتصاد؛ والمشرفين الميدانيين ؛ ومما يساهم في تطوير تلك المناهج أن تتأسس علي التقويم والتكوين المستمر ؛ ذلك أن المنظومة التربوية تعاني الي حد كبير من غياب الأهداف والإستراتيجيات اللاديناميكية ؛ فهي ليست ثابتة ؛ بل ديناميكية ومتطورة ؛ لانها تخضع للمحيط وبالتالي فان هذا الاخير يتغير بإستمرار؛ وتنتابه عدة معوقات ومعضلات ؛ وأولها معوق تطوير المناهج التي تحدثنا عنها آنفا؛ بالإضافة إلي معوقات استراتيجية التعديل ؛ والمعوقات الإدارية والمجتمعية ؛ وهنا لك المعوقات التي تتعلق بتحسين ظروف المدرسين ؛ والمعوقات المتعلقة أيضا بالبني التحتية الهشة ؛ التي لا تتماشى والمعايير الراهنة ؛ كل هذه العوائق مجتمعة تحد من فعالية المنظومة التربوية وتأثيرها علي الفرد ؛ وخاصة نجاعة المناهج ؛ مما ينجر عنه تفاقم وضعية التعليم والتاثير بشكل تام علي مخرجاته التي ولدت ميتة؛ بفعل تجاهل تطوير المناهج ؛ اضافة الي تجاهل الوصعية الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المدرس ؛ وضعية ستسمح بتسريع تركه للحقل التربوي وعدم الاكتراث به ؛ وبعملية تطوير المنهج نظرا لغياب الحوافز ؛ ضف الي ذلك عدم كفاية الميزانية المرصودة لانجاز تلك الاختلالات والمعوقات .
وهكذا وفي ظل غياب تطوير المناهج ؛ إلا أن تطوير التعليم أصبح ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة؛ وهو ما تبلور في برنامج رئيس الإجماع الوطني ؛ حيث جعل التعليم احدى أولويات الدولة بشكل شامل ومتكامل ؛ فقد أولي عناية خاصة للتعليم وهو ماترجمته الميزانية الضخمة المرصودة لهذا القطاع الحيوي ؛ مما حتم ميلاد فلسفة تأسيس المدرسة الجمهورية التي سيستظل بفيئها كل الموريتانيين دون تمييز أو إقصاء ؛ هذه المدرسة التي تتناغم فيها المعاني السامية لمفهوم الوحدة الوطنية ؛ المستلهمة من وحي التعليمين المحضري والعصري لخلق الإنسان الموريتاني العاض بالنواجذ علي مقدساته الاسلامية ؛ التواق الي روح التسامح والاخذ بأسباب االإستفادة من آخر تطورات التكنولوجيا العالمة ؛ فهذا الإهتمام بالتعلم والأخذ بناصيته هو ما سيؤسس للنهضة والتقدم ؛ باعتبار أن الثروة البشرية هي أهم ما تمتلكه الشعوب؛ وبقدر الاستثمار في العنصر البشري ؛ بقدر ما يتحقق التقدم المنشود ؛ ويعد إهتمام رئيس الجمهورية بأهمية التعليم بمثابة رسم خريطة واضحة المعالم واستراتيجية شاملة؛ تضع التعليم في مكانته وفي منظومة النهضة الشاملة التي ستشهدها البلاد باذن الله تعالى في كل المجالات .