اللغة هي نسق من الإشارات والرموز، تشكل أداة من أدوات المعرفة ، وتعتبر اللغة أهم وسائل التفاهم والاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة، وبدون اللغة يتعذر نشاط الناس المعرفي. وترتبط اللغة بالتفكير ارتباطًا وثيقًا؛ فأفكار الإنسان تصاغ دومًا في قالب لغوي، حتى في حال تفكيره الباطني1*
وتعتبر اللغة العربية إحدى أهم اللغات العالمية، لما حباها الله به من خصوصيات بلاغية وتوليدية، انفردت بها عن باقي اللغات، إضافة إلى كونها لغة الكتاب المنزل المحفوظ.
وهي ميزة علينا الحفاظ عليها، واستشعار أهميتها، بل والاعتزاز بها، والذود عنها، من كل من تسول له نفسه النيل منها أو التقليل من شأنها، لا أقلها، باعتبارها لغة ديننا وعباداتنا وعقيدتنا المقدسة.
لكن يبدو أن الخطر الداهم على اللغة العربية، انطلق- للأسف - من بني جلدتنا قبل غيرهم، ومن شبابنا دون سواهم.
وظُـلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَـضَـاضَـةً//
عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ.
أولئك الشباب الذين يستغلون مختلف منابر وسائط التواصل الاجتماعي، في صيغة دردشة وغيرها، لتكسير لغتهم بقصد أو بغيره، باستعمال إشارات أو رموز لاتينية، وأخرى عربية بحروف مكررة ومكسرة؛ تسيء إلى هذه اللغة وإلى وجهها وروحها النقيتين الطاهرتين.
وكأنها عاجزة عن التعبير عن ما يختلج في العقل الباطن، أو ما استجدَّ من ابتكارات واختراعات، ولكن هيهات!
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ.
إن الخطر الداهم على هذه اللغة، يجب تفاديه والتصدي له بكل السبل، بل هو الواجب.
والأوجب من كل ذلك، هو تدارس هذه اللغة وتعلمها، ومعرفة ابجدياتها اللغوية نحوا وإملاء، صرفا وبلاغة.
وذلك أضعف الإيمان، مسترشدين بقول "ولد أحمد يوره" أيام الفتوة والزمن الجميل، مستنهضا همم الشباب:
هو الجهل جهل الفقه ليس بجائز//
وجـاهل عـلم النـحو لـيس بـفـائز
وجـهل قـريض الشعر شرُّ غـريـزة//
إذا عـددت يــوما شــرار الـغـرائز.
ولا تــتــرك التــوحيد مـلغى فإنه//
لخــيمة دين المـرء إحدى الركائز.
ولا تــجهــلَـن علـمةالحـساب فإنه//
قبـيح عـلى الفتـيان عـدُّ العجائز.