فخامة الرئيس، بعد ما يليق بمقامكم من الإجلال والتقدير، يسرني أن أرفع إليكم رسالتي هذه لتصلكم قضية تجمع دكاترة العلوم الشرعية المُعَطَّلين مباشرة بدون واسطة؛ لعلمي بحرصكم على رفع الظلم عن شعبكم الذي استأمنكم الله على رعاية شؤونه، سائلا الله -عز وجل- لكم التوفيق والسداد، والعون على تطبيق تعهداتكم الانتخابية، التي جعلت أغلبية الشعب الموريتاني تنتخبكم؛ لأنها رأت فيكم مرشح الأمل في العدل والازدهار، ورفع الظلم.
سيادة الرئيس، رغم حاجة مؤسسات التعليم العالي إلى أساتذة من الدكاترة المتخصصين في العلوم الشرعية، فإنها منذ مدة طويلة لم تكتتب أساتذة؛ مما جعل جل اعتمادها على المتعاونين!
مع أن المتعاونين في المؤسسات لا يخضع اختيارهم لمعايير علمية شفافة نزيه بل تطبعها الوساطة والزبونية!
ولا يخفى عليكم أن هذا وضع شاذ لا يمكن أن يستمر؛ إذ من غير المنطقي أن يكون عدد المتعاونين والمتعاقدين في أي مؤسسة محترمة يفوق عدد الموظفين الرسميين بأضعاف مضاعفة!
ولكن هذا- مع الأسف- هو واقع مؤسسات تعليمنا العالي، ولا سيما المؤسستين الشرعيتين القائمتين: جامعة العلوم الإسلامية بالعيون، والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بانواكشوط.
فعدد الأساتذة الرسميين في جامعة العلوم الإسلامية بالعيون 27 أستاذا فقط، بينما يفوق عدد المتعاونين بها الخمسين!
وليس المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية أحسن حالا بل إن بالمعهد العالي بعضَ الشعب لا يوجد فيها أي أستاذ رسمي كما هو حال شعبة الاقتصاد الإسلامي! مما جعل جل اعتماده على المتعاونين الذين لا يخضع اختيارهم في الغالب للمعايير العلمية والأكاديمية النزيهة الشفافة!
وفيما يلي معلومات عن المؤسستين تبين شدة حاجتهما إلى اكتتاب أساتذة:
أولا: المعهد العالي للدراسات البحوث الإسلامية
المعهد العالي هو أقدم مؤسسة للتعليم العالي في البلد، و"...يعهد إلى المعهد بمهام المشاركة في المجهود الوطني لاستقبال وتكوين الأطر في مجال الدراسات والبحوث الإسلامية واللغة العربية والعلوم المرتبطة بهما" (المادة:3 من المرسوم 22- 2016 القاضي بإعادة تنظيم وسير عمل المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية).
والمعهد العالي مؤسسة تتوسع باستمرار يحتوي الآن على 6 شعب إضافة إلى الجذع المشترك (الشعبة العامة)، كما يحتوي على 5 وحدات للماستر 3 منها جديدة مفتوحة هذه السنة، ورغم التوسع المستمر فإن آخر اكتتاب بالمعهد كان سنة 2007م؛ مما جعل المعهد يعتمد على متعاونيين ومتعاقدين لا يخضع اختيارهم لأي معايير علمية شفافة ونزيهة، بل ليس لها من المعايير سوى الوساطة وعلاقات الزبونية والمحسوبية والمحاباة!
عدد الأساتذة الرسميين بالمعهد
عدد المدرسين الباحثين في المعهد 63
منهم 12 أستاذا في وظائف خارج المعهد(ليست لديهم حاليا جداول في المعهد).
5 أساتذة في جامعة لعيون ما بين رئيس ونائب رئيس وعميد وأستاذ.
أستاذ1 أمين عام وزارة.
4 أساتذة في وظائف أخرى في الوزارات وغيرها.
أستاذ 1 نائب برلماني.
أستاذ 1 سفير.
ما لا يقل عن 3\1 من الأساتذة الرسميين غير متفرغ للتدريس؛ فهم ما بين مدير، ورئيس شعبة، ومنسق ماستر... يخصم 3\1 من جدولهم على الأقل.
عدد من الأساتذة الرسميين (المدرسين الباحثين) أصبح على أعتاب التقاعد.
هذا هو عدد الأساتذة الرسميين في المعهد فقط، وهو عدد قليل جدا؛ لو كانوا متفرغين للتدريس لما سدوا حاجة المعهد، فكيف وهم ما بين من ليس له جدول أصلا، ومن له وظائف إدارية يخصم من جدوله بسببها، ومن هم على وشك التقاعد؟!
لذلك يعتمد المعهد اعتمادا شبه كلي على المتنعاونين والمتعاقدين!
عدد المتعاقدين والمتعاونين في المعهد
عدد المتعاقدين 50 متعاقدا أو يزيدون.
عدد المتعاونيين 40 متعاونا أو يزيدون.
ومن خلال قلة عدد الأساتذة الرسميين، وكثرة عدد المتعاقدين والمتعاونين تظهر شدة حاجة المعهد العالي إلى اكتاب رسمي لعدد كبير من الأساتذة.
وقد دأبت الإدارات المتعاقبة على تقديم أرقام مغلوطة لعدد الأساتذة الرسميين؛ فأحيانا تدعي أنهم 90 وربما ادعت أنهم مائة، وهذه مغالطة لا أساس لها، ومنشؤها أن الإدارات تعد المتعاقدين ضمن الأساتذة الرسميين، وتلك مغالطة واستغلال بشع للمتعاقدين؛ والمتعاقدون لا يستفيدون من هذه المغالطة أي شيء، بل تفوت عليهم فرصة الاكتتاب الرسمي، ثم بعد مدة يتجاوز المتعاقد السن القانونية للاكتتاب؛ فيظهر أنه ضحية مغالط يتمسك بالسراب!
فالمسابقة هي السبيل الوحيد لدخول الوظيفة العمومية؛ وقانون الوظيفة العمومية صريح في ذلك؛ إذ تنص المادة51: من القانون 93-09 المتضمن للنظام الأساسي للموظفين والوكلاء العقدويين للدولة الصادر بتاريخ 18 يناير 1993 على أن:
: "المسابقة هي الطريقة القانونية العادية لاكتتاب الموظفين؛ ويعتبر كل اكتتاب لا يراعي هذه القاعدة لاغيا وعديم المفعول، ويمكن سحبه في أي وقت.
غير أنه يمكن اكتتاب موظفين دون مسابقة في الحالات التالية:
أ) عند التشكيل الأصلي لسلك.
ب) عند إلغاء سلك. ويدمج الموظفون المنتمون إلى هذا السلك في سلك آخر من مستوى مماثل مصنف في الفئة نفسها، ويتم هذا الدمج وفق الشروط المحددة في المرسوم القاضي بإلغاء السلك.
ج) لتشجيع الترقية المهنية، وتحدد النظم الخاصة نسبة الوظائف التي يمكن تخصيصها لأفراد السلك ذي المستوى الأدنى مباشرة من نفس الاختصاص بعد التسجيل على قائمة أهلية إثر امتحان مهني عند الاقتضاء.
ولا يمكن أن تتجاوز هذه النسبة خمسة بالمائة (5%) من الوظائف موضع المسابقة".
وليس من الحالات المستثناة قطعا حالات العقود الموجودة في المعهد العالي؛ فزيادة على عدم شفافية إبرام العقود أصلا؛ إذ ليس لها من المعايير سوى معيار الوساطة والمحسوبية، ومعظم المستفيدين منها ليس لديهم شهادات عليا أحرى الدكتوراه، زيادة على ذلك فإنها لا يمكن إطلاقا أن تتحول إلى اكتتاب رسمي بدون مسابقة؛ إذ "يعتبر كل اكتتاب لا يراعي هذه القاعدة(قاعدة أن المسابقة هي الطريقة القانونية العادية لاكتتاب الموظفين) لاغيا وعديم المفعول..." بنص القانون أعلاه!
وعليه فإن المعلومة المغلوطة عن عدد الأساتذة التي دأبت الإدارات المتعاقبة على ترويجها معلومة لا أساس لها ولا يمكن أن تنطلي على من لديه إلمام بواقع المعهد العالي ولديه اطلاع على القوانين.
عدد الأقسام والفصول في المعهد
عدد الشعب 6 في السنتين الثانية والثالثة تحتوي على 14 فصلا.
عدد وحدات الماستر5، منها ثلاث وحدات جديدة مفتوحة هذه السنة.
معدل ساعات التدريس في كل أسبوع حدود 20 ساعة لكل فصل، مجموع الفصول ما بين الليصانص والماستر حتى الآن 23 فصلا.
مما يعني أن مجموع ساعات التدريس في الأسبوع : 20 ×23=460 ساعة أسبوعيا.
هذا بدون حساب الجذع المشترك(الشعبة العامة) والتي استقبلت هذه السنة ضعف ما كانت تستقبل من الناجحين عن طريق المسابقة، ثم سجل بها جميع الموجهين إلى المعهد العالي، ثم زيد العدد بالموجهين إليه بعد حل أزمة من تجاوز 25 سنة، ثم زيد العدد بملفات كثيرة سجلت بالوساطات؛ مما يجعل المسجلين هذه السنة قرابة 1000 طالب.
وزيادة على ذلك فإن هناك ثلاث وحدات ماستر بدأت في استقبال ملفات الطلبة المترشحين مما سيزيد عدد الفصول وساعات التدريس الأسبوعية زيادة كبيرة.
كل ما سبق يبين شدة حاجة المعهد إلى اكتتاب عدد كبير من الأساتذة.
ثانيا: جامعة العلوم الإسلامية بالعيون
جامعة العلوم الإسلامية مؤسسة تعليم جامعي أنشئت سنة 2011م
و"تتمثل مهمة جامعة العلوم الإسلامية في المساهمة في المجهود الوطني لاستقبال وتكوين الأطر العليا في مجال الدراسات والبحوث الإسلامية والعربية، والمواضيع ذات الصلة..."(المرسوم رقم 113-2011 القاضي بتنظيم وسير جامعة العلوم الإسلامية بلعيون).
منذ إنشاء الجامعة لم تجر سوى اكتتاب واحد!
عدد الأساتذة الرسميين بالجامعة
عدد الأساتذة الرسميين 27 أستاذا.
15 منهم نجحوا في المسابقة التي أجريت بعيد افتتاح الجامعة.
10 أساتذة كانوا في لائحة الانتظار ثم أضيفوا إلى الرسميين.
ثم بعد ذلك أضيف إلى هيئة التدريس بالجامعة ثلاث نسوة، توفيت إحداهن، رحمها الله تعالى وتقبل منها صالح الأعمال.
اثنان على الأقل من الأساتذة الرسميين لهما وظائف خارج الجامعة (ليست لديهم جداول حاليا في الجامعة)، أحدهما عين بالمنطقة الحرة بانواذيب، وعين الآخر مديرا لمؤسسة المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت.
أكثر من نصف هؤلاء الأساتذة الرسميين غير متفرغ للتدريس؛ فهم ما بين مدير، وعميد كلية، رئيس قسم... يخصم 1/3 من جدولهم على الأقل.
عدد المتعاقدين والمعارين بالجامعة
عدد المتعاقدين والمعارين بالجامعة الآن: 54
20 استاذا متعاقدا لديهم عقود من عهد الرئيس السابق د. محمد ولد أعمر.
29 متعاقدا لديهم عقود جديدة، حصلوا عليها هذه السنة؛ 17 منهم اختيروا عن طريق شبكة تنقيط شابها الكثير من النواقص، و12 متعاقدا أضيفوا بعد ذلك عن طريق الوساطة المحضة، وربما زيد ويزاد آخرون بعد ذلك.
المعارون: 5 أساتذة.
فعدد المتعاقدين والمعارين في الجامعة يفوق عدد الأساتذة الرسميين بالضعف!
فالجامعة الآن تحتاج إلى اكتتاب أكثر من خمسين أستاذا
سيادة الرئيس رغم حاجة هاتين المؤسستين الملحة إلى اكتتاب عدد كبير من الأساتذة فإن هنالك دكاترة متخصصين في العلوم الشرعية معطَّلين، اضطر بعضهم للهجرة مع شدة حاجة مؤسسات بلدهم!
ويمتاز هؤلاء الدكاترة المعطَّلون – فخامة الرئيس- بجمعهم الفريد بين التمكن من العلوم المحظرية الأصيلة، وإتقان المناهج الأكاديمية المعاصرة؛ مما جعلهم يمتازون بالجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ومن المفارقات أن عدد هؤلاء الدكاترة قليل جدا مقارنة بحاجة مؤسسات التعليم العالي إلى أمثالهم؛ إذ بعد وقت طويل من التتبع والاستقصاء وجدنا أن الذين يحملون شهادة الدكتوراه في العلوم الشرعية ممن ليسوا في الوظيفة العمومية يقاربون60 دكتورا في أقصى التقديرات، وقد لا يصلون إلى هذا العدد عند التمحيص والتدقيق، وعدد منهم تجاوز السنة القانونية للاكتتاب في الوظيفة العمومية، بينما تفوق حاجة المؤسسات القائمة الآن أضعاف أضعاف هذا العدد!
وتأسيسا على ما سبق فإنني آمل أن تتدخلوا- سيادة الرئيس- لرفع الظلم عن هؤلاء الدكاترة المعطَّلين؛ إنصافا لدكاترة أنفقوا زهرة شبابهم في الدراسة والبحث العلمي، وعانوا من الغربة في سبيل ذلك، وإنقاذا للمؤسسات التي تعاني من قلة الأساتذة وتشكو من فوضى إسناد الأمر إلى غير أهله، وتطبيقا لبرنامجكم الانتخابي "تعهداتي"، ولا سيما ما يتعلق منه بإصلاح التعليم، وبتوفير آلاف فرص العمل للشباب.
وذلك بالدمج المباشر لهؤلاء الدكاترة في مؤسسات التعليم العالي المحتاجة إليهم؛ لأن حاجة المؤسسات وقلة عدد الدكاترة تقتضي ذلك.
وفي الختام تفضلوا – فخامة الرئيس - بقبول فائق التقدير والاحترام، وصادق الود، وخالص الدعاء.