نحن نعرف أن الامبراطورية الفرنسية استعمرت صحراءنا وارتكبت فيها الجرائم الانسانية التي ستخرج ذات يوم للذاكرة حين تكون لنا ذاكرة موحدة للوطن، وفرنسا تعرف أنها استعمرت صحراءنا وأذلت أجدادنا وزاحمتنا في أساليب عيشنا. نحن لا نطلب ـ على الأقل اليوم ـ من فرنسا أن تعتذر عن ماضيها الاستعماري
فهي لم تقم وزنا لمطالب الجزائريين الذين ظلموا أكثر منا و الذين واجهوا من الجرائم ما يفوح به التاريخ الفرنسي من الدموية، نحن لا نطالبها بالاعتذار ولا نريد فتح الماضي معها، نحن فقط نقول لها كفى .
كفى تدخلا في شئوننا الداخلية ، كفى معاملتنا وكأننا لازلنا مستعمرة فرنسية، لأننا سئمنا هذا الوضع فعلا .
حين أصيب ولد عبد العزيز في 13 من أكتوبر الماضي صحا الموريتانيون على يوم مرعب فمن كانوا يظنونه رئيسهم أختفى في جوف طائرة فرنسية وغادر الى مستشفى عسكري فرنسي ولأنه كان أشبه بالديكتاتور لأنه يسيطر على كل مفاصل الدولة دون أن يفلت أي صغيرة فيها وذلك جعل من كل مفاصل الدولة ومصير هذا الشعب متكئة على سرير فاخر في مستشفى عسكري بين الحياة والموت واتضحت في تلك الظروف البصمات الفرنسية الظاهرة على المشهد السياسي في موريتانيا سواء في اللقاءات مع السياسيين أو في اغلاق المعلومات عن الجهات المعنية في موريتانيا ومن بينها عرقلة رئيس الجمعية العمومية مسعود ولد بلخير في الحصول على تأشيرة الى فرنسا .
ترجع الهيمنة الفرنسية على موريتانيا مع بداية نشأة الدولة ، فقد ذكر المختار ولد داداه في مذكراته كما كبيرا من الضغوط التي كانت تمارس عليه في أيام الاستقلال الأولى او قبله بقليل من بينها بعض الاهانات اللفظية .
في الانقلاب العسكري الأول في موريتانيا كانت المخابرات الفرنسية على علم بما سيحصل كبعض أجهزة المخابرات في المنطقة وكان صمتها عبارة عن مباركة للنظام العسكري الذي وجدت فيه ثقبا عملاقا للسيطرة الغير محدودة .
وكان الجنرال لاكاز المهندس الفعلي للإطاحة بولد هيدالة والإتيان بولد الطائع وطبعا كان النفوذ الفرنسي هو الأول في موريتانيا في عدة مراحل من حكم ولد الطائع الى ساءت العلاقة بينه وبين فرنسا هناك بدأ يتضح في الجو العام لسياسة الرجل أنه قد أنتهى ، ثم كان الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله تحت رعاية الملحق العسكري بالسفارة الفرنسية هنا وقد زار سيد "فرانس آفريك" روبر بورجي" مهرجان عزيز الانتخابي بعرفات بشكل علني ، وساهم بشكل كبير في حملة ولد عبد العزيز .
اما في الفترة الراهنة فكل الخيوط عادت إلى يد فرنسا ، السفير الفرنسي هو الحاكم الفعلي لموريتانيا وهو صاحب القرار في الشكل الذي ستكون عليه موريتانيا ، فزيارات الوفود العسكرية الفرنسية تتوالى آخرها كان الجنرال "برونو كليمان" الذي أتى بشروح وافية من الاليزيه لخط الحرب ودور الجيش الموريتاني .
ليس الشعب الموريتاني من يريد ذلك ولكن الطبقة السياسية و اللوبي العسكري النافذ سمح بذلك ، لكن على فرنسا أن تعلم أن عودتها بمحض ارادتها عن التدخل الفج في شئوننا سيكون أحسن لها وأكثر فائدة من أن نعيدها بعد أن يسأم الشعب ذلك التدخل الكريه بطريقة ليس فيها أي خدمة لمصالحها .... على فرنسا أن تفهم ذلك ....