في خطاب له أمام الجمعية الوطنية السنغالية أعلن الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولاند) نهاية عهد ’افريقيا الفرنسية’ حيث قال:
"لقد ولى عصر افريقيا الفرنسية ، وأصبح هناك فرنسا وهناك إفريقيا وهناك الشراكة بين فرنسا وإفريقيا مع علاقات تقوم على الاحترام والوضوح والتضامن".
حديث الرئيس الفرنسي هذا صادف لقاء جمعني مع الصحفي الفرنسي الشهير (اَلان غريش ) ومجموعة من الشباب الموريتاني حيث طلب أحدهم رأيه في كلام هولاند .فرد قائلاً : (لا أظن أن السياسة الفرنسية ستتغير مع قدوم الاشتراكيين رغم خطابهم التحرري الداعم للشعوب المحرومة لكنني أتمنى أن يكون كلام الرئيس صادقاًوأن تنتهي فضيحة "فرانس أفريك").
و(فرانس أفريك )هي شبكات التأثير والنفوذ الخفية، التي دأبت منذ ستينيات القرن الماضي على العمل في الخفى والتدخل في شؤون مستعمرات فرنسا السابقة ..و عراب هذه الشبكة ومؤسسها هو المستشار الشخصي للرئيس الفرنسي ديغول " جاك فوكار". حيث كلفه "ديغول" بإقامة عهد جديد من الاستعمار الفرنسي لإفريقيا.
وتنتهج خلية "فرانس أفريك "إستراتجية تهدف إلى تقديم المساعدة للأشخاص الموالين لفرنسا كي يصلوا إلى الحكم في بلدانهم ومحاربة أي تيار أو شخصية تطمح إلا استقلال بلدها وتحررها من الهيمنة الفرنسية .
واليوم في موريتانيا يعود الحديث عن التدخل الفرنسي ومواصلة باريس رسم الخارطة السياسية في موريتانيا .وذالك بعد دخول موريتانيا في فراغ دستوري بعد إطلاق النار على الجنرال محمد ولد عبد العزيز في 13 أكتوبر 2012.
حيث بدأت بعض الأصوات تبدي انزعاجها وتخوفها من ذالك التدخل خاصة بعد أن قامت فرنسا باتصالات مكوكية ببعض الأطياف السياسية الموريتانية .كذالك لوحظ بعد إصابة الجنرال توافد كبير للعسكريين الفرنسيين إلى موريتانيا وعقد لقاءات مطولة مع القيادات العسكرية –الحكام الفعليين -.أنشطة فرنسا هذه يؤكد بعض المراقبين أنها تندرج في إطار بحث فرنسا عن رئيس جديد لموريتانيا يضمن لها محاربة القاعدة في شمال مالي وبقية مصالحها في موريتانيا .
تخوف هذه القوى لديه ما يبرره ففرنسا طالما كانت الراعي الرسمي لكل عمليات التغيير السياسي في موريتانيا وذالك منذ أن منحتها الإستقلال عام 1960. فالجنرال" عزيز "مثلا قد أتى به الرئيس الفرنسي السابق (نيكولا ساركوزي ) عن طريق خلية "فرانس أفريك " فهي من خطط للانقلاب على الرئيس الموريتاني السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله . وساركوزي دعم الجنرال بقوة و رتب كل شيء حتى فرض على الموريتانيين (إتفاق دكار) الذي تمخضت عنه انتخابات صورية هزلية.
دعم فرنسا للجنرال عزيز كان واضحا و مكشوفا فرجل "فرانس أفريك " وصاحب المهام القذرة (روبير برجي)أبدى دعمه للجنرال وشارك في حملته وقدم له العلاقات.ذالك الرجل الذي اعترف قبل سنة بكل ما صدحت به الحناجر حول خلية (فرانس أفريك )من تدخلات في شؤون مستعمرات فرنسا السابقة و ما قيل حوله هو شخصا من لعب دور رجل المهام القذرة و الوسيط في ممارسات النظام الفرنسي المشبوهة مع حراس المصالح الفرنسية في إفريقيا الفرنكوفونية.
والجنرال عزيز لم يكن أول رئيس موريتاني تأتي به فرنسا فانقلاب معاوية على الطاغية ولد هيدالة كان مهندسه الجنرال الفرنسي (الجنرال لاكاز).
لكن على القوى المشمئزة من التدخل الفرنسي في موريتانيا الوقوف في وجهه بشكل فعال وناضج وعدم الاكتفاء بالكلام والكتابة .عليها التظاهر أمام سفارة فرنسا في نواكشوط والاحتجاج في باريس وخلق حراك فعال رافض للهيمنة الفرنسية وإيصال صوت المواطن الموريتاني إلى الشعب الفرنسي .من أجل إحراج حكام فرنسا الجدد ووضعهم في أزمة أخلاقية أمام شعبهم الذي انتخبهم وكشف كل ألاعيبهم ودعهم للحكم العسكري .حتى تضغط عليهم كي ينزعوا إلى التوقف عن استعمارنا وإدارة وطننا من خلال الأروقة الضيقة والغرف المغلقة . كذالك على القوى المعارضة في موريتانيا التوقف عن قبول أي تسويات ترعاها فرنسا وأن لا ترضخ لأي ضغط منها مهما كان حجمه فقد ولى عهد الاستعمار وساعة الشراكة قد حانت .