تنقصناجميعاوضوح الرؤية حول الواقع والمشاكل التي نعاني وكيف السبيل لمجابهة تخلفنا واسباب ضعفنا وذلناوانعدام شأننا.. ومهانتنا ..فبدون الإلمام بكل حقائق الواقع وتفاصيل مشكلاته يستحيل تصور الحلول والوسائل المناسبة للعلاج قبل ذلك الإلمام.. لن تنفعنا الشكوى وندب الحظ.. ولاأي شيء. فكل علاج مشروط بوضوح الرؤية فعندما يتم إدراك الواقع بالدقة اللازمة. يصبح إمكان البحث عن استخدام الوسائل المناسبة لعلاجه ممكنا وبالمستطاعالعلاج مهماتكن الصعوبة.
فعندما كان نلسن مانديلا يدرك بوضوح واقع بلده ومشكلة العلاقة بين البيض والسود.ومشكلة ممارسة الفصل العنصري والآثار الذي خلف قمع الببض للأكثرية السوداء طيلة عقود. والمعانات التي تعرضت لها الاكثرية . والآلام وأنواع الظلم المحفورة في أذهان الاكثرية السوداء.. والظلم السائد. في توزيع الاراضي.. وفي ملكية البيض لأكثر المزارع غزيرة الإنتاج وتملكهم لأكثرية العقارات...وسيطرتهم ..على جميع المصانع ..والبنوك واستفرادهم في تكوين الجيش والشرطةوالمخابرات وجميع أدوات السلطة .. أمام هذالوضع استطاع نلسن مانديلا بفضل إدراكه الدقيق للمشكلات وبفضل نظرته الثاقبة.. إيجاد حلول لكل المعضلات والمشكلات البالغة التعقيد.. دون تعريض بلده إلى مايضر وحدة سكانه واستمرارنسق حياته وأ منه فتم تصحيح الوضع بتصحيح نظامه ووضع الاكثرية في مكانها في قيادة السلطة وفتح الفرص أمام الجميع في المستقبل بو صفه كفيلا بعلاج الماضي وتعويض مافات.. دون نزع ملكية صناعية أومالية أوعقارية من ملاكها..بل جعل تساوى الفرص سبيلا لتعويض مافات.. وجعل مبدأ.. المصارحة .. والمصالحة.. طريقا وسبيلا لعلاج مآس الماضي واستمر الجيش والشرطة بانخراط الاكثرية دون التفريط في الخبرات السابقة وبهذا واصلت جنوب إفريقيا طريق التقدم كدولة يسودفيها القانون وتساو ىالفرص في نظام ديمقراطي مدني عصري شفاف .
كيف استطاع هذ العبقري مانديلا أن يتجنب تدمير بلده بصراع عنصري لايبقي ولايذر. يهدف فيه المظلومون المضطهدون في بلدهم من طرف أقلية عنصرية تملك كل شيء وتذيقهم مرارة الحرمان استرجاع جزء من ثرواتهم؟ كيف أقنعهم بعدم العمل لاسترجاع الاراضى والعقارات وبعض المؤسسات المالبة والصناعية ؟ الامر الذي كان سيضر كثيرابالأقتصاد وسيؤثر على الأستقرار ! كيف أقنع الطرفين بالتنازل عن بعض الطموح مقابل الاستقرار والمستقبل الواعد..! الذي تتمتع بمزاياه دولة جنوب إفريقيا اليوم.؟
إن وضوح الرؤية مكنت مانديلا من اختراع حلول عبقرية فاجأت العالم كله .وفاجأت المجموعة البيضاء.نفسها.. التي كانت تحكم البلد مماجعلها تبذل ماتستطيع لإنجاح هذه الحلول العبقرية ..وشاركت.. في تسليس وتسهيل المرور من مرحلة الاقلية. إلى مرحلة حكم الأكثرية. وفتحت الباب أمام الكفاآت السوداء للمشاركة في المؤسسات المالية والصناعية وللوصول إلى القيادات الامنية والمخابراتية دون صعوبة تذكر.. إن معجزة جنوب إفريقيا خلقها الوعي الدقيق والإدراك الكامل للواقع ومايصلح فيه ..
. .و.هذالوعي الدقيق والإدراك الكامل للواقع هوالذي جعل المهاتما غاندي يشن حملة نضال سلمي غيرسابق المثال ضدالاحتلال الابريطاني الذي يجسد من القوة والخبرة في أسلوب الحكم لشعوب القارة الهندية التي خبرها طويلا وجعل من تنوعها إثنيا ودينيا وسيلة له.. لتقوية تحكمه فيها ..أمام كل ذلك استطاع المهاتما غاندي.. قيادة الفقراء الحفات .وشبه العرات ..من كل أصقاع الهند ومن مختلف الديانات والطوائف وبؤسلوب سلمي صارم وحازم ومفاجئ للجميع.. وللمستعمر الذي كان يتزود بالقوة لمواجهة .. القوة.. فإذاهو أمام نضال سلمي جدي مصمم. ومؤثر لم يسبق أن عرف العالم له مثال .وأمام هذ العمل العبقري المذهل ..وقف الاستعمار الإنغليزي مذهولا.. وعاجزا..و لم يستطيع بكل حيله وأعوانه وجميع مايملك من خبرة أن يقهر نضالا سلميا ثابتا مخططا وواعيا حتي تحقق النصر.المؤزر.للمهاتما إن رؤية غاندي من الوضوح بحيث لم يؤثر عليهالاالعامل الخارجي.قوة الإنغليز ومكرهم.. ولاالعامل الداخلي.حيث التنوع في تركيبة السكان وتنوع الأديان والمذاهب التي شكلت. مشاكل كبيرة لكنها لم تثني المهاتما غاندي.. ولم تفت ..في عضده... فكان النجاح وجلاء المحتلين واستقلال الهند.!
ولقد كان. هوشيمن ورفاقه . في قيادتهم للفيتناميين ضدفرنسا. أولا وضدإمريكا بعدذلك يتسلحون بالوعي ووضوح الأهداف بحيث واأمو لأسا ليب والوسائل بالغايات والأهداف. فكانت حرب عصابات تحققت فيها خطط عبقرية وانتصارات مذهلة حققت لفيتنام ماأرادته قيادتها العبقرية البطلة. لقدكان وضوح الرؤية هوالذي ساعدمناضلي الهند الصينية عندما قهرو قوتين عتيدتين فرنسا التي كانت تستعمرهم وإمريكا التي غزتهم بهدف حماية ماكان يسما فيتنام الجنوبية.لقدبذل الفرنسيون المستحيل للحفاظ على وجودهم في.الهندالصينية وتجنب الهزيمة وفشلوواستسلمت قواتهم في معركة بيان بيان فو.. ولم ينفع الإمريكيين مارتكبو من فظاعات ومابذلو من جهود فكان مصيرهم الهروب الفاضح والتخلي عن حلفائهم في صايغون . وتركهم لمصيرهم. المجهول..كل ذلك بفضل الوعي وحصافة الرأي..
إن نلسون مانديلا والمهاتما غاندىا وهوشمن ورفاقه.. برغم مايتمتعون به من ذكاء وشجاعة لولم يتمتعو بوعي حقيقي ورؤية واضوحة للواقع. لما استطاعو .تحقيق ماحققو.من منجزات..مبهرةوالتاريخ مليء بالامثلة التي تؤكد الدور الحاسم لوضوح الرأية في أحداث التاريخ فهذاماوتستونغ استطاع استغلال اللحظة التاريخية ادرك نضج الظروف وقام بقيادة معركة المسيرة الكبرى التي أسفرت عبرسلسلة من المعارك الناجحة في اكثر اقاليم الصين عن قيام الصين الشعبية وفي كوبا استطاع فيدل كاسترووحفنةمن رفاقه التقلب على باتيستا وجيشه الضخم وفي فرنسا استطاع الجنرال ديغول فهم حقائق الواقع المختفية خلف الأنتصارات المدوية لجيوش الفوهرر ورفض الاستسلام واظهرالتاريخ بعدنظره والامثل تطول...
وهذه الأمثلة تدلل ..إن مانعيش ومانتعرض له في الحاضر وماتعرضنا له في الماضي من نكسات ومن فشل يعقب فشل مرده كله إلى نقص الوعي وعدم وضوح الرؤية فكل أوجل مانعمل لا يعدو كونه تخبطا وأعمالا غير مدروسة وغيردقيقة وتنعدم فيها الجدية والحزم.. بسبب نقص الوعي وعدم إدراك الواقع..إن التصميم على المواقف والصبر على مكابدة الصعاب والتعرض للمخاطر والأهوال يتأتى من الإيمان بالقضايا واسترخاص الاثمان المطلوبة لتحقيقها لذا لم تكن جهودنا التي بذلت وخطاباتنا الإنشائية.. أكثر من حركات وأصوات بلامعنى. وجعجعة بلاطحين. ففي كل نشاطاتنا. نؤكدضعفنا ولسنا كذلك. وقوة عدونا وليس قويا..لاننا لم نستطع إدراك عناصر القوة لدينا وعناصر ضعف العدو التي تجعل هزيمته في متناول اليد.. فكلما في الأمر أننا لم نعمل أبدا انطلاقا من رؤية صحيحة.. وأسلوب يناسب تلك الرؤية .لاننا بكل بساطة نعيش خارج التاريخ لتحقيق وضوح الهدف المحدد .و الذي يحصل اليقين بضرورته واستأ هاله . للأثمان التي تبذل في سبيله .والوسائل المتناسبة وضرورات إنجازه...