وا أسفاه لما حصل في الغرفة التشريعية؟! / المهابة محفوظ محمد مياره

 أهذا برلمان وطني وأمتي؟

لقد دُهشت كثيرا مما حصل في الغرفة التشريعية هذه الأيام من الطعن والشتم والسب والملاسنات الخاسرة بين شخصيات يفترض أن تكون من أًصحاب الوزن الثقيل في الدولة والمجتمع مما يجنبهم الهبوط إلى درجة الإسفاف والسوقية والنزول إلى أسفل الدركات.

ولاريب أن احترامي لوطني وشعبي وأمتي وغيرتي عليهم هو ما دفعني إلى كتابة هذه السطور حرصا على سمعتنا ومكانتنا ودفعا للشرور والآثام، وبيانا لمفهوم الاختلاف الذي هو صفة حضارية بشروطه وآدابه بعيدا عن الغمز واللمز والهمز وتصفية الحسابات والتنابز بالألقاب على حساب الوطن والشعب والقيم المرجعية.

نعم، إن الاختلاف جائز بين الناس، ولكنه لا يفسد للود قضية، والآراء قد تتضارب، والأمزجة قد تتباعد كذلك، وقد تتنافر المصالح وتختلف، وقد تكون العداوات حاصلة بين الناس ولكن يجب أن تبقى الأخلاق لازمة من لوازم السلوك في كل طرف مهما كانت الظروف والأحوال؛ لأن الانسان يجب أن يبقى إنسانا.

نعم، قد تكون هنالك حصانات دستورية آثمة للنواب بموجبها يكونون محصنين ضد العقوبات القانونية ولكنهم غير محصنين في الشريعة، إذ   لا حصانة لمجرم، ولا في مجتمعنا القبلي مما قد يحصل من التصرفات غير المحسوبة التي قد تمليها ظروف أخرى خارجة عن الشريعة والقانون.

وهنا نتساءل أين حمل الأمانة والمسؤولية، وأين الأدب والأخلاق؟ وأين الهموم الوطنية والمجتمعية؟ وما وظائف النواب ومهماتهم؟ وهل هم فعلا نواب للشعب؟  وهل المسؤولية والآثام واقعة عليهم وحدهم أم أنها كذلك واقعة على من رشحهم واختارهم؟  وهل يمكن لهذه الغرفة التشريعية بهذه المواصفات أن تحقق أهدافها، وأن تساهم في البناء والإصلاح، وأن تكون عونا للحكومة وباقي السلطات الأخرى في تحقيق المقاصد والتعهدات والأولويات.

هذه التصرفات اليوم شائنة ومقيتة ومؤذنة بالفشل كما تدل على أننا مازلنا في أطوار المراهقة السياسية والبرلمانية ونحتاج إلى مزيد من العلم والتعلم والتربية السياسية والحضارية والأخلاق والبصيرة بفقه الاختلاف والحوار وآداب الحجاج والمناظرة.

يجب على رجال الغرفة التشريعية أن يكونوا خلاصة النخب السياسية والثقافية والتربوية والاقتصادية والعلمية ذات التقاليد العريقة في القيم الإنسانية والوعي الحضاري والآداب الرفيعة كما يجب على البرلمانيين إنكار ما حصل وتشنيعه ورفع الصوت بذلك لا السكوت عليه أو تجاهله أو تسويغه.

هذا البرلمان لا يمثلني لما رأيت فيه من الضعف والعجز والهشاشة؛ لذا أدعو بصوت جهوري إلى حله بالطرق الدستورية المتاحة حلا جزئيا أو كليا وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة جزئية أو كلية يختار فيها الشعب أهل العلم والدراية والبصيرة والحل والعقد وحملة الهم الوطني والاجتماعي وأهل التشريع والتمكن في التخصصات المختلفة التي تسمح للبرلمان أن يؤدي وظائفه العظيمة وفق القانون والأخلاق والقيم الحضارية والتشريعية والمتطلبات العصرية.

 

23. فبراير 2020 - 15:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا