لقد مثلت ثقافتنا من خلال تراثنا وتنوعه عنصرا أساسيا في وحدة شعوبنا وإشعاعها في العالم. ويحتم علينا ذلك أن نصون تلك الثقافة ونجعل منها أداة فعالة للتنمية وتأكيد هويتنا وبشكل خاص لتحصين شبابنا الذي يمثل 75% من سكان البلاد من التيارات الإرهابية التي إذا لم يتم القيام بمجهود وطني استباقي، يمكن أن تؤثر على لحمتنا الاجتماعية وتمس شبابنا البريء.
وعليه فإنه من الضروري أن نتعامل مع الجوانب الإيجابي للعولمة مع الحرص في إطارها على صيانة هويتنا الثقافية ومميزاتنا.إن بلداننا مستهدفة من طرف تيارات تتاجر بشبابنا وتعمل جادة لطمس مرجعيته النبيلة.
وتستدعى هذه الوضعية جملة من الأنشطة من بينها وضع إصلاحات على أنظمتنا التربوية لوضع حد للتباين بين شباب مجموعة دول الساحل الخمسةG5)).
ونظرا لما نلاحظه من تغيير في الشباب نفسه، فإنه من الضروري تغيير المناهج التربوية في المدارس للتتجاوب مع التغيرات والتحولات الناجمة عن التطورات العلمية والتقنية؛ مما يحتم علينا إدماج عناصر جديدة تستجيب للمعطيات الحديثة لاسيما، تلك المتعلقة بالبرامج المدرسية لتأخذ خصوصية كل بلد من المجموعة، (التربية المدنية – تقاليد المجتمعات – الدين – حقوق الإنسان – ديمقراطية تشاركية – ثقافة السلم- اتصال من أجل التنمية ..الخ)
ويجب أن تركز هذه السياسة على قبول التنوع الثقافي على المستوي الوطني، والجهوي والدولي طبقا للمواثيق المتعددة في الهيئات (الأمم المتحدة - الاتحاد الإفريقي – الجامعة العربية – اليونسكو- الايسيسكو)، استجابة للنهوض بثقافة السلم وترسيخها في العقول و باختصار وضع ثقافة مفتوحة على الغير في إطار حوار حضاري يلبي مطالب الشباب في عصر تطبعه متغيرات غير محددة في الأصل.
إن تجسيد الآفاق التي يتطلع إليها الشباب في منظمة الساحل وإشراك المواطن في العملية التنموية مرهونين بفعالية السياسيات الإفريقية التنموية والمشاركة البناءة للشباب لانتشاله وتحصينه من التيارات الإرهابية التي تتربص به.
إن هذا الواقع يتطلب من حكومات دول الساحل 5G إِشراك الشباب في عملية التنمية في إطار إستراتيجية ترمي إلى تمكين الشباب من المسؤولية والإشراف ودمجه لحلحلة المشاكل البنيوية التي تستهدفه. ولذا ينبغي النهوض بهذا التوجه المبني على التسامح الهادف إلى الوسطية ونبذ كل أنواع التطرف والعنف, كما يجب أن يشمل هذا المسار احترام الحريات الفردية والجماعية وإرساء حرية التعبير وتأطير الشباب لبناء ركائز مبادئ حياة يطبعها العيش معا لشبابنا.
وانطلاقا من الواقع المتعثر، قام أصحاب الفخامة رؤساء بلدان الساحل وبشجاعة بإنشاء مجموعة إقليمية دولية تهدف إلى رفع هذه التحديات. واغتنم هذه السانحة لنهنئ رؤسائنا على حكمتهم النيرة ونثمن عاليا تضحياتهم والاهتمام الذي يولونه لشعوبهم راجين لهم المزيد من النجاح ولمجموعتهم- مجموعة الساحل- التي فاجأت استراتجيها الأمنية الدول العظمى والعالم كله. فإننا ندعو نحن الشباب حكومات المجموعة إلى إعداد استراتيجيات تنموية تعمل على توجيه شبابنا كأداة فاعلة في المقاربة الأمنية في محاربة التطرف والعنف.
وأصبح من الملح إنشاء هيئة تابعة للأمانة العامة للمجموعة G5تكلف بترقية الشباب ودمجه في الحياة النشطة على أن تتمحور مهام تلك الهيئة حول الأولويات التالية:
العمل على التصالح مع الذات من خلال التبادل الثقافي المكثف (زيارات علماء وأئمة واستثمار الكنوز البشرية الحية لكل البلدان الأعضاء).
العمل على تبني الشباب لمبدا الحوار والتفاعل الإيجابي لمحاربة التحديات التي تهدد بلدان الساحل من خلال إشراك الشباب في العملية الديمقراطية، (الأحزاب السياسية، والمناصب الانتخابية).
التنسيق مع الجهات المعنية على توفير فرص العمل طبقا لمتطلبات سوق العمل في البلدان وفي المنطقة.
مضاعفة جهود محاربة الفقر والبطالة مع منح عناية خاصة للشباب الأكثر هشاشة.
ترقية مشاريع الشباب والأنشطة ذات الطابع التربوي والاجتماعي وتنمية الحياة الجمعوية بالإضافة إلى توفير البنى التحتية.
العمل على ديمومة وتمويل وتأطير الحرف التقليدية التي كانت المصدر الوحيد للعيش – زراعة – تنمية حيوانية- صناعات تقليدية ...).
كما يجب أن تأخذ هذه الهيئة بعين الاعتبار تطلعات شباب كل بلد من المجموعة من خلال:
تشجيع وتسهيل إنشاء مؤسسات شبابية من خلال إنشاء صندوق لتمويل مشاريع (صغرى ومتوسطة ذو طابع تكنولوجي وصناعي) لفائدة حملة الشهادات الجامعية والشباب العاملين في القطاع غير المصنف مع منح عناية خاصة للفتيات في دول الساحل.
تقديم الدعم الفني والبشري والمالي لأنشطة الشباب بصورة عامة والشباب في الريف مع منح عناية خاصة للفتيات.
تنمية ثقافة التجديد من خلال إنشاء قطب للبحوث العلمية لصالح شباب (G5)
وضع شراكة بين قطاعات الشباب والرياضة، التهذيب والثقافة في البلدان من أجل دعم البحوث العلمية للشباب.
توجيه الشباب نحو التحديات البيئية ليستفيدوا من سياسة الاقتصاد الأخضر العالمية التي توفرها هذه النظرة للاقتصاد المستديم.
تشجيع إنشاء شبكات للشباب الأكاديميين في جامعات بلدان المجموعة.
تشجيع وضع شبكة تطوع شباب (G5) لدمجه في المنظمات والبرامج الثنائية والإقليمية والدولية.
تشجيع فتح مقاعد دراسية لشباب المنطقة داخل الجامعات ومراكز التكوين المهني.
إنشاء شبكة للحكماء لتبادل الخبرات والتمرن على حل النزاعات عن طريق الحوار.
السهر على إشاعة العدالة الاجتماعية في كل بلداننا مع منح عناية خاصة للشباب في الوسط الريفي وإشراكه في تسيير المشاريع التي تستهدفه.
إن التحديات الراهنة وخاصة وجود الشبكات الاجتماعية التي لا تخضع لأي رقيب تفرض على شعوبها يقظة قصوى وحذرا من أجل صيانة المصالح العليا لبلداننا وخاصة ما يتعلق منها بالشباب.
ولا شك أن إنشاء الهيئة المنوه عنها، والتي نقترح أن تحمل إسم "مجموعة G5 للرفاهية شباب الساحل" سيمكن من محاربة و تبني الآليات الكفيلة بمحاربة الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة.
وفي الختام، فـإن شبابنا مدعو للعمل في المرحلة الراهنة إلى الاندفاع و المشاركة الفعالة في المقاربة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والقيام بالدور المنوط به لضمان الرخاء لكل مكونات شعوبنا، وكما يقول المثل الإفريقي: "إن شعبا ليس بجائع لا يمكن أن يندثر أبدا"