بث الله الجنس البشري من زوجين اثنين هما : أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام ، فكان الناس جميعا سواسية في الأصل والمنشئ لا فضل لأحدهم على الآخر من جهة الخلق والتكوين .
ثم لحكمة بالغة جعلهم شعوبا وقبائل للتعارف والتآلف ،لا للتفاخر و التخالف، وجعل الاعتزاز بالعرق والتشبث به والعصبية للنسب من الصفات الجبلية للإنسان لا ينفك عنها إلا بمجاهدة النفس والارتقاء بها من هوة العصبية البغيضة، إلى النظر في حقيقة الإنسان وأصل منشئه .
وقد طال الحديث ببلدنا واستطار خلال الأيام الماضية حول موضوع: "القبيلة والعرق " مابين داع إلى التشبث بالقبيلة ومعتبرا أن الولاء لها أولى من كل الو لاءات الأخرى ، وبين قائل بأن اعتبار القبيلة يتعارض بل يتناقض مع مفهوم الدولة ، ورأي آخر يعتبر دعاته أن الولاء في بلدنا إنما هو للعرق فحسب يروجون لذلك خارج البلد!!!
وقد استحثني هذ النقاش للمشاركة فيه بإ براز الحكم الشرعي منه - ولو بشيء من الإيجاز- ، ثم إبداء رأيي حول واقع بلدنا من العنصرية والعبودية :
مواضع القبول :
المتتبع للقصص القرآني لا يخطئ ذكر الأهل ، والعشيرة ، والرهط ، وغالبا ما يكون ذلك في سياق التقرير والقبول : فهذا لوط عليه السلام يتمنى لو يكون له منعة من عصبته يستطيع بها منع ضيوفه من خبث قومه وفاحشتهم قال تعالى حكاية عنه : {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود: 80]الركن الشديد: العشيرة، وما يمتنع به عنهم هو ومن معه .فتح القدير للشوكاني (2/ 584)
وهذا شعيب عليه السلام : يهابه قومه رغم تكذيبهم له وعدم قبول دعوته خوفا من حماية قومه وبطش عشيرته قال تعالى حكاية عنهم " قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ" سورة هود الآية (91) وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ أي قومك لولا معزتهم عَلَيْنَا لَرَجَمْنَاكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ أي ليس عندنا لك معزة. تفسير ابن كثير (4/ 298
ولما هم قوم صالح بقتله كان لزاما عليهم أن يعدوا حجة يعتذرون بها لأهله لئلا يطلبوا ثأره وينتقموا من قتلته ، قال تعالى حكاية عن خطتهم :{ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} (49)
وقد امتن الله على النبي صلى الله عليه وسلم بإيواء أبي طالب ومناصرته له هو و قومه من بني هاشم فقال تعالى : "{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} " سورة الضحى (6) فَبعد وفاة جده كَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيَرْفَعُ مِنْ قَدْرِهِ وَيُوَقِّرُهُ وَيَكُفُّ عَنْهُ أَذَى قَوْمِهِ بَعْدَ أَنِ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عُمْرِهِ، هَذَا وَأَبُو طَالِبٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ. تفسير ابن كثير (8/ 413
وهو القائل في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصيدته الطويلة :
كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ........ ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع دونه ........ ونذهل عن أبنائنا والحلائل .
ولا يخفى ما في هذه النماذج القرآنية من غناء العشيرة ودورها العظيم في الدفع عن رسل الله وتمكينهم من إيصال دعوتهم وتبليغ رسالاتهم رغم بعد قومهم من الاستجابة لما جاءو به .
ومن المنافع المعتبرة للقبيلة أن الإسلام جاء بفرض مواساتها للجاني عن طريق الخطإ ومشاركته في تحمل الدية بشروط معروفة معلومة ليس هذا محل بسطها ، وجعلت ذلك حقا له على عشيرته لا منة لها عليه فيه .
مواضع الرفض :
هذه المنافع المتقدمة -رغم أهميتها – لم تمنع الشرع من التنديد بسلبيات القبيلة :كالعصبية المقيتة المجردة من الالتزام بالحق ونصرته، والمبنية على دعوى الجاهلية المحضة القائمة على المعنى الحرفي لنصرة الأخ ظالما أو مظلوما ، والتي كانت من صفات المدح الصريحة في المجتمع الجاهلي :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ماقال برهانا
بل تواترت نصوص الشرع على رفض هذه العادة وحذرت منها ، وقصرت مشروعية الولاء والنصرة على صاحب الحق ولو كان غريبا، ومنعت موالاة الظالم و مساندته والركون إليه ولو كان قريبا ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: 135] وقال تعالى : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ [هود: 113] . وبين النبي عليه الصلاة والسلام المعنى الصحيح لنصرة الأخ الظالم فيما رواه أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: «تأخذ فوق يديه» صحيح البخاري (3/ 128)
-كما حذر الشرع من اتخاذ الأنساب والأعراق ، ذريعة للتفاخر والتكبر والتعالي، أو معيارا للخيرية والتفاضل فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13،] يعني إنكم إ إنما تتفاضلون عند الله بالتقوى لا بالأحساب. تفسير ابن كثير (7/ 386.
وعن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: «طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته القصواء يوم الفتح، واستلم الركن بمحجنه، وما وجد لها مناخا في المسجد حتى أخرجت إلى بطن الوادي، فأنيخت، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: » أما بعد، أيها الناس، فإن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، يا أيها الناس، إنما الناس رجلان بر تقي كريم على ربه، وفاجر شقي هين على ربه «، ثم تلا: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا} صحيح ابن حبان (9/ 137
وعن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أنسابكم هذه ليست بمسبة على أحد، كلكم بنو آدم، طف الصاع لم تملئوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو تقوى، وكفى بالرجل أن يكون بذيا بخيلا فاحشا» مسند أحمد مخرجا (28/ 651)
ولما تنازع الماهجري والأنصاري على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر دعوتهم الجاهلية في تلك الخصومة بل وقف في وجهها بكل حزم ، ووأد تلك الفتنة في مهدها ،: فعن جابر بن عبد الله، قال: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، قال فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال: «ما بال دعوى الجاهلية؟» ، فقالوا: يا رسول الله، رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار، فقال: «دعوها، فإنها منتنة» .صحيح ابن حبان (14/ 545)
ومن خلال ما سبق يتبين أن الشرع الحنيف يقبل من القبيلة جوانبها الإيجابية ويعتبرها رابطة مشروعة ما لم تتعارض مع مقتضياته ومثله العليا :من ٌإقامة العدل بين الناس ، والتساوي أمام شرائعه وأحكامه ، وعدم التفاضل بينهم إلا بتقوى الله والخضوع لأوامره ، فأي دعوة للقبيلة لم تراع هذه الضوابط فهي دعوة باطلة ، وستكون آذان أهل هذا البلد المسلم عنها صما وقلوبهم عنها عميا . إن شاء الله ، وما يقال في القبيلة يقال في العرق والعنصر لأن ما يجري على المثل يجري على المماثل .
وفيما يتعلق بالعلاقة بين القبيلة والدولة فإن تلك العلاقة الأصل فيها أن تكون علاقة تكامل وانسجام ، لا تعارض بينها ولا صدام ، لأن الدولة هي المهيمنة على القبيلة ، و الحامية لبيضتها ، والممسكة لعقد المجتمع ، والضامنة لوحدته ، فإذا انفرط عقدها –لا قدر الله - أو زالت هيبتها من نفوس الناس سادت الفوضى ، وفشت الجريمة ، وأطلق الحبل على الغارب للمرجفين والمفسدين ، فالواجب على المسلم أن يلتزم بما يصدر عنها من قرارات ، وما تنشره من تعميمات لا تخالف الشرع ولا تدعو إلى معصية .
موقف بلدنا من العنصرية والعبودية :
يتكون المجتمع الموريتاني من عدة أعراق يختلفون في الأمور الشكلية : اللون ،العرق، اللغة ، وتجمعهم روابط الدين والوطن الأساسيين ، ومنذ نشأة الدولة الحديثة بل قبلها بقرون وهم يتعايشون على هذه المساحة الشاسعة باحترام وانسجام ، لا ضغائن بينهم ولا حزازات ، يتقاسمون الأفراح والأتراح ، ويجتمعون في المساجد والكتاتيب ، و يتزاحمون في المدارس والمستشفيات والأسواق وكل المرافق العمومية ، وإن وقعت بينهم بعض الخلافات فإنها لا تعدو أن تكون سحابة صيف سرعان ما تنقشع ويعودون إلى سابق الود والوءام .
ومنذ بزوغ فجر الديمقراطية بموريتانيا بداية تسعينات القرن الماضي، تأسست جمعيات ومنظمات رافعة لواء الحقوقية ومطالبة بإنصاف هذه الشرائح ، وهم محقون في ذلك مادامت مطالبهم موجهة إلى الأنظمة ، دون إقحام الشعب في صراعات عرقية وطائفية هو منها براء ، وقد انقسمت هذه المنظمات إلى نوعين :
أولا: منظمات مطالبة بإنصاف الزنوج :
وقد قامت هذه المنظمات على أساس المطالبة بمظالم يعتبرون أنها ارتكبت في حقهم خلال فترة نظام ولد الطائع وتحديدا في السنوات الأخيرة من ثمانينيات القرن الماضي وبداية التسعينيات ، وبرأيي أن هذه المظالم – رغم استنكاري لها – لم ترتكب على أساس عنصري ، وإنما قام بها ذلك النظام دفاعا عن عرشه ، حيث استهدفت تلك التصفيات التي قيم بها آنذاك أغلب العناصر التي شاركت في محاولة انقلاب : 1987 ، والذي لم يخل هو الآخر -حسب بعض المتابعين - من نزعة عنصرية إذ أن جميع المخططين له والمشاركين فيه من شريحة واحدة .
ويشهد لهذا الرأي ما حدث في عهد الرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة من تصفية قائدين من أعلى شريحة البيض بيوتا وأشرفهم نسبا فور فشل محاولتهم الإطاحة به ، وهو المصير نفسه الذي كان سيخضع له قادة انقلاب 2003 من شريحة البيض ، من قبل الرئيس السابق معاوية ولد سيداحمد الطائع لولا أن الظروف الإقليمية والدولية ، وصوت المنظمات الحقوقية تختلف في القرن الواحد والعشرين عنها في القرن العشرين ، ومع ذلك فقد دفعت قبائل عريضة من البيض ثمن هذه المحاولة ، من تسريح عناصرها العسكرية والتضييق على مدنييهم ، وحكم على المشاركين في الانقلاب بأحكام تتراوح بين المؤبد وفترات طويلة .
وبعد سقوط نظام ولد الطائع لم تأل الأنظمة الأخرى جهدا في رتق ذاك الخرق ، وتضميد تلك الجراح ، وكانت للرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله جهوداكبيرة في هذا الصدد نظمت بموجبها صلاة الغائب على الضحايا في مدينة كيهيدي ، وتم استقبال العائدين من الجارة السينغالية ودمجهم في الحياة النشطة.
ومن خلال هذه الأمثلة أريد الوصول إلى أن الأنظمة الموريتانية –برأيي – قد توصف بكل وصف سلبي غير العنصرية كما أنه لا عنصرية بين المجتمع نفسه فكم من بيض لهم رضاعات وخؤولة من مجتمع الزنوج يعتزون بها ويفتخرون على أقرانهم من البيض ، وكذلك الحال بالنسبة للزنوج ، لكن من يقتاتون على مثل هذه النزاعات العرقية ، ويعتاشون على التحريش بين المجتمعات المسلمة لا يودون له الوحدة والائتلاف بل يسرون برؤيته في قمة التدابر والاختلاف ، لكن هيهات أن تتحقق أحلامهم وأن يشقوا صف هذا المجتمع الذي تجمعه وحدة الدار والجوار ، والإسلام وبعض الأرحام .
ثانيا : منظمات الدفاع عن العبودية :
تعتبر شريحة لحراطين " المماليك قديما " من شرائح ومكونات هذا البلد المسلم ، ولا تختص بعرقية دون أخرى – كما يروج له بعض الحقوقين – وتتميز هذه الشريحة خصوصا منها الناطقين بالعربية بطيبوبة نادرة وتدين أصيل، ومما لا شك فيه أنها قد تعرضت حقوقها لانتهاكات كبيرة عبر تاريخ هذا البلد ومع قيام الدولة الحديثة 1960بدأت جهود حثيثة لتخليص المماليك من الواقع الذي يعيشون فيه ،فنص الدستور الموريتاني على "مبدإ المساواة الكاملة بين الموريتانيين بغض النظر عن مشاربهم العرقية والاجتماعية " وفي سنة 1978 صدر قانون يحرم ممارسة الرق ، وفي سنة 1981 م أصدر علماء موريتانيا فتوى شرعية تحرم الرق وتنص على أن : " كافة الممارسات المحتملة بعد هذا التاريخ باطلة شرعا وعلى كل الجهات المعنية العمل على إنهاء المخلفات الناجمة عن هذه الظاهرة عبر التاريخ " ومن ذلك الحين والأرقاء السابقون يتمتعون بكامل الحرية ، ويملكون نفس الحقوق التي يملك أسيادهم .
إلا أن هذه الجهود لم تقنع بعض مثقفي هذه الشريحة فأسسوا منظمات حقوقية لمكافحة الرق وآثاره كان من أهمها منظمة " نجدة العبيد "بقيادة بو بكر ولد مسعود ، ولهذه المنظمة إسهامات مشهودة في هذا المجال تم بموجبها إنصاف عدد من ضحايا العبودية ، وتخليصهم من براثين الاسترقاق بفضل جهودهم المحلية، وتتميز هذه المنظمة بتولي عناصر من البيض مناصب قيادية في هرمها .
وفي العشرية الأخيرة سطع نجم المدعو : بيرام الداه اعبيدى حاملا لواء الدفاع عن حقوق الأرقاء السابقين تحت اسم منظمة محظورة تدعى منظمة وقد تميز خطاب هذا الأخير بكثير من الحدة والتطرف في الخطاب ، خصوصا في حق العلماء الموريتانيين وبعض مدونات الفقه المالكي، أدت به إلى حرق بعضها بذريعة ترسيخها للعبودية في البلد .
كما ارتمى بشكل كبير -حسب بعض المصادر- في أحضان عدد من المنظمات الغربية والصهيونية منها على وجه الخصوص ، كما اتسمت علاقته بالنظام الحاكم بنوع من الضبابية وعدم الوضوح حيث اعتقله عدة مرات وفي نفس الوقت سهل له الترشح للرئاسيات خلال فترتين متتاليتين أحرز خلال الأخيرة منهمنا النسبة الأولى للمعارضة المنافسة ، كما سمح له بالرشح للنيابيات من السجن ، في الوقت الذي منع غيره من ذلك " محمد ولد غدة مثلا " .
ومما يؤخذ على السيد: بيرام – حسب بعض المراقبين - أنه لم يقدم شيئا ملموسا للأرقاء رغم ما حازه على ظهورهم من جوائز عالمية في فترة وجيزة، مما جعل البعض يشكك في مصداقيتها ويعتبرها محاباة له لخدمة أجندة خارجية، بعيدا عن قضية العبودية العادلة .
غير أن القطرة التي أفاضت الكأس هي تصريحاته الأخيرة حول واقع العبودية في موريتانيا ، والتي اعتبر فيها أن هذا البلد المسلم يعيش عنصرية مقيتة تجعل التمايز بين مكوناته على أساس عرقي بحت!!!، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
وعموما فإن قضية العبودية في موريتانيا رغم عدالتها، لما تجد من يعطيها حقها من النضال الشريف والحديث عنها – حسب رأيي- ينبغي أن يتركز حول محاربة التهميش ومحو آثار الاسترقاق ، لأن الرق بمفهوم استعباد الآخر لم يعد موجودا في موريتا ، وإن وجدت منه حالات فهي قضايا أعيان لا ترقي إلى تسميها بالظاهرة، ويتوجب على الدولة قطع الطريق أمام المتاجرة بها وذلك بالرفع من مستوى المعيشة لهذه الشريحة ، وتوفير الخدمات اللازمة لها ، من تعليم ، وصحة ، وإرشاد ، وهو ما نأمل أن تتضلع به المؤسسة الجديدة : المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء " تآزر" فهل ستنجح في هذه المهمة أم أن قضية الاسترقاق ستبقى ورقة رابحة للتسويق والاتجار ؟
.